الأجهزة الأمنية بحاجة إلى إصلاح شامل

هجمات تونس تعكس فشلاً مستمراً في التصدي للإرهاب

قوات الأمن التونسية لم تفلح في منع وقوع الانفجار الأخير في قلب العاصمة. الإمارات اليوم

السهولة التي تم بها تنفيذ الهجوم الانتحاري في تونس، الذي أدى إلى مقتل 12 رجلاً من أفراد قوات الحرس الجمهوري، الأسبوع الماضي، عكست هشاشة هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا أمام الإرهاب، على الرغم من الجهود المبذولة لدعم أمنها، بالنظر إلى تعرضها لتفجيرين كبيرين هذا العام.

وكشفت السلطات التونسية، الأسبوع الماضي، عن أن شخصاً انتحارياً كان يحمل 10 كيلوغرامات من المتفجرات، قام بتفجير انتحاري على متن حافلة في حي رئيس وسط العاصمة تونس، يوم الثلاثاء الماضي. وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم.

وحتى الآن قتل 60 سائحاً أجنبياً في تونس خلال هجمات إرهابية هذا العام. ففي يونيو الماضي، وقعت موجة الهجمات الثانية، واستهدفت سياحاً كانوا في منتجع وشاطئ مدينة سوسة، ونجم عنها مقتل 38 شخصاً، معظمهم من البريطانيين. وأعلنت الحكومة حينها أنها سـتعزز من الوجود الشرطي، وأغلقت العشرات من المساجد التي يتم فيها الترويج لأفكار العنف.

وبدأت السلطات بناء حواجز من الرمل على الحدود مع ليبيا، لمنع تنقل الأسلحة والميليشيات التي تتدرب أحياناً مع «داعش»، هذا التنظيم الإرهابي الذي حقق موطئ قدم له ضمن الفوضى التي تعصف بليبيا. وفي الشهر الماضي تم اعتقال 17 شخصاً، وإحباط هجوم كبير آخر على مدينة سوسة.

لكن يبدو أنه يجب فعل الكثير لتحقيق الاستقرار في تونس، كما يقول الخبراء، هذه الدولة التي تعتبر أكبر مصدر للمقاتلين الأجانب في العالم، مقارنة بتعداد سكانها. وتحتاج تونس إلى إصلاح شامل لأجهزتها الأمنية، وتحسين طرق تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب، كما يقول هؤلاء الخبراء. ويقول رئيس مركز نورث أفريكا للاستشارات، جيوف بورتر: «يستغرق الأمر وقتاً من الزمن، إلى حين وضع المخبرين في المواقع المهمة، والانتظار فترة كي يكسبوا ثقة الآخرين، ويتمكنوا من جلب المعلومات الاستخباراتية»، وأضاف «أعتقد أنهم يمكن أن يقوموا بأعمال الشرطة، لكن ليس الاستخبارات حتى الآن، ويمكن أن تساعد دول مثل فرنسا والولايات المتحدة في تقديم التقنيات المناسبة، لكن ليس بصنع شبكات المخبرين».

وقبل انتفاضة عام 2011 التي أدت إلى الإطاحة بالدكتاتور زين العابدين بن علي، كانت الشرطة التونسية تركز على الخصوم السياسيين للنظام، حسبما قال بورتر، مضيفاً أنها لم تعدل عملها، بحيث تكون قادرة على اختراق شبكات الإرهابيين، والتي تشكل تهديداً جديداً.

ويرى مدير مشروع شمال إفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، ايساندر العمراني، أنه بينما كانت تونس دولة بوليسية في ظل حكم بن علي، حيث كانت فاعلية الشرطة شكلية فحسب، كان حزب الرئيس الذي حكم البلاد هو الذي يتحقق من كل صغيرة وكبيرة في المجتمع. وقال «تحاول الأجهزة الأمنية مواجهة التحديات الناجمة عن الإرهاب، في الوقت ذاته الذي تحاول هذه الاجهزة التكيف مع النظام السياسي الديمقراطي في تونس. وفي حقيقة الأمر لم يتم إصلاح وزارة الداخلية في أعقاب ثورة عام 2011».

ويبدو أن وزارة الداخلية عملت في أعقاب عام 2011 على تعزيز مكانة بعض الأشخاص وترقيتهم، في حين تم إبعاد آخرين وتجنيدهم في مواقع أخرى، والعديد منهم يفتقرون إلى التدريب، كما أنهم لا يمتلكون استراتيجية متماسكة، وفقاً للعمراني، الذي أضاف: «ليس هناك الكثير من تبادل معلومات الاستخبارات بين أجزاء الأجهزة الاستخباراتية المتنوعة، ووجود أقسام عدة داخل الوزارة، يعني أن هؤلاء المتنافسين لا يعملون بشكل جيد مع بعضهم»، وهذا حقيقي، حيث قال تقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية هذا العام إن «ثمة إصلاحات شاملة» تحتاج إليها الأجهزة الأمنية لتصبح قادرة على معالجة إرهاب المتطرفين،

لكن التحديات الأخرى تظل ماثلة. وقال العمراني إن إغلاق الحدود مع ليبيا مسألة صعبة، لأنها تغضب الفقراء والمعدمين في جنوب تونس، الذين يعتمدون على التجارة عبر الحدود والتهريب.

تويتر