رائحة الموت تنبعث من بين الركام

حي الشجاعية.. جثامين ومنازل تحت الأنقاض

صورة

«صبرا وشاتيلا» و«قانا» و«الضاحية اللبنانية الجنوبية»، هذه الأحياء شهدت أبشع مجازر ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين واللاجئين، لكن جميع مشاهد الإبادة الجماعية والدمار التي تعرضت لها هذه المناطق، اجتمعت مرة واحدة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، أثناء أحداث العدوان الإسرائيلي الجاري.

واختزل الاحتلال جميع ما ارتكبه في مجازره وحروبه السابقة في حي الشجاعية، حيث رائحة الموت تلف المكان، وتنبعث من بين أنقاض المنازل التي هدمت على رؤوس ساكنيها، فيما منعت طواقم الإسعاف من نقل الضحايا وانتشال جثث الشهداء، لتتحلل وحدها أسفل الركام.

وكانت الآليات العسكرية قد توغلت داخل حي الشجاعية في اليوم الأول للعملية البرية الإسرائيلية الموسعة، فيما نزح السكان من الحي بعد أن ارتكبت مجازر الإبادة الجماعية بحق الكثير من العائلات، لتفرض القوات الإسرائيلية حصاراً على الحي، وتمنع أحداً من دخوله، لتتقدم آلياتها العسكرية تجاه المزيد من أراضي الغزيين، فيما اعتلت القناصة الإسرائيلية بعض المنازل لتمعن في قتل الفلسطينيين.

وداخل المنازل التي كانت تتحصن بها قوات الاحتلال، تظهر مخلفات الجنود، حيث بقايا الطعام والملابس، بالإضافة إلى محاولاتهم للعبث في المنزل وتخريب ما به من أثاث، فيما كتب أحدهم عبارات تهديد باللغتين العربية والعبرية على جدارن المنزل، وجاء فيها «لم نرد أن ندخل غزة، ولكن حماس الإرهابية أجبرتنا على هذا.. جيش الدفاع الإسرائيلي».

«الإمارات اليوم» تواجدت في عمق حي الشجاعية فور الإعلان عن هدنة إنسانية لمدة 12 ساعة، حيث مشاهد الدمار الواسعة لمئات المنازل المهدمة كلياً أو جزئياً، فبعد أن كانت الشجاعية من أكبر أحياء مدينة غزة، أضحت اليوم كومة من الركام.

النازحون من سكان الحي تمكنوا من العودة المؤقتة لتفقد منازلهم المدمرة، والبحث بين الركام عن أحبة فقدوهم، ليفاجأوا بالمشاهد المروعة. المواطن محمد حبيب عاد إلى الشجاعية ليتفقد منزله، ويبحث عن أفراد عائلته المفقودين، ليجدهم جثثاً تحت الأنقاض، وقد تحللت أجسادهم. ويقول باكياً وهو يقف على أنقاض منزله «استطعنا استخراج جثامين اثنين من بين خمسة شهداء، وذلك نظراً لحجم الدمار الواسع الذي طال المنزل المكون من خمسة طوابق، ولم نتمكن من العثور والتعرف إلى الجميع».

وعاشت عائلة أبوجهاد الحلو فجيعة قاسية لن تفارقها مدى الحياة، فعندما عاد الناجون من أفرادها لتفقد منزلهم المدمر، فوجئوا بوجود جثامين 11 شهيداً من أفراد العائلة أسفل الركام، معظمهم من النساء والأطفال، وقد تحللت أجسادهم.

عائلة المواطن رضوان جندية من سكان حي الشجاعية واحدة من بين آلاف العائلات التي تعيش ويلات الحرب، فقد أصيب معظم أفراد العائلة من النساء والأطفال بجراح جراء إطلاق القذائف، فيما هدم الاحتلال منزلهم المكون من ستة طوابق، ليعيش أفراد العائلة المكونة من 30 فرداً، معظمهم من النساء والأطفال، حالة التشرد متنقلين من مكان لآخر.

وكان الشاب أحمد جندية يتفقد منزله خلال ساعات الهدنة الإنسانية، باحثاً بين الركام عن ذكريات رافقته سنوات طويلة، إذ يقول لـ«الإمارات اليوم» بصوت حزين «هذا ما تبقى من حطام منزلنا، هنا كانت البداية، وهنا كانت النهاية، فلم يتبق من الذكريات سوى الأسى».

عائلة جندية كانت تملك مصنعاً للسخانات الشمسية، لكنه اليوم أصبح أثراً بعد عين، فالصواريخ التي استهدفت بيتهم طالت المصنع وتسببت في تدميره كاملاً.

خالد الابن الأكبر لعائلة جندية كان يجلس على أنقاض مصنعه المدمر، وقد ارتسمت على وجهه مآسي الحرب وأوجاعها، حيث يقول لـ«الإمارات اليوم»، «قضى الاحتلال على مستقبلنا، وحرمنا من كل شيء نملكه».

تويتر