الجبالي: يبدأ لقاءات تشكيل وزارة «تكنوقراط».. والمرزوقي يؤكد أن تـونس «امتصـت صدمـــة» اغتيال بلعيد

«النهضة» وحلفاؤها تتمسك بحكومــــة سياسية

المجلس التأسيسي يناقش الأزمة السياسية في البلاد. أ.ف.ب

أعلنت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس وثلاثة من حلفائها في البرلمان تمسكها بتشكيل حكومة سياسية، رافضة مقترح الامين العام للنهضة، حمادي الجبالي، تشكيل حكومة تكنوقراط لانهاء أزمة أججها اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد، بينما قال مصدر برئاسة الحكومة إن الجبالي بدأ، أمس، إجراء لقاءات مع عدد من رؤساء الأحزاب بهدف التشاور حول أزمة التعديل الوزاري المعطل، حيث قال حمادي الجبالي إنه سيعلن، غداً نجاح أو فشل مبادرته تشكيل حكومة تكنوقراط، وصرح الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية نشرت، أمس، بأن تونس «امتصت صدمة» اغتيال المعارض شكري بلعيد، واكد ضروة تبني دستور يحدد عدد الولايات الرئاسية باثنتين.

وتفصيلاً، قالت أحزاب «النهضة» و«المؤتمر» شريكها العلماني الاول في الائتلاف الثلاثي الحاكم، و«وفاء» الذي يضم منشقين عن «المؤتمر» وكتلة «الحرية والكرامة» النيابية بالمجلس التأسيسي في بيان مشترك نشر الليلة قبل الماضية، إن «المرحلة الحالية تقتضي وجود حكومة ائتلاف سياسي وطني، مفتوحة على الشخصيات الحزبية والمستقلة، وتستند إلى قاعدة نيابية (برلمانية) وسياسية وشعبية واسعة».

وشددت على ضرورة ان تكون هذه الحكومة «ملتزمة بالعمل على انجاز اهداف الثورة» التي اطاحت في ‬14 يناير ‬2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي «وفي مقدمتها المحاسبة، ومقاومة الفساد والاحتكار وغلاء المعيشة، ودفع الانتاج، وتحقيق الامن عبر التطبيق الصارم للقانون، وتوفير المناخ السياسي المساعد على ذلك».

ونشر البيان اثر اجتماع ممثلي الاحزاب والكتلة التي تملك مجتمعة ‬125 نائباً من اجمالي نواب المجلس التاسيسي الـ‬217. وبحسب الفصل ‬19 من قانون «التنظيم المؤقت للسلطة العمومية» الصادر في ‬16 ديسمبر ‬2011 يمكن للاغلبية المطلقة من نواب المجلس (‬109 نواب) «سحب الثقة» من الحكومة.

ويقول حمادي الجبالي إنه ليس في حاجة للحصول على «ثقة» المجلس التأسيسي لتشكيل حكومة تكنوقراط مستنداً في ذلك الى الفصل ‬17 من قانون التنظيم المؤقت للسلطة العمومية، الذي ينص على ان رئيس الحكومة «يختص بإحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة، وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها، بعد مداولة مجلس الوزراء وإعلام رئيس الجمهورية».

وقال رئيس الكتلة النيابية للنهضة، صبحي عتيق، خلال جلسة خصصها المجلس التاسيسي لمناقشة الازمة السياسية التي أججها اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد، إن «إعلان رئيس الحكومة عن (قراره) تشكيل حكومة تكنوقراط كان صدمة سلبية» لحركة النهضة. واضاف ان حكومات التكنوقراط تتشكل عادة «بعد الانقلابات العسكرية او الثورات للتهيئة (الاعداد) للانتخابات. اما نحن (في تونس) فقد قمنا بالانتخابات» التي اوصلت حركة النهضة الاسلامية الى الحكم، داعياً الى احترام «شرعية صناديق الاقتراع».

واستمات نواب الحركة في الدفاع عن «شرعية» حكم الاسلاميين، ورفضوا اتهامات المعارضة للحكومة التي تقودها حركة النهضة بـ«الفشل» في اول تجربة حكم لها في تونس.

لكن النائب عن الحزب الجمهوري (يسار وسط)، اياد الدهماني، ذكر ان رئيس الحكومة اقر بنفسه في رسالة وجهها الى الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في تونس «بفشل» الحكومة، داعياً نواب حركة النهضة الى ان يكونوا «ملكيين أكثر من الملك». واضاف اياد الدهماني «حكاية الشرعية حكاية مسمار جحا، وايطاليا تقودها اليوم حكومة تكنوقراط رغم اجراء انتخابات في هذا البلد».

من جانبه، دعا حزب «الجبهة الشعبية»، الذي يقود تيار أقصى اليسار، إلى قيام حكومة كفاءات وطنية، على أن تكون تحت اشراف هيئة انقاذ تضم ممثلين عن كل الأحزاب وتحت اشراف هيئة انقاذ، من دون الاتجاه الى المجلس التأسيسي للخروج من الأزمة السياسية الخانقة في البلاد.

وكان مصدر بالمكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة صرح لوكالة الأنباء الألمانية بأن حمادي الجبالي بصدد عقد لقاءات مع رؤساء أحزاب بدار الضيافة في قصر قرطاج بالعاصمة تونس، بهدف التشاور من أجل التوصل إلى توافق بشأن التعديل الوزاري المنتظر.

وكان عضو بمجلس الشورى، وهو أعلى هيئة في حزب حركة النهضة، قد صرح بأنه يتوقع الاعلان في القريب العاجل عن مقترح يعتبر بمثابة حل وسط بشأن التعديل الوزاري. وأوضح العضو أن الاتجاه هو نحو تبني مقترح لحكومة جديدة تجمع بين الكفاءات الوطنية وبين السياسيين.

بدوره، قال الرئيس المرزوقي في حوار مع «لوفيغارو» بشأن اغتيال المعارض اليساري الذي كان يوجه انتقادات حادة للحكومة: «أرى اننا نعبر هذا الاختبار دون اضرار كبيرة». واضاف أن «البلاد لا تشهد حرباً. ليس هناك قتيل واحد ولا حتى جريح، بقي البلد هادئاً بمجمله، وحتى التظاهرات المضادة جرت بهدوء. تمكنّا من امتصاص الصدمة».

ورداً على سؤال عن الدستور المقبل، قال المرزوقي إنه يؤيد «نظاماً مختلطاً» لأن «تونس عانت كثيرا من الديكتاتورية ويجب منحها نظاماً يمنع اي عودة الى الديكتاتورية او رئيس وزراء قاسٍ جداً». وتابع أن «الرئيس المقبل يجب الا يبقى اكثر من ولايتين، ويجب الا تكون لديه حصانة عندما ينتهي عمله، ويجب ان يكون من الممكن إقالته كما في الولايات المتحدة بموجب إجراءات إقصاء».

من جهة اخرى، حذر المرزوقي القادم من حزب يساري علماني من استخدام كلمة «إسلامي» في الحديث عن حزب النهضة الحاكم. وقال: «أرى الصحف الفرنسية تتحدث عن الاسلاميين الذين يحكمون تونس وتستخدم الكلمة نفسها في الحديث عن متمردي مالي. هذا استخدام خاطئ للغة». وأضاف «إذا كانت لدي مشكلات مع النهضة فليس لانه حزب اسلامي، بل لانه حزب محافظ»، مذكراً بأنهم «جزء من المشهد السياسي وانتخبهم الشعب».

 

تويتر