دعوات إلى تدخل دولي للسيطرة على الأسلحة الكيماوية في سورية.. وموسكو تتحدث عن «ذريعة لحرب»

اشتباكات عنيفة في دمشق.. وغارات عــلى ريفها

رجل يحمل ابنه بعد إصابتهما معاً بغارة جوية للقوات النظامية على مدينة سراقب في محافظة إدلب. أ.ب

اندلعت، أمس، اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلي المعارضة في أحياء في شمال وجنوب دمشق، فيما أغار الطيران الحربي على مناطق في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، في حين قصف مقاتلو المعارضة مطار «أبوالظهور» العسكري بمحافظة إدلب شمال سورية. في وقت دعت المعارضة السورية الى تحرك «عاجل وحاسم» للأمم المتحدة بعد إقرار الولايات المتحدة للمرة الأولى باحتمال استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد معارضيه، الأمر الذي قالت موسكو إنه قد «يكون ذريعة لبدء حرب»، بينما دعت إسرائيل واشنطن إلى التحرك عسكرياً من أجل «استعادة السيطرة على ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية».

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية والمجموعات المقاتلة المعارضة اندلعت من صباح أمس، في احياء في شمال وجنوب دمشق.

وأفاد المرصد في بيانات متلاحقة باشتباكات في حيي جوبر (شرق) وبرزة (شمال) تترافق مع سقوط قذائف. كما نفذت الطائرات الحربية غارات جوية على اطراف حيي جوبر والقابون (شمال شرق) ومناطق متاخمة في ريف دمشق، بحسب المرصد الذي اشار الى «تصاعد اعمدة الدخان من المناطق التي استهدفها القصف». كما نفذ الطيران الحربي غارات على مناطق في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حيث تستمر الاشتباكات في مدينة داريا.

وكانت اشتباكات وقعت صباح أمس، في شارع الثلاثين وأطراف مخيم اليرموك في جنوب العاصمة بين القوات النظامية ومسلحين من اللجان الشعبية الموالية لها من طرف ومقاتلين معارضين من طرف آخر، بحسب المرصد.

وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، اندلعت معارك عند اطراف مطار أبوالظهور العسكري، بحسب ما ذكر المرصد الذي اشار الى «محاولة من الكتائب المقاتلة اقتحام المطار والسيطرة عليه». وأفاد بأن مطار «أبوالظهور» تعرض لقصف من قبل مقاتلي من كتائب مقاتلة عدة. وذكر المرصد في بيان أن النيران شوهدت تندلع في حرم المطار العسكري.

ويقع المطار على بعد نحو ‬40 كيلومتراً الى الشرق من مدينة معرة النعمان التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون.

وشملت الغارات الجوية، أمس، قرى عدة في ريف إدلب واللاذقية (غرب) والرقة (شمال).

وقال إن مناطق في الحي الأول بمدينة «الطبقة» في محافظة الرقة تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية التي استخدمت طائرة حربية والمدفعية بالقصف. وفي محافظة دير الزور (شرق)، دارت اشتباكات بين القوات النظامية والمعارضين في محيط مطار دير الزور العسكري الذي يحاول مسلحو المعارضة التقدم اليه منذ اشهر. كما هز انفجار شديد حي «الجبيلة» في مدينة دير الزور، حيث شهد الحي اشتباكات عنيفة طوال أول من أمس.

واستمرت، أمس، الاشتباكات في ريف مدينة القصير، حيث احرزت قوات النظام اخيراً مدعومة من «حزب الله» اللبناني بعض التقدم على الارض، مضيقة بذلك الخناق على مدينة القصير. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية، ان الطيران الحربي السوري شن «غارة جوية على مدينة القصير»، مشيرة الى معارك عنيفة في الريف بين مقاتلي المعارضة و«حزب الله».

إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الاسرائيلي زائيف الكين، أن على الولايات المتحدة التحرك عسكرياً من أجل «استعادة السيطرة على ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية». وقال في مقابلة مع ذاعة الجيش الاسرائيلي «من الواضح انه إن كان هناك إرادة من جانب الولايات المتحدة والاسرة الدولية، ففي وسعهم السيطرة على ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية، ما سيضع حداً لجميع المخاوف».

وصدرت هذه التصريحات في وقت أقرت فيه واشنطن للمرة الاولى أول من أمس، بأن النظام السوري قد يكون استخدم اسلحة كيماوية.

وأضاف الكين المقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «حين تفهم الاسرة الدولية انه تم تخطي خطوط حمر فعلياً واستخدام اسلحة كيماوية، سوف تدرك أن لا خيار أمامها سوى التحرك بهذه الطريقة (من خلال عمل عسكري) بدل ان تبقي على الغموض».

وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل اعلن أن اجهزة الاستخبارات الاميركية خلصت «بدرجات متفاوتة من الثقة الى ان النظام السوري استخدم اسلحة كيماوية على نطاق ضيق في سورية خصوصاً غاز السارين».

وشكلت هذه التصريحات تبدلاً في الموقف الاميركي بعد التشكيك الذي ابدته واشنطن اثر التصريحات التي صدرت الثلاثاء الماضي عن مسؤول في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية اتهم فيها نظام الرئيس السوري بشار الاسد باستخدام اسلحة كيماوية في نزاعه مع المقاتلين المعارضين.

وحذر الرئيس الأميركي باراك اوباما مراراً النظام السوري من استخدام مخزونه من الاسلحة الكيميائية مؤكداً ولا سيما اثناء زيارة لإسرائيل في ‬20 مارس أن مثل هذه الخطوة «ستبدل قواعد اللعبة»، كما تحدث عن «خطوط حمر» ينبغي ألا تتخطاها دمشق.

وقال الكين في اشارة الى هذه «الخطوط الحمر» إن «الايرانيين يراقبون والعالم بأسره يراقب ايضاً وينتظر ليرى ما سيجري. ويتبادر سؤال: حين يتم رسم خط احمر، هل نلتزم به؟».

من جهتها، دعت المعارضة السورية الى تحرك «عاجل وحاسم» للأمم المتحدة ضد النظام السوري الذي استخدم أسلحة كيماوية ضد معارضيه.

وقال مسؤول في الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية لـ «فرانس برس»، أمس، «تؤكد فرنسا وبريطانيا حيازتهما معلومات حول استخدام النظام للأسلحة الكيماوية. واليوم تقول الولايات المتحدة الشيء نفسه. آن الأوان ليتحرك مجلس الامن».

وأضاف «انها مسألة مهمة جداً، وشلل مجلس الامن حول الملف السوري لا يجب ان يبرر عدم تحرك الأمم المتحدة».

ورأى أن على الامم المتحدة «أن تبدأ تحقيقاً فورياً حول هذا الموضوع، وإذا عثرت على ادلة على مثل هذا الاستخدام عليها التحرك سريعاً عبر فرض منطقة حظر جوي على الاقل على الطيران السوري». وكان الائتلاف اصدر بياناً الليلة قبل الماضية دعا فيه الامم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى «إفهام النظام باللغة التي يفهمها بأن ما قيل عن اعتبار استخدام السلاح الكيمياوي خطاً احمر يترتب على تجاوزه نتائج جدية».

كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، أن «الادلة المتزايدة» على استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية تصعيد «خطير وجريمة حرب»، معرباً في الوقت نفسه عن معارضته لإرسال قوات بريطانية الى سورية.

وقال «أعتقد ان بوسعنا بذل المزيد من الضغوط على النظام والعمل مع شركائنا والمعارضة من اجل التوصل الى الحل المناسب».

وجدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «نداءه العاجل» الى الحكومة السورية لكي تسمح لفريق تابع للامم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات بشأن استخدام اسلحة كيماوية في النزاع. وقال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي في بيان ان «بعثة التحقيق جاهزة للانتشار في غضون ‬24 الى ‬48 ساعة» حالما تحصل على الضوء الاخضر من دمشق. وكانت دمشق رفضت استقبال فريق التحقيق الذي شكل في مارس، بعد ان طلب كي مون ان يسمح له بالتنقل على كل الاراضي السورية، بينما تريد سورية ان يحقق فقط في عملية سقوط صاروخ يحمل سلاحاً كيماوياً في بلدة خان العسل في ريف حلب. ويتبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة الاتهامات باطلاق هذا الصاروخ. كما جدد الاتحاد الاوروبي، أمس، دعوته للسماح للامم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات الموجهة للنظام السوري باستخدام اسلحة كيماوية. وفي موسكو، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي، ألكسي بوشكوف، أمس، أن اتهامات الولايات المتحدة للنظام السوري باستعمال أسلحة كيماوية قد تكون ذريعة لبدء حرب. وكتب بوشكوف، في تغريدة على موقع «تويتر»، أن «الولايات المتحدة تبدأ هجوماً جديداً ضد دمشق باتهامها باستعمال أسلحة كيماوية. بهذه الطريقة اتهم (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش العراق بامتلاك أسلحة نووية، وكانت الذريعة للحرب».

تويتر