مواجهات عنيفة بين القوات النظامية و«المعارضة» في داريا

مجلس الأمن يدين أعمال العنف في ســورية

تظاهرة تطالب بإسقاط نظام الأسد في مدينة حلب شمال سورية. أ.ب

توصل مجلس الأمن الدولي، الليلة قبل الماضية، إلى اتفاق فريد من نوعه حول سورية، يدين أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السورية والجماعات المسلحة، معرباً عن اسفه للعراقيل التي تعترض توزيع المساعدات الانسانية في سورية، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في مدينة داريا جنوب غرب دمشق، تزامناً مع قصف عنيف على المدينة.

وأصدر مجلس الأمن بياناً غير ملزم بعد جلسة حول الأوضاع الإنسانية في سورية، قال فيه إن «العنف المتصاعد غير مقبول تماماً ويجب أن يتوقف على الفور». وأضاف أن أعضاء مجلس الأمن يدينون «الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية، إضافة إلى أية انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل الجماعات المسلحة». وأعرب المجلس عن آسفه بسبب «العراقيل التي تعترض توزيع المساعدات الانسانية في سورية».

وفي بيان رئاسي اختيرت مفرداته بعناية بالغة قالت الدول الـ‬15 الأعضاء في المجلس انها «تطالب كل الاطراف بتأمين وصول آمن وبلا عوائق للمنظمات الانسانية كي تساعد الأشخاص الذين يحتاجون إليها في كل أنحاء سورية».

وأعرب الأعضاء عن «الأسف للعوائق التي تعترض توزيع هذه المساعدات الانسانية»، مشددين على «الحاجة الملحة لازالة كل هذه العوائق، بما فيها تلك البيروقراطية». وأضاف البيان أنه يدعو «كل الاطراف، لاسيما السلطات السورية، إلى التعاون الكامل مع الامم المتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الصلة».

وتطرق البيان إلى إمكانية القيام بعمليات «عبر الحدود» لتوزيع المساعدات، وهو اقتراح عرضته أمام المجلس وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس. وقال مجلس الأمن إنه «يطالب جميع الاطراف»، خصوصاً الحكومة السورية التي تعد هذه «مسؤوليتها الاولى»، بحماية المدنيين واحترام حقوق الانسان.

وطلب أعضاء المجلس أيضاً من الدول التي وعدت بالتبرع بأموال لمصلحة الشعب السوري خلال مؤتمر المانحين، الذي عقد في الكويت في يناير الماضي بـ«الوفاء بوعودها بشكل عاجل».

وخلال مداخلة أمام مجلس الأمن قالت آموس، إن نحو سبعة ملايين شخص في سورية هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منددة بالعراقيل التي يضعها النظام السوري في طريق توزيع المساعدات، ومناشدة الدول التي وعدت بتقديم أموال خلال مؤتمر المانحين إلى «دفعها بشكل عاجل».

وأكدت أن «الحاجات ترتفع بسرعة وهي حادة جداً في مناطق النزاع، وفي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة» في البلاد التي تمزقها الحرب.

وذكرت آموس بيانات تكشف أنه من اصل ‬20.8 مليون نسمة بالاجمال يوجد ‬6.8 ملايين شخص يحتاجون الى مساعدة، و‬4.25 ملايين نازح داخلي، و‬1.3 ملايين لجأوا الى دول مجاورة. وأشارت إلى أن العقبات البيروقراطية ازدادت منذ يناير «وتخل بقدرتنا على التلبية».

واوضحت أن «القيود الميدانية أجبرتنا على الاقتراب من تعليق بعض العمليات الانسانية الحساسة. إننا نقترب من نقطة اللاعودة».

وأكدت آموس أن عدد المنظمات غير الحكومية المرخص لها في سورية تراجع أخيراً من ‬110 الى ‬29، وأن الامم المتحدة اطلعت أخيراً على أن كل شاحنة باتت تحتاج الى ترخيص من وزارتين لعبور حواجز القوات الحكومية. وقالت «عندما اخبر المجلس ان موكباً من دمشق الى حلب يعبر ‬50 حاجزاً، نصفها لقوات حكومية، يمكن تقييم استحالة هذا الطلب». وأضافت أن «الأطفال من أكثر الأشخاص معاناة، فهم يتعرضون للقتل والتعذيب والعنف الجنسي، وكثيرون منهم لا يجدون ما يكفيهم من طعام، وأصيب الملايين بصدمة نتيجة هول الأحداث، فهذا الصراع الوحشي لا يمزق حاضر سورية فحسب، وإنما يدمر مستقبلها أيضاً».

كما تحدث المفوض الأعلى في الأمم المتحدة للاجئين، انتونيو غوتيريس، مع مجلس الأمن عبر الفيديو، مؤكداً أن عدد اللاجئين قد يتجاوز ‬3.5 ملايين مع نهاية العام. وقال إن «هذه الارقام فظيعة، وهذا الامر ليس مخيفا فحسب، بل إنه قد يؤدي الى الانقطاع»، داعياً الى مزيد من الدعم الدولي للدول التي تستضيف لاجئين، بما فيها لبنان والاردن. وألقى مندوب سورية في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، باللوم في المحنة التي يعانيها السوريون على «الإرهاب»، والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، واتهم دولا مجاورة بمنع اللاجئين من العودة إلى سورية.

وقال الجعفري «لن يغفر الشعب السوري بعد اليوم تسهيل تنقل آلاف الإرهابيين الجهاديين الأوروبيين والغربيين، برعاية أجهزة استخبارات معروفة، عبر حدود العشرات من الدول من استراليا إلى الولايات المتحدة، وصولاً إلى الحدود التركية واللبنانية والأردنية مع سورية».

وأضاف في كلمته أمام مجلس الأمن، في تعليقات تعكس ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية يوم الاربعاء الماضي، إن هؤلاء «يتم ايواؤهم في معسكرات تدريب، ليدخلوا بعدها إلى سورية ويعيثوا فيها فساداً ودماراً وتخريباً، ويسفكوا الدماء البريئة».

وفي اسطنبول أكدت الحكومة التركية مطلبها بإنشاء ممر لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين.

ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس، عن وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو القول قبل اجتماع مجموعة الاتصال بشأن سورية إنه يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حاسم إزاء مساعدة السوريين الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط الصراع العسكري في بلادهم.

وذكر داوود أوغلو أنه تم خلال الفترة الماضية إطلاق ‬205 صواريخ «سكود» من دمشق على حلب، موضحاً أنه مع كل قصف يتم تدمير حي بالمدينة.

وتجتمع اليوم «مجموعة أصدقاء سورية» في اسطنبول للتشاور حول سبل التعامل مع الأوضاع في سورية.

على الصعيد الميداني، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مدينتي داريا ويبرود بمحافظة ريف دمشق تعرضتا صباح أمس، للقصف من قبل القوات النظامية. وأفاد المرصد عن وقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة في مدينة داريا جنوب غرب دمشق، تزامناً مع قصف تتعرض له المدينة ومدينة معضمية الشام المجاورة لها. وذكر المرصد أن بلدات السبينة والذيابية ويلدا بريف دمشق تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية الليلة قبل الماضية.

وقال إن القصف تجدد من قبل القوات النظامية، أمس، على حي جوبر في مدينة دمشق، فيما دارت اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في مناطق عدة من حي القدم. وأضاف أن القوات النظامية شنت حملة دهم وتفتيش في حي القصور بمدينة درعا جنوب سورية صباح أمس.

وأوضح أن قرية البشيرية بريف جسر الشغور بمحافظة إدلب شمال سورية تعرضت للقصف من قبل القوات النظامي «ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا».

كما قال المرصد، أمس، إن مجموعة مسلحة اغتالت الليلة قبل الماضية مدير العلاقات العامة في وزارة الشؤون الاجتماعية وعضو لجنة الاغاثة في سورية علي بلان، خلال اقتحام مطعم في حي المزة في دمشق، وإطلاق الرصاص عليه. ويضم حي المزة عدداً من السفارات والمباني الحكومية ومقار لمراكز أمنية.

 

تويتر