عباس يطلب من المالكي التوجه اليوم إلى لاهاي لتقديم شكوى ضد إسرائيل لدى «الجنائية الدولية»

استشهاد رضيع فلسطيني حرقاً بهجوم للمستوطنين في نـــابلس

صورة

استشهد، فجر أمس، رضيع فلسطيني «حرقاً»، وأصيب أربعة من أفراد عائلته، حينما هاجم مستوطنون منزلهم في قرية دوما قرب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وفيما طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من وزير خارجيته رياض المالكي التوجه، اليوم، إلى لاهاي، حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية لتقديم شكوى ضد إسرائيل، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال إلى التنديد بهذا العمل «الإرهابي»، وهي صفة نادراً ما تطلقها إسرائيل على هجمات معادية للفلسطينيين، فيما لقي الهجوم تنديداً واسعاً.

وقالت مصادر طبية فلسطينية إن الرضيع علي سعد دوابشة (عام ونصف العام)، توفي عقب استهداف المستوطنين منزله في قرية دوما قرب نابلس، وإحراقه إضافة إلى إصابة والده سعد ووالدته رهام (26 عاماً)، وشقيقه أحمد (أربع سنوات)، بجروح ونقلوا إلى مستشفى إسرائيلي، بحسب مصادر طبية إسرائيلية. وأفاد أطباء إسرائيليون بأن الوالدة المصابة بحروق من الدرجة الثالثة في 90% من جسدها، والوالد المصاب في 80% من جسده، والشقيق في 60% من جسده باتوا جميعاً يواجهون «خطر الوفاة». كما نقل جريح رابع أشارت بعض المصادر إلى أنه فتاة إلى المستشفى. وروى شاهد للتلفزيون الفلسطيني «خرجوا من المنزل بحالة مزرية، وهم يختنقون».

وأوضحت مصادر أمنية أن مستوطني مستوطنات «يحي ويش كودش» هاجموا منزلين يقعان على بعد أمتار من مدخل القرية بالزجاجات الحارقة ومواد سريعة الاشتعال، وخطوا شعارات عنصرية باللغة العبرية، مثل «يحيا الانتقام» و«انتقام»، قبل فرارهم عند تيقظ أهالي القرية. وينتهج ناشطون من اليمين المتطرف الإسرائيلي ومستوطنون متطرفون، منذ سنوات، سياسة انتقامية تعرف باسم «تدفيع الثمن»، وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان.

وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية، وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية، وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادراً ما يتم توقيف الجناة.

من جهته، قال عباس في مستهل الاجتماع الطارئ للقيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة: «أطلب من وزير الخارجية التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية»، مؤكداً أن الفلسطينيين سيقدمون اليوم «ملف جريمة إحراق الرضيع علي دوابشة إلى المحكمة الجنائية الدولية».

وأضاف عباس «منذ عام 2004 ارتكب المستوطنون 11 ألف جريمة ضد شعبنا، وكلها تسجلها الحكومة الإسرائيلية ضد مجهول أو تحقق مع المجرمين ساعات عدة، وتطلق سراحهم ليعودوا مرة أخرى لأعمالهم القذرة والوحشية».

وقال «طالبنا الأمم المتحدة بتوفير حماية دولية، ولم يردوا على طلبنا، وسنستمر بطلبنا هذا».

وأوضح أن «هناك تنظيمات إسرائيلية يعترف الإسرائيليون بأنها تنظيمات إرهابية، وسنطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة المنحازة لإسرائيل دوماً بأن تتم تسمية هذه التنظيمات بأنها إرهابية».

وكان عباس شدد، في تصريح صحافي بمقر الرئاسة، على أن القيادة الفلسطينية لن تصمت على هذه الجرائم، واصفاً ما حصل بحق أسرة دوابشة في قرية دوما، بأنه «جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية».

وقال إن ما جرى في قرية دوما «يضاف إلى سجل الجرائم التي يرتكبها المستوطنون والحكومة الإسرائيلية، لأنها تتبنى الاستيطان وتشجع قطعان المستوطنين على ما يقومون به كل يوم».

بدورها، دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى «يوم غضب» وإلى «الرد بقوة وبجميع أشكال المقاومة على هذا العدو الاسرائيلي، وهذه الجرائم الصهيونية».

وشدد المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، على أن «هذه الجريمة تستدعي قرارات دولية رادعة ضد العدوان الإسرائيلي».

من جهته، قال مصدر مسؤول في حركة «الجهاد الإسلامي»، في الضفة الغربية المحتلة، إن هذه الجريمة وغيرها من جرائم المستوطنين، تمت بدعم وحماية من قوات جيش الاحتلال التي دفعت بها حكومة الاحتلال لحماية إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية.

وأضاف، في بيان رسمي، أن «الجريمة تأتي ضمن مسلسل التصعيد الممنهج من قبل الاحتلال، الذي أعلنت حكومته المجرمة عن الشروع ببناء مزيد من المواقع الاستيطانية، ما يعني أننا أمام توسيع للعدوان على ممتلكات المواطنين واستهداف الأماكن المقدسة»، داعياً «جماهير الشعب الفلسطيني لإعلان حالة المواجهة والغضب، والتصدي لقوات الاحتلال والمستوطنين».

ودانت الحكومة الأردنية بشدة، في بيان أمس، استشهاد الطفل، وحمّلت إسرائيل المسؤولية عن هذه «الجريمة البشعة».

ونددت الولايات المتحدة «بأشد العبارات» بـ«الهجوم الإرهابي الوحشي»، داعية «كل الأطراف إلى الحفاظ على الهدوء، وتفادي تفاقم الوضع إثر هذا الحادث المأسوي».

كما دانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات «الجريمة البشعة»، معتبرة أن الجريمة «تصعيد خطر في أعمال الإرهاب»، التي يرتكبها المستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كما دان الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، «الجريمة الوحشية»، واعتبرها استمراراً للانتهاكات والممارسات الإسرائيلية الإجرامية والقمعية بحق الشعب الفلسطيني. ودانت مصر الجريمة مطالبة السلطات الإسرائيلية بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والمجتمع الدولي بتوفير الأمن والحماية للشعب الفلسطيني.

ودان رئيس البرلمان العربي، أحمد بن محمد الجروان، بأشد العبارات حرق منزل عائلة فلسطينية. وقال في بيان إن حرق المستوطنين لطفل رضيع «وحشية إسرائيلية لا تغتفر، يتحمل مسؤوليتها قادة الاحتلال الذين يحرضون على قتل الأطفال الفلسطينيين».

وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي والجيش إلى التنديد بهذا العمل «الإرهابي»، غير أن عريقات أكد أنه «لا يمكن فصل هذا الهجوم الوحشي» عن «حكومة تجسد ائتلافاً يعمل من أجل الاستيطان والفصل العنصري». ووصف نتنياهو الهجوم بأنه «عمل إرهابي»، فيما أكد وزير الحرب، موشيه يعلون، أن الذين شنوا الهجوم وأضرموا النار «إرهابيون يهود». كما اعتبر المتحدث العسكري، اللفتنانت كولونيل بيتر لينر، أن «هذا الهجوم ضد مدنيين عمل إرهابي وحشي».

وأعلن نتنياهو، في بيان، أنه أمر «قوات الأمن باستخدام كل الوسائل التي في متناولهم، لتوقيف القتلى وإحالتهم إلى القضاء».

وأعلن مدير حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، المناهضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، يعاريف أوبنهايمر، أن هذا النوع من «الأعمال العدوانية بات يشكل آفة حقيقية». وندد في حيث مع الإذاعة الإسرائيلية العامة بـ«التساهل الذي تبديه الحكومة حيال أعمال العنف ضد الفلسطينيين، وخطاب الكراهية». من جهته، أعرب موفد الامم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادنوف، عن «اشمئزازه» حيال الهجوم. وشيع آلاف الفلسطينيين، ظهر أمس، جثمان دوابشة، ورفع المشيعون الأعلام الفلسطينية ورايات «فتح» و«حماس»، وهتفوا «يا شهيد ارتاح ارتاح». وشارك في التشييع رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، وعدد من المسؤولين الفلسطينيين.

وفي قطاع غزة، أعلن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، أن فلسطينياً قتل برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخر، أمس، قرب بلدة بيت لاهيا في شمال غرب القطاع.

وقال لـ«فرانس برس»، إن محمد حامد المصري (27 عاماً) استشهد برصاص قوات الاحتلال قرب شاطئ البحر غرب بيت لاهيا، مبيناً أن شاباً آخر أصيب بجروح متوسطة.

تويتر