القوات العراقية تعمل على «محاصرة» تكريت والمناطق المحيطة بها

واشنطن تبارك التدخـل العسكـري الإيراني «الإيجابي» في العــراق

صورة

أعلنت واشنطن، أول من أمس، مباركتها التدخل الإيراني العسكري في العراق، مؤكدة أن دور إيران في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم «داعش» يمكن أن يكون «إيجابياً»، إذا لم يؤد إلى توترات طائفية مع السنة. في حين تحاول القوات العراقية التي بدأت الإثنين الماضي عملية واسعة بمشاركة 30 ألف عسكري لاستعادة مدينة تكريت ومحيطها من سيطرة التنظيم، «محاصرة» هذه المناطق قبل مهاجمتها.

وقال رئيس أركان الجيوش الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إن دور إيران في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم «داعش» يمكن أن يكون «إيجابياً».

وأكد أن المساعدة الإيرانية للمجموعات المسلحة الشيعية «ليست بجديدة، لكنها تتم بشكل علني اكثر هذا الأسبوع، مع إطلاق هجوم القوات العراقية لاستعادة تكريت».

وأضاف أن الهجوم الذي بدأ الاثنين الماضي يمثل التدخل الإيراني «الأكثر وضوحاً» في العراق منذ 2004 «مع مدفعية ووسائل أخرى».

وقال «بصراحة، هذا (التدخل) سيطرح مشكلة فقط إذا أدى إلى توترات طائفية في هذه المدينة السنية المهمة شمال بغداد».

ولفت الجنرال ديمبسي إلى أن ثلث القوات المشاركة في عملية تكريت هي من الفرقة الخامسة في الجيش العراقي، والثلثان الباقيان من قوات الحشد الشعبي، وهي ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.

وأضاف أنه «إذا تصرفت (هذه القوات) بطريقة نزيهة، أي أعادت المدينة إلى أهلها، عندها سيكون لهذا الأمر تأثير إيجابي على الحملة» العسكرية ضد التنظيم. وبحسب وسائل إعلام ايرانية، فإن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، موجود في محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت لتقديم المشورة.

ورداً على سؤال عما تردد عن وجود سليماني في صلاح الدين، قال الجنرال ديمبسي «لقد رأيت صورته بنفسي. استخباراتنا ستعمل الآن للتحقق مما إذا كان موجوداً هناك أم لا».

بدوره، أعرب وزير الدفاع آشتون كارتر أمام اللجنة نفسها عن أمله في ألا يؤدي الهجوم على تكريت إلى إيقاظ شبح الفتنة الطائفية «المقيتة» في العراق. وقال إنه «مع تقدم عملية استعادة الحكومة العراقية للأراضي، علينا أن نتأكد من أن هذه الحملة تتم بطريقة غير طائفية».

وأول من أمس، نفى قائد القوات الاميركية في العراق، الجنرال لويد اوستن، أن تكون الولايات المتحدة بصدد «التواصل» أو «التنسيق» مع الإيرانيين في العراق.

وقال أمام لجنة في مجلس النواب الاميركي «نحن لا نعرف دوماً بدقة ماذا يفعلون»، لكن الهجوم على تكريت «ليس مفاجئاً».

وأضاف أن هذا الهجوم يمثل «تقدماً منطقياً»، بعد المساعدة التي قدمتها طهران لبغداد في تنظيم قوات الحشد الشعبي الشيعية في شرق العراق.

وتتم عملية تكريت بغطاء مكثف من المدفعية الثقيلة وطيران الجيش العراقي، لكن من دون مشاركة طيران التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، طالب عضوان جمهوريان في اللجنة، جون ماكين وليندسي غراهام، إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بأن تتيقظ للتهديد الذي يشكله نفوذ إيران في العراق، معتبرين أن دعم طهران للفصائل الشيعية قد يؤثر في جهود الحرب ضد تنظيم «داعش».

وقالا في بيان مشترك إن «الهجوم المدعوم من إيران في تكريت ودورها المتزايد في العراق بشكل أشمل، لا يهددان فقط مهمتنا ضد تنظيم داعش». وأضافا أن «من يقود الهجوم هي الميليشيات الشيعية نفسها التي قتلت جنوداً أميركيين في العراق، وتحت إشراف القادة الإيرانيين أنفسهم الذين أعطوها الاسلحة، وقدموا لها التدريب على ذلك».

في السياق، أكدت القوات العراقية أنها تحاول «محاصرة» مناطق في محيط تكريت قبل مهاجمتها.

وتشن القوات العراقية وفصائل شيعية مسلحة وأبناء بعض العشائر السنية هجوماً على تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وناحية العلم (شمالها) وقضاء الدور (جنوبها)، من ثلاثة محاور: جنوباً من مدينة سامراء، وشمالاً من جامعة تكريت وقاعدة سبايكر العسكرية، وشرقاً من محافظة ديالى.

وقال قائد عمليات دجلة التي تشرف على ديالى، الفريق الركن عبدالأمير الزيدي لـ«فرانس برس»، أمس، إن «الهدف من عملياتنا هو منع داعش من تنفيذ الهجمات، وقطع طرق الإمداد والتواصل ونقل عناصره، ومحاصرة المدن بشكل تام وخانق، كي يتم الانقضاض عليهم».

وأشار إلى أن القوات المهاجمة «تمكنت من تدمير خط الصد الاول لداعش، وهو نقطة انطلاق لهجماتهم على مناطق ديالى، ما أدى إلى فرار عصابات داعش وانسحابهم إلى داخل المدن».

وقال ضابط برتبة لواء في الجيش من قيادة عمليات صلاح الدين، ومقرها سامراء، إن «العمليات مستمرة حسب الخطة التي تم الإعداد لها مسبقا، فقطع الامداد وتطويق المدن من مقومات النصر لتلافي وقوع خسائر ومنع التنظيم من شن هجمات جديدة».

وأوضح أن القوات «تتقدم تدريجاً وببطء بسبب تفجيرات القنابل على جانب الطرق ونيران القناصة، لكن نحقق الاهداف وفق الخطة».

وكانت مصادر عسكرية أفادت، أول من أمس، بأن العملية، وهي أكبر هجوم تشنه القوات العراقية ضد التنظيم تواجه صعوبة في التقدم، بسبب لجوء التنظيم المتطرف إلى تكتيك العبوات الناسفة وأعمال القنص.

من جهته، قال المتحدث باسم الشرطة العراقية، العقيد محمد إبراهيم، لـ«فرانس برس»، أمس، إن «عمليات القصف على مواقع داعش أجبرتهم على الفرار من مواقعهم»، مشيراً إلى ان التنظيم «يعتمد على العبوات الناسفة والسيارات المفخخة المدرعة، ولا يعتمد أسلوب المواجهة».

بدوره، أعلن التنظيم، أمس، أن ثلاثة من عناصره نفذوا ثلاث عمليات انتحارية، أول من أمس.

وجاء في نشرة «اذاعة البيان» التابعة له «ضمن الملاحم التي يسطرها جنود الخلافة في ولاية صلاح الدين، فجر الأخوان ابورواحة العراقي وأبوقسورة العراقي شاحنتيهما المفخختين على تجمعات للجيش الصفوي وميليشياته الرافضية بالقرب من مدينة سامراء»، كما «فجر الأخ أبوعمر الشامي شاحنته المفخخة» على تجمع مماثل قرب سامراء.

وأشار التنظيم إلى أنه استهدف كذلك «رتلاً للجيش الصفوي بالأسلحة الثقيلة»، قرب قاعدة سبايكر.

تويتر