جوهرة تاجها دبي.. أججت الصحوة العربية

الإمارات أصبحت حلم الشباب العربي في المنطقة

الإمارات ظلت أفضل بلد يفضل الناس العيش فيه ويرغب الشباب العربي أن تحذو بلدانهم حذوه. أرشيفية

تنقلت الولايات المتحدة الأميركية، منذ اندلاع «الربيع العربي» في أواخر عام 2010، من إجراء سياسي إلى آخر. فقد حاولت ضرب ليبيا بدلاً من غزوها، لكنها فشلت. حاولنا أيضاً إحلال سلطة في سورية محل السلطة القائمة، وفشلت المحاولة، حاولنا تجربة التحول الديمقراطي في مصر، ودعمنا انتخاب «الإخوان المسلمين»، وفشلنا. حاولنا الغزو والاحتلال والإحلال، والآن عدنا إلى التدخل في العراق، ولا أحد يتفاءل بذلك سوى الأحمق.

وأعتقد أنه من الحكمة أن نعترف بأننا حائرون في أمرنا هنا، والأهم من ذلك، أنه ليست لدينا الرغبة في استثمار قوة ساحقة لإعادة تشكيل أي من هذه الأماكن، وحتى لو فعلنا ذلك فلسنا متأكدين من أنه سيجدي.

فإذا كان الشرق الأوسط منطقة لا نستطيع إصلاحها أو حتى تجاهلها، فماذا تبقى لنا إذن؟ لهذا فأنا مع «الاحتواء» و«الترويج».

كيف إذن نفعل ذلك؟ ونقول بما أن هناك اضطرابات في العراق، وسورية، واليمن، وليبيا، فعلينا أن نتعاون مع القوى الإقليمية لاحتوائها، وهو أساساً ما نفعله الآن، وآمل ألا نمضي بعيداً في هذا الشأن، وحيث إن هناك أنظمة مفروضة (مصر والجزائر)، فعلينا العمل بهدوء مع تلك الأنظمة، لكي تكون هذه الأنظمة أكثر قبولاً وشمولية وشرعية. وحيث إن هناك أنظمة قائمة بالفعل تتمتع بالحصافة، مثل المغرب والأردن ولبنان وكردستان والإمارات العربية المتحدة، فعلينا أن نفعل كل شيء من أجل الترويج لها، لكي تصبح أكثر توافقاً واستدامة. وحيث يوجد نظام، وحصافة وديمقراطية، كما هي الحال في تونس فعلينا أن ندعمه بالأموال كلما طلب ذلك (لكننا لم نفعل ذلك).

ولكن يجب ألا ننسى أن نروج ما يفعلونه، عندما يعتمد ذلك التغيير على بقاء قواتنا، فإن ذلك ليس استدامة ذاتية. لكن عندما يبدأ التغيير انطلاقاً منهم يمكن أن نسمي ذلك اكتفاءً ذاتياً، ولعل أفضل مثال على ذلك هو الإمارات، وجوهرة تاجها دبي، فقد أجريت حوارات عدة هنا في هذا الشأن، وتساءلت ما إذا كانت دبي قد أججت الصحوة العربية؟

لقد استطاعت الإمارات، من خلف هذا البريق والأبراج الزجاجية والازدهار العقاري، أن تصبح المكان الذي يحلم به الشباب العربي من مختلف أنحاء المنطقة، لتحقيق طموحاتهم في مجال الفنون والأعمال والإعلام والتعليم والتكنولوجيا مع شركات عالمية، والعمل في جو يتناغم مع ثقافتهم ولغتهم ووسطهم الديني وعاداتهم الغذائية وموسيقاهم وملابسهم، وأصبحت تعرف بـ«منهاتن» العالم العربي.

وكلما جاء المزيد من الشباب العرب إلى دبي، أو شاهدوها على شاشة التلفزيون، فإنهم يتساءلون: «لماذا لا نحذو حذو دبي في بلادنا العربية؟». حدثني رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، بأن الناس أصبحوا يدركون الآن معنى أن يكون المرء مواطناً لدولة ما، ويكفي أن يرى الشباب المصري النجاح الذي حققته سنغافورة والبرازيل ومقارنتها ببلادهم، لكن عندما أثبتت دبي أن العرب يمكنهم أن يشيدوا سنغافورة على منطقتهم، بحيث يستطيع الشباب العربي تحقيق طموحاتهم، وطرح سؤال «حتى لو لم نتمتع بالديمقراطية، نستطيع على الأقل أن نكون مثل دبي».

أصبحت «دبي عاصمة الربيع العربي - بدأت الثورة الحقيقية هنا»، كما يقول مؤسس «نيوز إنترناشيونال غروب» مازن نحوي.

لم تبدأ الصحوة العربية بالفعل لأن الشعوب العربية تريد الحرية والديمقراطية، لكنها بدأت في أذهان العرب الذين أدركوا من خلال نجاح دبي أنه يمكنهم فعل المستحيل، وعلى مستوى عالمي، مثل موانئ دبي، و«طيران الإمارات»، وبمستوى عالٍ من الأداء في الشركات والقطاع الحكومي، وبكثير من الصبر ومقارنة ذلك مع الواقع العربي، والخطابات الجوفاء للأنظمة العربية العسكرية.

هناك كيان حكومي في الإمارات، يطلق عليه «حضانة المحتوى الإعلامي والترفيهي العربي»، تهدف إلى ترقية صناعة وسائل الإعلام العربية والترفيهية، وأحاول دائماً زيارتها، واحتضنت 15 شركة عام 2008، ويصل عدد الشركات فيها اليوم إلى 311 شركة، حيث يفد إليها المخرجون والفنانون والكتاب من كل البلاد العربية وجنوب آسيا.

ويضيف نحوي «عندما ترى جارك يتمتع بالنجاح، بينما لا تستطع أنت ذلك فإن ذلك يتحول إلى أمر سياسي.

أصدرت شركة أصداء بيرسون مارستيلر استطلاعها الثالث عن الشباب العربي، واكتشفت أنه «للسنة الثالثة على التوالي، ظلت الإمارات أفضل بلد يفضل الناس العيش فيه ويرغب الشباب العربي أن تحذو بلدانهم حذوه»، وحصلت الإمارات على 39%، وأميركا على 21%.

توماس فريدمان كاتب صحافي أميركي

تويتر