في أجواء احتفالية غداة الإعلان عن تشكيل حكومة جمعة

قادة تونس يوقعون دستور «الجمهورية الثانية»

صورة

وقّع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان في تونس دستور «الجمهورية الثانية»، الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بأغلبية ساحقة، وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على اندلاع «الثورة» في تونس مهد «الربيع العربي»، وغداة إعلان رئيس الوزراء المكلف مهدي جمعة تشكيل حكومة مستقلة.

وتم التوقيع على الدستور الذي يشتمل على «توطئة» (ديباجة) و149 فصلاً، خلال جلسة عامة استثنائية انعقدت بمقر المجلس الوطني التأسيسي وحضرها ممثلو دول وبرلمانات أجنبية ومواطنون. ووقع الدستور رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، علي العريض. وخلال توقيع الرؤساء الثلاثة على «دستور الجمهورية الثانية» وفق تعبير مصطفى بن جعفر، سادت فرحة عارمة داخل المجلس التأسيسي حيث تعالت زغاريد نائبات، ومواطنات حضرن الجلسة الاستثنائية.

وألقى بن جعفر قبيل التوقيع كلمة اعتبر فيها أن الدستور الجديد للبلاد «يفتح آفاق العمل السياسي للأحزاب»، فيما قال المرزوقي في كلمته بهذه المناسبة، إن الدستور الجديد «هو انتصار على الديكتاتورية المقيتة». وقال العريض «لقد عملنا من أجل إنجاح تجربتنا وبناء ديمقراطيتنا وتحقيق أحلام شعبنا وصياغة تعاقدات اجتماعية وسياسية وثقافية جديدة». ولفت إلى أن الشعب التونسي «أثبت أن توافقه على الحد الأدنى الممكن من الحق خير من تقاتله على الحد الأقصى منه».

وكان المجلس التأسيسي التونسي صدّق بأغلبية مريحة على هذا الدستور الجديد، الثاني الذي تعرفه تونس منذ استقلالها في عام 1956. وصوت لمصلحة هذا الدستور الذي يتألف من 149 مادة بالإضافة إلى توطئة، 200 نائب من أصل 216 شاركوا في عملية الاقتراع، بينما امتنع عن التصويت أربعة نواب، وصوت ضده 12 نائباً. وشارك في حفل التوقيع على الدستور عدد من الضيوف العرب والأجانب.

ووصف مراقبون تونسيون واجانب هذا الدستور بأنه الاكثر تقدمية وضمانا للحقوق والحريات في العالم العربي. وسيعوض هذا الدستور، دستور سنة 1959 الذي تم تعليق العمل به بعد الإطاحة في 14 يناير 2011 بنظام بن علي.

وبعد انتخابات 23 اكتوبر 2011، وقعت أبرز الاحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي ومن بينها حركة النهضة الاسلامية الفائزة في الانتخابات وصاحبة اغلبية المقاعد في المجلس (90 مقعداً من إجمالي 217) على التزام بالانتهاء من صياغة الدستور خلال عام واحد من تاريخ الانتخابات. لكن المجلس التأسيسي لم يلتزم بذلك بسبب التجاذبات السياسية بين الاسلاميين والعلمانيين، والأزمة السياسية الحادة التي فجرها في 2013 اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي وقتل نحو 20 من عناصر الجيش والأمن في هجمات نسبتها وزارة الداخلية إلى جماعات «تكفيرية».

وفي سياق آخر قدم المهندس مهدي جمعة إلى الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي تشكيلة حكومة غير متحزبة ستحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، وتسيّر البلاد حتى إجراء انتخابات عامة. وتتكون حكومة جمعة من 21 وزيراً و7 وزراء دولة. وأبقى مهدي جمعة في حكومته على لطفي بن جدو (49 عاماً) وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، رغم اعتراض احزاب المعارضة. وتتهم المعارضة بن جدو ووزارة الداخلية بالتقصير في حماية النائب المعارض محمد البراهمي الذي قتله مسلحون في 25 يوليو 2013، لأنها تلقت في 12 يوليو 2013 «مراسَلة» من وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي ايه) التي حذرت من استهداف البراهمي. واستحدث مهدي جمعة في حكومته خطة «وزير معتمد لدى وزير الداخلية مكلف بالأمن» أسندها إلى رضا صفر (65 عاماً) وهو مسؤول سابق بوزارة الداخلية. وأسند جمعة حقيبة الدفاع إلى القاضي غازي الجريبي الرئيس السابق للمحكمة الإدارية. وقال جمعة في المؤتمر الصحافي «الحكومة شكلتها على اساس ثلاثة معايير هي الاستقلالية والكفاءة والنزاهة»، مضيفاً ان فريقه الحكومي يضم «أحسن الكفاءات». وأضاف انه اجتمع مع فريقه الحكومي وتحدث معه في «منهجية العمل» و«البرامج».

وتابع أن حكومته ستجعل من الإعداد للانتخابات العامة المقابلة «أولوية الاولويات». وتعهد جمعة بتطبيق «كل ما جاء في خارطة الطريق» التي طرحتها المركزية النقابية في 17 سبتمبر 2013 لاخراج البلاد من الأزمة السياسية الحادة التي فجرها، خلال 2013، اغتيال المعارضيْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقتل عناصر الجيش والأمن.

 

تويتر