«المعارضة» تهاجم مراكز أمنية في حلب وتنسحب من جنوب دمشق.. والأسد يستقبل صالحي

«الجيش الحرّ» يسيطر على معبر تل أبيـض مع تركيا

مدنيون وأفراد من «الجيش الحرّ» يحاولون سحب جثة من تحت أنقاض مبنى دُمّر بقصف على حي الكلاسة بحلب. رويترز

أعلن الجيش السوري الحرّ، أمس، أنه سيطر على معبر تل أبيض في محافظة الرقة (شمال) على الحدود السورية التركية، عقب اشتباكات اندلعت، أول من أمس، مع القوات النظامية، بالتزامن مع اشتداد الاشتباكات في مدينة حلب التي تعرضت إلى قصف عنيف بعد أن هاجم المقاتلون المعارضون مراكز عدة تابعة للقوات النظامية في المدينة، فيما انسحب «الجيش الحر» من أحياء في جنوب دمشق، غداة مقتل 173 شخصاً في مناطق مختلفة من سورية. في وقت التقى فيه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، أمس، في دمشق الرئيس بشار الاسد، الذي أكد أن المعركة التي تدور حالياً تستهدف منظومة المقاومة بأكملها وليس سورية فقط.

وأعلنت قوات المعارضة السورية، انها سيطرت على معبر تل أبيض على الحدود السورية التركية.

وذكرت وكالة «أنباء الأناضول» أن عدداً من قوات المعارضة أطلقوا النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مبنى جمركي عند بوابة تل أبيض الحدودية بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش النظامي استمرت حتى صباح أمس. وأضافت الوكالة أن بعض أقارب المعارضين انضموا إليهم في الاحتفال في الجانب التركي من الحدود. ونقلت سيارات الإسعاف جرحى المعارضة إلى المستشفيات التركية، فيما عزز الجيش التركي إجراءاته على المعبر.

يشار إلى ان هذا المعبر هو الثالث الذي تسيطر عليه المعارضة السورية على الحدود السورية التركية بعد معبري السلام وباب الهوى. وكانت الاشتباكات تجددت صباح أمس، بين مسلحي المعارضة السورية والقوات النظامية في منطقة تل أبيض، التابعة لمحافظة الرقة قرب الحدود التركية.

وذكرت «أنباء الأناضول» أن المواجهات بدأت بهجوم شنته قوات «الجيش السوري الحر» ضد القوات النظامية لانتزاع مركز أمانة باب تل أبيض الحدودي، الذي يربط سورية بتركيا. وطال رصاص الاشتباكات مدرسة داخل الحدود التركية، الأمر الذي دفع بلدية مدينة «آقجه قلعة» التركية، المحاذية لتل أبيض، إلى الطلب من السكان الأتراك المقيمين في مناطق قريبة من الحدود السورية، ترك أمكان إقاماتهم والابتعاد عن المنطقة.

وأنزل معارضون العلم السوري من فوق بوابة المعبر، بينما أغلقت المدارس على الجانب التركي من الحدود مع وصول الرصاص لأراضي الجارة الشمالية.

وأظهرت لقطات تلفزيونية معارضين سوريين ينزلون العلم السوري من على سطح مبنى حكومي عند بوابة تل ابيض الحدودية، وأمكن سماع دوي طلقات الرصاص بشكل متقطع وتصاعد الدخان الأسود من اجزاء في المبنى الذي يبدو انه مكتب للجمارك.

ويعزز الاستيلاء على نقطة حدودية ثالثة سيطرة الجيش الحر على الشمال ويضع الجيش النظامي تحت ضغط أكبر في المعارك التي يخوضها.

من جهتها، ذكرت شبكة «إن.تي.في» التلفزيونية الخاصة في تركيا، أن ثلاثة من سكان مدينة «آقجه قلعة» في جنوب شرق تركيا أصيبوا برصاص مصدره معبر تل أبيض الحدودي السوري. ونقلت الشبكة عن رئيس بلدية المدينة التابعة لمحافظة سانليورفا أمري اكغون، قوله ان بين الجرحى الثلاثة امرأة في حالة خطرة. وأكد شهود عيان في تركيا انهم شاهدوا مروحيات للجيش السوري تشارك في المعارك.

وفي حلب، استمرت الاشتباكات وعمليات القصف في عدد من احياء المدينة، حيث ينفذ المقاتلون المعارضون هجمات متكررة على مراكز تابعة للقوات النظامية، بحسب مصدر عسكري، فيما قتل 32 شخصاً، أمس، في اعمال عنف في مناطق مختلفة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ونقل مراسل لـ«فرانس برس» في حلب عن مصدر عسكري قوله، إن مسلحين شنوا، مساء أول من أمس، هجوماً في منطقة ميسلون (شرق) على نقاط تمركز للجيش السوري، و«قامت مجموعة من وحدات الجيش تؤازرها مروحية عسكرية بصده، وقد استمر أكثر من ثلاث ساعات».

وأضاف المصدر ان مقر المخابرات الجوية وكتيبة المدفعية في منطقة الزهراء (غرب) تعرض «لهجوم من مسلحين فشلوا في الاقتراب منه»، مشيراً إلى «محاولات متكررة وشبه يومية للسيطرة عليه».

وأشار مراسل «فرانس برس» إلى ان الحياة في منطقة الميدان (وسط حلب) التي اعلن الجيش السوري السيطرة عليها قبل يومين لم تعد الى طبيعتها بعد، مشيراً الى استمرار انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات الخليوية عن بعض اجزائها، فيما «لاتزال بعض شوارعها وحاراتها الفرعية تتعرض للقنص». ونقل عن أحد سكان حي صلاح الدين (جنوب)، انه دخل المنطقة لتفقد منزله، فلاحظ «عودة للمظاهر المسلحة في عدد من الشوارع الفرعية القريبة من مدرسة الشرعية وجامع صلاح الدين المقابل لها»، على الرغم من إعلان القوات النظامية قبل ايام السيطرة الكاملة على الحي الذي شهد معارك ضارية منذ بدء معركة حلب في 20 يوليو الماضي.

وفي دمشق، أعلن مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة الانسحاب من احياء الحجر الاسود والقدم والعسالي في جنوب المدينة بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية استمرت أياماً عدة.

وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان، الليلة قبل الماضية الأحياء الجنوبية لمدينة دمشق، وهي حي القدم والعسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن، «مناطق منكوبة». وقالت ان «تلك الأحياء تعرضت لحملة همجية شرسة من جيش النظام وشبيحته، تجلت بالحصار المطبق الذي فرض على المنطقة، اضافة الى القصف العشوائي الذي استهدف منازل المدنيين ومحالهم التجارية منذ 15 يوليو، ما دفع أغلبية السكان الى النزوح بحثا عن مناطق أكثر أمناً». كما اتهمت الهيئة القوات السورية «بتنفيذ سلسلة طويلة من الإعدامات الميدانية» في المنطقة.

إلى ذلك، قال الأسد خلال لقائه صالحي في دمشق، إن المعركة التي تدور حالياً تستهدف منظومة المقاومة بأكملها وليس سورية فقط، مؤكداً أن بلاده أبدت انفتاحاً في التعامل مع كل المبادرات التي طرحت لإيجاد حل للأزمة.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن الأسد شدد على أن «مفتاح نجاح أي مبادرة هو النوايا الصادقة لمساعدة سورية وبناء هذه المبادرات على أسس صحيحة تحترم السيادة السورية وحرية قرار الشعب السوري، ورفض التدخل الخارجي».

بدوره، أكّد الوزير الإيراني دعم بلاده «غير المحدود للجهود التي تقوم بها الحكومة السورية لاستعادة الأمن والاستقرار بعد الإصلاحات المهمة التي أقرّتها سابقاً وتجاوبت من خلالها مع المطالب الشعبية التي ظهرت في بداية الأزمة».

والتقى صالحي في وقت سابق، أمس، نظيره السوري وليد المعلم.

وكانت ايران اقترحت في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة الاتصال» المؤلفة من ايران وتركيا ومصر والسعودية، الذي عقد الاثنين الماضي في القاهرة، وغابت عنه السعودية، ارسال مراقبين من الدول الاربع للمساعدة على وقف العنف جراء النزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهراً في سورية.

لكن رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا، أعرب أمس عن تحفظه على مشاركة ايران في المساعي الجارية لايجاد تسوية للوضع في سورية. وقال لـ«فرانس برس» في ختام لقاء له مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في الدوحة «لقد أبلغنا القيادة القطرية ملاحظاتنا على موضوع ضم ايران الى الرباعية». وأضاف «نحن اذ نقدر عودة مصر الى المعادلات الاقليمية فإننا نعتقد ان ايران شريك في ما يجري في سورية». وطالب سيدا ايران بـ«الوقوف على الحياد في اقل الاحوال».

تويتر