«بوعسكور» استهدف بث الشائعات المغرضة والإيهام بوجود قلاقل في البلاد

اعترافات ضابط المخابرات القطـــري: الدوحة أنشأت إدارة رقمية لاستهداف الإمارات

صورة

اعترف الملازم ثاني بسكرتارية رئيس جهاز أمن الدولة القطري (المخابرات)، حمد علي محمد علي الحمادي، بأن الجهاز أنشأ إدارات رقمية، لرصد كل ما يبث على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنشأ حسابات بأسماء وهمية على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«إنستغرام»، من أجل استهداف دولة الإمارات العربية المتحدة، والإيحاء بوجود تذمر في صفوف مواطنيها.

وبثت قناة أبوظبي، مساء أمس، تقرير «النوايا المبيتة»، وتضمن اعترافات تفصيلية لضابط المخابرات القطري، الذي ألقي القبض عليه وحوكم وأدين، ثم عفا عنه صاحب السمو رئيس الدولة، يحكي فيها بالتفصيل مؤامرة جهاز أمني في قطر على السعودية والإمارات.

وتعرف القضية إعلامياً باسم «بوعسكور»، وهو عنوان حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، استهدف إثارة الاضطراب في الإمارات، ببث الشائعات المغرضة والإيهام بوجود قلاقل بالبلاد.

وبدأت القصة قبل سنوات، عندما رصدت أجهزة الأمن الإماراتية حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تسيء لدولة الإمارات ورموزها، وكان من الواضح أنها تتبع أرقاماً هاتفية إماراتية، وأن مستخدميها إماراتيون، ولم يكن الأمر خارجاً عن المألوف فقط بل وصعب التصديق، إذ من غير المعقول القبول بفكرة أن مواطناً إماراتياً، يمكن أن يستخدم رسوماً مسيئة وتعبيرات بذيئة بحق بلاده وقيادته، لذا بدأ الأمن بتعقب هذه الحسابات، خصوصاً حساب «بوعسكور»، وبعد فترة من المراقبة، تبين أن الرسائل المسيئة تأتي من قطر، ورصدت أجهزة الأمن القادمين من هذه الدولة، حتى تمكنت، أخيراً، من وضع يدها على شخص، اكتشفت لاحقاً أنه أحد عناصر جهاز أمن الدولة القطري (المخابرات).

قمة جبل الجليد

أفاد تقرير «النوايا القطرية المبيتة» بأن قضية الإساءة إلى رموز دولة الإمارات، من قبل أجهزة الأمن القطرية، لا تشكل سوى واحدة من قضايا عدة، حاولت فيها دولة قطر النيل من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وغيرها من الدول العربية، فهي ليست سوى قمة جبل الجليد، الذي يخفي تحته ما يخفي من مؤامرات.


• المتهم المعفي عنه اشترى خمسة خطوط إماراتية، وشحنها بـ25 ألف درهم، لاستخدامها في الإساءة إلى الإمارات.

وأضاف الحمادي (33 عاماً) أنه «التحق بسكرتارية رئيس جهاز أمن الدولة القطري في ديسمبر عام 2013، وكان يرافق رئيس الجهاز في سفرياته للعمل، كما أنه كان من مهام عمله مرافقته له خارج الدوام، إضافة إلى أشياء شخصية كان ينجزها له، أو أشياء بيته في الأمور الخاصة».

وأوضح أنه «قبل أن يلتحق بسكرتارية رئيس الجهاز، كان يعمل مع مساعد رئيس الجهاز لشؤون العمليات، المقدم جاسم محمد عبدالله، الذي طلب منه في 15 سبتمبر 2013، الحضور إلى مكتبه، حيث أعطاه 25 ألف ريال قطري من نثريات الجهاز، لتنفيذ مهمة

تتلخص في التوجه براً إلى الإمارات، لشراء خمس شرائح هاتفية، وتعبئة كل شريحة برصيد 5000 درهم، بهدف إمكانية استخدامها دولياً».

وتابع: «سألته عن السبب، فقال على أساس يكون فيه (رومينج وإنترنشونال ويوتيوب)، ولم يكن عندي علم بسبب تعبئة الأرقام بهذه المبالغ الكبيرة، وسألته عن السبب مرة ثانية، فقال لي نفذ وما تناقش».

وتوجه الحمادي من الدوحة إلى مركز سلوى الحدودي مع السعودية، بين الساعتين الخامسة والسادسة مساء، واشترى خمس بطاقات سعودية مفعلة بباقات الإنترنت، وبعدها توجه إلى معبر الغويفات الإماراتي بسيارة تويوتا «إف جا» سوداء رقمها 355523 ملك أخيه (محمد)، ودفع 100 درهم رسوم تأمين، وبعد إنهاء معاملة الدخول، توجه إلى إحدى البقالات القريبة واشترى خمس شرائح هواتف إماراتية دون أن يطلب منه البائع صورة بطاقته، كما اشترى أربعة أجهزة هاتفية، واستخدم أيضاً هاتفه الشخصي لوضع الشرائح فيه.

وقال: «طلب مني المقدم جاسم شحن الشرائح داخل شبكة الإمارات، لصعوبة تنفيذ ذلك خارج شبكتها، وبالفعل تولى البائعون الآسيويون عملية شحن الشرائح، عن طريق الرصيد الإلكتروني والكروت اليدوية، وتمت تعبئة كل شريحة بمبلغ 5000 درهم، بإجمالي 25 ألف درهم، وبعدها نزعت الكروت من الهواتف، وغادرت».

وفي اليوم التالي 16 من سبتمبر 2013، استقل سيارته، وعاد إلى معبر الغويفات الحدودي، ومنه إلى معبري سلوى وأبوسمرة، وأخيراً إلى العاصمة القطرية الدوحة.

وتابع: «كلمت جاسم عندما كنت في الطريق، وقلت له أنا أخذت الأغراض التي كلفتني بها، لكن عندما وصلت إلى الجهاز كان قد غادر العمل، وتواصلت معه واتفقنا أن أسلمه الأغراض لاحقاً، وأخبرته بأنني دفعت 1200 ريال كلفة شراء الكروت السعودية والبترول والتأمين».

وواصل: «توجهت إلى مقر جهاز أمن الدولة، وسلم جاسم الخطوط إلى مدير الإدارة الرقمية، النقيب حمد خميس الكبيسي، الذي كان موجوداً معه».

ووفق التقرير المصور، عهد حمد خميس القبيسي بالخطوط الإماراتية إلى الملازم راشد عبدالله المري، والملازم عامر محمد، لاستخدامها في إنشاء حسابات وهمية على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«إنستغرام»، ومن أشهر المواقع الوهمية التي أشرف عليها جهاز أمن الدولة القطري موقع «بوعسكور»، الذي كان ينشر شائعات وأكاذيب وهمية عن الإمارات، باستخدام ألفاظ وكلمات أثارت استغراب الجميع بسبب بذاءتها.

وكشف الحمادي أن «الإدارة الرقمية هي التي أنشأت حساب (بوعسكور)، وحساب (قناص الشمال)، والحسابات الأخرى التي تسيء إلى دولة الإمارات، واستخدمتها لمهاجمة دولة الإمارات، ورموزها، والمغفور له الشيخ زايد، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بالإضافة إلى الفريق ضاحي خلفان، وصار الهجوم من خلال الصور المسيئة، التي كانت توضع بـ(إنستغرام)، وأعتقد أن الخطوط السعودية، تم استخدامها للإساءة للسعودية».

العفو عند المقدرة

اكتشفت أجهزة الأمن، في الإمارات، مصدر الحسابات الوهمية المسيئة للدولة وقيادتها، وبعد أشهر قليلة ألقي القبض على الضابط القطري حمد علي محمد علي الحمادي، إثر عبوره الحدود إلى الإمارات مرة أخرى.

واعترف بالتفاصيل، في التحقيقات وأمام النيابة وأمام المحكمة التي أدانته وحكمت بسجنه 10 سنوات، لكن الإمارات لم تعلن وقتها عن اسم (الدولة الخليجية) التي ينتمي إليها، حرصاً على أواصر الأخوة بين شعبي البلدين.

وأصدرت المحكمة حكماً غيابياً بالسجن المؤبد، على أربعة آخرين من جهاز أمن الدولة القطري، هم: مساعد رئيس جهاز أمن الدولة للعمليات، المقدم جاسم محمد عبدالله، ومدير الإدارة الرقمية بجهاز أمن الدولة، النقيب حمد خميس الكبيسي، والملازم أول بجهاز أمن الدولة، راشد عبدالله المري، والملازم أول بجهاز أمن الدولة، عامر محمد.

لكن، ومن أجل تهدئة النفوس، وحفاظاً على أواصر القربى وحسن الجوار، أصدر رئيس دولة الإمارات لاحقاً، قراراً بالعفو عن الملازم حمد الحمادي.

تويتر