الاحتلال يقمع مسيرة مناهضة للاستيطان بقنابل الغاز والرصاص

جنود إسرائيليون يرفضون التجسس على الفلسطينيين

صورة

رفض عشرات من جنود الاحتياط في وحدة التنصت الإلكتروني العليا في إسرائيل التجسس مستقبلاً على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، في خطوة تعنيف غير مسبوقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما أصيب العشرات من الفلسطينيين والمتضامنين بحالات اختناق، أمس، إثر قمع القوات الإسرائيلية لمسيرة النبي صالح الأسبوعية المناهضة للاحتلال والاستيطان بقنابل الغاز والرصاص المعدني والمطاطي.

وتفصيلاً، رفض 43 ضابطاً بالمخابرات الإسرائيلية بصورة علنية، المساهمة في مهام تستهدف الفلسطينيين، في إجراء من إجراءات المقاومة لنزاع يرونه يتعارض مع مبادئ الضمير الإنساني. وتأتي هذه الخطوة وسط انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان للتكتيكات الإسرائيلية خلال حربها مع غزة التي استمرت 50 يوماً، والتي أودت بحياة أكثر من 2100 فلسطيني و70 إسرائيلياً. وقال الجنود في بيان نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس «إننا لا يمكن ــ وبضمير حي ــ أن نستمر في الخدمة في هذا النظام وننتهك حقوق الملايين من الناس». ووقّع على البيان عدد من الجنود برتبة «رائد» و«نقيب» في الوحدة 8200 ــ وهي أكبر وحدة عسكرية ــ الذي جاء فيه «نرفض أن نكون أداة لتعميق السيطرة العسكرية في الأراضي المحتلة». وجاء في البيان شديد اللهجة أيضاً أن المخابرات تستخدم لإيذاء المدنيين الأبرياء والمساعدة على الاضطهاد السياسي، والتسبب في الانقسامات داخل المجتمع الفلسطيني من خلال تجنيد المتعاونين.

وقال الجيش إن هذه الرسالة التي أرسلها الموقعون عليها إلى نتنياهو وكبار قادة الجيش، حيلة دعائية تقودها أقلية صغيرة بين أفراد الوحدة، غير أن الخطوة الشاجبة للتنصت على الفلسطينيين ودورها في شن ضربات جوية غالباً ما تسقط قتلى مدنيين، فتحت نافذة على ممارسات سرية تظل عادة طي الكتمان. وتندرج المسألة في جدال عالمي أوسع بشأن أخلاقيات ومعايير التنصت الرسمي، إثر التسريبات الإعلامية التي قام بها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن العام الماضي.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن الرسالة «نحن نرفض المشاركة في أعمال ضد الفلسطينيين، ونرفض الاستمرار في استخدامنا كأداة لتعميق الحكم العسكري في الأراضي المحتلة».

وأضافت الرسالة أن مثل هذه الأعمال «تسمح بمواصلة مراقبة الملايين والرصد الشامل المقتحم، واختراق معظم جوانب الحياة، كل هذا لا يتيح العيش عيشة عادية، ويؤجج المزيد من العنف ويبعد أي نهاية للصراع».

وأجرت الصحيفة وإذاعة الجيش الإسرائيلي مقابلات مع عدد من الموقعين ــ دون الكشف عن أسمائهم ــ واشتكوا مما وصفوه بجمع معلومات تنتهك خصوصية الفلسطينيين، مثل ميولهم الجنسية أو مشكلاتهم الصحية التي «يمكن استغلالها لتجنيدهم كعملاء».

وقال ضابط احتياط برتبة نقيب في الوحدة 8200، لراديو الجيش «ندرك الآن أن المسؤولية ليست فقط مسؤولية الجندي الذي يقف عند حاجز التفتيش، الجندي الذي يضغط على الزناد، وإنما تقع علينا نحن مسؤولية». ولم يعلق مكتب نتنياهو على الفور على التقرير.

وقال مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان، إن أفراد الوحدة 8200 يلتزمون بالمعايير الأخلاقية «دون منازع سواء في مجال المخابرات في إسرائيل أو في العالم»، ولديهم آليات داخلية للابلاغ عن شكاوى سوء السلوك. وقال المكتب إن كتبة الرسالة تخطوا تلك الآلية، مضيفاً أن توجههم أولاً إلى الإعلام «يطرح شكوكاً قوية في جدية مزاعمهم».

وقال مسؤول في مكتب المتحدث العسكري، إنه لا يوجد ما يدل على أن الموقعين على الرسالة ليسوا أعضاء في الوحدة 8200 بالفعل.

وقلل عاموس يدلين ــ وهو رئيس سابق للاستخبارات العسكرية في عهد نتنياهو ــ من شأن الرسالة، وقال إن 43 من جنود الاحتياط يشكلون «نسبة هامشية» من عدد العاملين في الوحدة 8200.

وقال يدلين الذي يدير حالياً مركز «آي.إن.إس.إس» للأبحاث في جامعة تل أبيب «إنها شعبة كبيرة، ومن الطبيعي أن يجنح عدد قليل من أفرادها نحو أقصى اليسار والبعض الآخر نحو أقصى اليمين».

في الأثناء، أصيب العشرات من الفلسطينيين والمتضامنين بحالات اختناق بعد ظهر أمس، إثر قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة النبي صالح الأسبوعية المناهضة للاحتلال والاستيطان.

وانطلقت المسيرة تحت شعار «للقدس وللأسرى ننتفض»، تأكيداً على دعم نضال شعبنا في القدس، ورفضاً لمخططات الاحتلال التهويدية، وللوقوف إلى جانب الأسرى في سجون الاحتلال.

وشارك في المسيرة العشرات من النشطاء الأجانب ونشطاء المقاومة الشعبية الذين استطاعوا الوصول إلى القرية رغم القيود التي تفرضها قوات الاحتلال، بالإضافة إلى العشرات من أطفال ونساء بلدة النبي صالح، إذ جابت المسيرة شوارع القرية وصولاً إلى مدخلها الرئيس، حيث تواجدت قوات الاحتلال التي بادرت إلى قمع المسيرة ومهاجمتها بقنابل الغاز والرصاص المعدني والمطاطي، ما تسبب في إصابة العشرات من المشاركين بحالات اختناق وجروح طفيفة. وعقب ذلك اندلعت مواجهات عنيفة بين الجانبين رشق خلالها الشبان الغاضبون قوات الاحتلال بالحجارة.

وفي بلدة المعصرة، ناشد ناشطون في مجال مقاومة الاستيطان ونشطاء سياسيون، أمس، المجتمع الدولي للتدخل سريعاً لوقف سياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية للاستيلاء على آلاف الدونمات في محافظة بيت لحم، وذلك خلال مسيرة المعصرة الأسبوعية المنددة بجدار الضم العنصري والتوسع الاستيطاني.

 

 

تويتر