اشتباكات في العاصمة وحلب تخللها إعدام 23 شخصاً «ميدانياً».. وسورية تهدد بـ «الكيماوي» ضد أي عدوان خارجي

دمشق ترفض عرض «الجامعة» بتنحّي الأســـد مقابل «خروج آمن»

صورة بثها ناشطون تظهر عناصر من الثوار يستولون على دبابة للجيش السوري في حلب. رويترز

رفضت دمشق، أمس، عرض جامعة الدول العربية تنحي الرئيس السوري بشار الاسد مقابل تأمين خروج آمن له ولعائلته، معتبرة ان هذا القرار يعود إلى الشعب السوري، وهدّدت في الوقت نفسه باستخدام السلاح الكيماوي في حال تعرّضها لعدوان خارجي، مؤكدة أن هذا السلاح لن يستخدم في الداخل. فيما أعدمت القوات النظامية السورية 23 شخصاً «ميدانياً» في حيي المزة وبرزة في دمشق اللذين دخلتهما قوات النظام بعد ثلاثة أيام من المعارك العنيفة، بينما وصلت «تعزيزات عسكرية ضخمة» إلى محيط احياء الميدان ونهر عيشة والزاهرة الجديدة في دمشق، مع استمرر الاشتباكات العنيفة في حلب.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، رفض دمشق عرض جامعة الدول العربية تنحي الاسد مقابل تأمين خروج آمن له ولعائلته.

وقال في مؤتمر صحافي، إن «بيان الجامعة العربية الذي يدعو الى التنحي وما إلى ذلك وسلطة انتقالية هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة ودولة مؤسسة للجامعة العربية».

وأضاف «ناسف لانحدار الجامعة العربية الى هذا المستوى اللا أخلاقي في التعاطي تجاه سورية عوضا عن مساعدتها، انهم يؤزمون الموقف». وأكد أنه «بالنسبة الى التنحي نقول للجميع الشعب السوري سيد قرار نفسه وهو من يقرر مصير حكوماته ورؤسائه».

وأوضح أن «الشعب هو من يجتمع في طاولة حوار وطني وما يصدر عن طاولة الحوار نلتزم بمقرراته». ورأى أن كل «هذا الحرص الذي يدعونه (العرب) عار عن الصحة، وهو دليل نفاق».

وكان وزراء الخارجية العرب توافقوا اثر اجتماعهم في الدوحة، فجر أمس، على عرض مخرج آمن على الرئيس السوري مقابل تنحيه بسرعة عن الحكم.

وأعلنت الدول العربية أيضاً انها ستطلب للمرة الاولى من المعارضة السورية والجيش السوري الحر تشكيل حكومة انتقالية.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، للصحافيين على هامش اجتماع الدوحة «هناك توافق على تنحي الرئيس السوري مقابل خروج آمن، ما طلب اليوم (أمس) هو التنحي السريع مقابل الخروج الآمن من السلطة».

وأضاف أن المجتمعين اتفقوا على «دعوة المعارضة والجيش الحر لعمل حكومة وحدة وطنية»، مشيراً الى انها «أول مرة نتحدث عن هذا في الجامعة العربية».

إلى ذلك، أشار الشيخ حمد إلى ان الاجتماع الوزاري اقر مبلغ 100 مليون دولار للاجئين السوريين، من خلال الجامعة العربية.

من ناحية أخرى، هدّدت سورية، بأنها ستستخدم السلاح الكيماوي في حال تعرّضها لعدوان خارجي، مشيرة الى أن هذا السلاح لن يستخدم في الداخل خلال الأزمة التي تشهدها حاليا مهما كانت التطورات. وقال مقدسي، إن «أي سلاح كيماوي أو جرثومي لن يتم استخدامه أبداً خلال الأزمة في سورية»، لافتاً الى أن «هذه الأسلحة مخزّنة ومؤمّنة من قبل القوات العربية السورية، ولن تستخدم إلا في حال تعرّض سورية لعدوان خارجي».

واعتبر مقدسي أن بلاده «تتعرض لحملة إعلامية خارجية موجّهة تحت مزاعم إمكانية استخدام أسلحة دمار شامل»، وقال «كنا قد حذّرنا من إعطاء الجماعات المسلحة القنابل التكتيكية والجرثومية لكي يتم اتهام الجيش السوري بذلك، لكن نقول إن هذه الحملة الإعلامية والسياسية لا تفيد لمساعدة سورية بتخطي أزمتها».

وفي بروكسل، قرر الاتحاد الأوروبي، أمس، تشديد عقوباته على سورية وعمليات مراقبة الحظر على الاسلحة لزيادة الضغط على نظام الاسد، موضحاً أنه يناقش في الوقت نفسه مسألة زيادة مساعدته الانسانية للاجئين. وتبنى وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي على هامش اجتماع في بروكسل المجموعة الـ17 من العقوبات التي تضيف 26 شخصاً وثلاث شركات جديدة الى اللائحة السوداء للاتحاد الاوروبي التي تمنع منح تأشيرات وتتضمن تجميد ارصدة، كما أعلن الاتحاد الاوروبي.

وشددوا من جهة أخرى الحظر على الاسلحة عبر اعتماد الرقابة الإلزامية للسفن والطائرات المشبوهة بنقل اسلحة وعتاد يمكن أن تستخدم في عمليات القمع في سورية. وسيطبق هذا الاجراء في مرافئ الاتحاد الاوروبي ومطاراته وفي المياه الاقليمية الاوروبية.

على الصعيد الميداني، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، أمس، أن القوات النظامية السورية نفذت «إعدامات ميدانية» في حق 23 شخصاً في حيي المزة وبرزة في دمشق اللذين دخلتهما قوات النظام بعد ثلاثة أيام من المعارك العنيفة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال مع «فرانس برس» إن «16 شخصا معظمهم لا يتجاوز عمره 30 عاماً، اعدموا ميدانياً برصاص القوات النظامية الاحد خلال مداهمات في المزة» في غرب العاصمة السورية. وأضاف أن سبعة آخرين اعدموا بالطريقة نفسها في حي برزة في شمال شرق العاصمة. وقال ردا على سؤال انه لا يعرف ما اذا كان هؤلاء من المدنيين أو من المقاتلين المعارضين.

وبين القتلى اثنان «تم دهس رأسيهما بالآليات»، وواحد مصاب بطلق ناري في عينه. واوضح عبدالرحمن ان ثلاثة من الضحايا وجدوا مقيدين، بينما تعرضت جثث أخرى للطعن. وذكر الإعلام السوري الرسمي، مساء أول من أمس، أن القوات النظامية لاحقت «فلول الارهابيين» في برزة والمزة، وتمكنت من قتل العديد منهم واعتقال العشرات. وبث التلفزيون السوري صوراً عن اقتحام بساتين المزة ظهر فيها عدد كبير من الجنود يطلقون النار وهم يدخلون بين الاشجار. وقال احدهم للتلفزيون «جئنا الى منطقة المزة تلبية لنداء المواطنين لمكافحة الارهابيين الذين تم القضاء عليهم».

وشوهدت، أمس، أعمدة دخان سوداء فوق منطقة المزة في غرب دمشق، غداة يوم شهد عمليات عسكرية مكثفة في المنطقة، في وقت تستمر الاشتباكات عنيفة في مدينة حلب في شمال البلاد، بحسب ناشطين.

وقالت صحافية في «فرانس برس» إن «أعمدة دخان سوداء ترتفع فوق المزة التي استمر فيها القصف وإطلاق النار الكثيف حتى الواحدة من فجر اليوم(أمس).

من جهة أخرى، أفادت لجان التنسيق المحلية عن انقطاع التيار الكهربائي عن كامل احياء وبلدات العاصمة وريفها منذ صباح أمس، مشيرة الى انقطاع كامل للتيار أيضاً في مناطق درعا والسويداء (جنوب سورية) وادلب (شمال غرب).

وذكرت اللجان أن «تعزيزات عسكرية ضخمة» وصلت بعد منتصف الليلة قبل الماضية الى محيط احياء الميدان ونهر عيشة والزاهرة الجديدة، مشيرة الى أنها تتألف من 15 حافلة أمنية واكثر من 50 عنصر مشاة. في هذا الوقت، استمرت «الاشتباكات العنيفة» بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في أحياء من مدينة حلب. وقال ناشطون إن الاشتباكات تتركز في حيي الصاخور ومساكن هنانو.

وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن استئناف «القصف العنيف جداً» على مدينة تلبيسة في محافظة حمص (وسط)، مشيرة إلى أن القوات النظامية تستخدم الطيران المروحي في القصف. كما ذكرت ان القصف تجدد أيضاً على أحياء جورة الشياح والقرابيص والقصور والخالدية والصفصافة وباب الدريب وباب هود والحميدية المحاصرة في مدينة حمص. وتحدثت لجان التنسيق عن قصف مماثل على مدينة الرستن في ريف حمص، تتزامن مع اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في الجهة الجنوبية للمدينة.

تويتر