الصراع على السلطة في بنغلاديش تسبّب في 12 انقلاباً وثورة مسلّحة منذ 1971

حسينة واجد تشنّ حرباً على «نصير الفقراء» والولايات المتحدة

صورة

منذ أن دخلت بنغلاديش في أواخر 2006 مرحلة المعارك السياسية التي لا تنتهي في الشوارع، سعت الأمم المتحدة إلى دفع القوات المسلحة وقادتها العسكريين للتحرك لتسلم زمام أمور إدارة البلاد، وذلك في انتهاك صريح لميثاق المنظمة الدولية، الذي يحظر عليها وعلى غيرها أي تدخل في الشؤون الداخلية والخاصة لأي دولة عضو فيها. ولم تكتفِ الأمم المتحدة بهذا الحد من الضغط، بل هدّدت كبار الضباط والجنرالات البنغاليين بأنهم سيخسرون المشاركة في عمليات حفظ السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة.

وفي 2007 وضع العسكر في بنغلاديش خطة تقضي بنفي الشيخة حسينة واجد، ابنة الرئيس الشيخ مجيب الرحمن، الذي يعتبر على نطاق واسع مؤسس بنغلاديش، والشيخة خالدة ضياء، أرملة الجنرال ضياء الرحمن الرئيس البنغلاديشي، الذي تم اغتياله، وهما زعيمتا الحزبين الرئيسين في البلاد، لإبعادهما عن الحياة السياسية، وفي محاولة لتخليصها من رموز عائلتين سياسيتين معروفتين، لكن دورهما في الحياة السياسية كان ضعيفاً وحافلاً بالثغرات. كما تتضمن الخطة اشتراك قادة العسكر وشخصيات المجتمع المدني في بلورة قوة سياسية ثالثة تنافس حزبي حسينة واجد وخالدة ضياء، تسميها الأوساط الشعبية من قبيل التفكه والاستظراف «حزب الملوك».

وقد استعان الجنرالات بالبروفيسور محمد يونس (نصير الفقراء)، الحائز نوبل للسلام في 2006، الذي يتمتع بشعبية كبيرة لإدارة النظام الذي يتمتع بمساندة العسكر، غير أن تعاون يونس لم يكن مرضياً تماماً للعسكر، على ما يبدو.

ومنذ عودتها إلى السلطة في 2009، في انتصار انتخابي حاسم حقق لها أغلبية برلمانية كبيرة، أعلنت الشيخة حسينة واجد حرباً على البروفيسور يونس «نصير الفقراء» والولايات المتحدة، القوة المساندة له، واتهمته بأنه لخدمة أهداف واشنطن. ومنذ قيام تجمع رابطة جنوب آسيا في ثمانينات القرن الماضي، تعيش العلاقات بين الولايات المتحدة وبنغلاديش أدنى مستوياتها، حيث وصفها مسؤولون من البلدين بأنها في الحضيض. غير أن سفراء أميركيين عملوا في دكا شدّدوا على أهمية استمرارها بكل ما فيها من صعوبات، باعتبار أن بنغلاديش جزء من منطقة استراتيجية وحيوية بالنسبة لواشنطن.

وقد عارضت الولايات المتحدة بقوة محاولات العسكر تهميش أكبر حزبين سياسيين في بنغلاديش، متخوفة من أن خطوة كهذه قد تمهد الأجواء لانقضاض حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش على السلطة.

وقد تجد بنغلاديش، التي شهدت اكثر من 12 انقلاباً وثورة دموية مسلحة، نتج عنها اغتيال رؤساء وضباط وقادة عسكريين كبار منذ 1971، نفسها تلقي نظرة على الوراء لتستعرض دروساً وعبراً من تجارب تعاقب الرؤساء. وتعود جذور عدم ارتياح الشيخة حسينة للعلاقات مع واشنطن إلى اغتيال أبيها مجيب الرحمن من جانب بعض كبار الضباط، وهي مازالت تعتقد أن الولايات المتحدة تحت رئاسة ريتشارد نيكسون، عارضت منذ 1971 إنشاء دولة بنغلاديش واستقلالها عن باكستان، وتورطت في محاولة انقلاب دموية جرت في بنغلاديش، وقتل خلالها والدها الشيخ الرئيس مجيب الرحمن، وعدد كبير من أقاربها وقادة وأعضاء حركة عوامي. ويقول مسؤول بنغالي إن واشنطن ترتكب خطأ بممارستها الضغط على بنغلاديش، في قضايا تتصل بالوضع السياسي الداخلي والشؤون الخاصة.

بي.خسرو - محرر نشرة «كابيتال إكسبرس» في نيويورك، وله كتاب عن شؤون بنغلاديش، والمقال منشور في «فورن بوليسي جورنال».

تويتر