مصر: مخاوف بعد «فتوى الآثار».. ومطالبات بتدخّل الأزهر

الفتوى أجازت حق التصرّف بالآثار وهو ما يجرّمه القانون. رويترز

أثارت فتوى الداعية الاسلامي، محمد حسان، حول حق الناس بالتصرف في الآثار، موجة غضب واسعة في الشارع المصري، خصوصاً بين علماء الاثار والمثقفين، وفيما اعتبر البعض الفتوى دعوة الى سرقة آثار مصر، اعتبرها اخرون تقويضاً للنظام القانوني الذي يجرّم الاتجار في الاثار. وقال الدكتور بمعهد آثار الاقصر، مصطفى كمال، إن الفتوى يمكنها ان تحدث حالة من الخراب والفوضى في صعيد مصر، حيث يسكن الناس على ثروة اثرية هائلة تقدر بمليارات الدولارات، خصوصاً في محافظة الاقصر التي يعيش اهلها فوق المقابر الفرعونية منذ 7000 سنة.

وقال كمال لـ«الإمارات اليوم» إن الفتوى تحسم الصراع لمصلحة اللصوص الذين يدخلون في معركة مع الدولة منذ الاف السنين وقاموا بسرقة وتهريب اهم القطع الاثرية التي تتزين بها العواصم الاوروبية الان. واوضح ان الناس في الصعيد يحرسون الاثار بحمية وطنية ودينية رغم فقرهم، ومثل هذه الفتاوى تمثل لهم مخرجاً دينياً للاستيلاء على ثروات البلاد، محذراً من وجود عصابات دولية جاهزة لتفعيل الفتوى، وضخ ملايين الدولارات في جيوب الناس.

وكان الشيخ حسان قد أجاب من خلال برنامجه على شاشة فضائية «نسائم الرحمة» التي يمتلكها عن سؤال حول حكم بيع الآثار بقوله: «إذا كانت في أرضٍ تملكها أو في بيت لك فهذا حقك، ورزقك ساقه الله لك، ولا إثم عليك ولا حرج، وليس من حق دولة ولا مجلس ولا أي أحد أن يسلبك هذا الحق، سواء كان ذهباً أو كنزاً.

وأضاف «أما إذا كانت تلك الآثار تجسد أشخاصاً، فعليك أن تطمسها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعها، ومن حرم بيعه حرم ثمنه، وأما إن كانت هذه الآثار في أرض عامة تمتلكها الدولة فليس من حقك أن تأخذها أو تهرّبها أو تسرقها أو تبيعها، فهذا حرام ومالها حرام. واعتبر رئيس قسم الدراسات الثقافية بمكتبة الاسكندرية، حسام تمام، ان خطورة الفتوى انها تأتي من اهم واشهر رموز التيار السلفي في البلاد، وهو التيار المنتشر بكثافة بين الفئات الفقيرة والمتوسطة. وقال تمام لـ«الإمارات اليوم» إن فتاوى حسان يتلقفها الناس باعتبارها مطابقة لصحيح الدين، وهو ما يمكن ان يضع الدولة المصرية أول مرة في تاريخها في مواجهة مع شعبها الذي حافظ على تاريخه وتراثه منذ الاف السنين. وطالب تمام بسرعة تدخّل رجال الازهر الشريف لمواجهة اثار الفتوى، معتبراً ان الاكتفاء بفتوى التحريم السابقة للازهر لم يعد مقبولاً. واعتبر مستشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار، الدكتور مختار الكسباني، أن الفتوى التي أصدرها محمد حسان بخصوص بيع الآثار فتوى تحلّل السرقة والنهب والتنقيب عن الآثار، وهو ما يجرّمه القانون.

ووفقاً لما جاء بالبلاغ الذي تقدّم به محمود عبدالله الزهيري، وهاني زكريا، ودينا أمين جاد، والذي حمل رقم 17586 لسنة 2010 عرائض النائب العام، أن تلك الفتوى تعني أن جميع الآثار التي يتم العثور عليها في أرض مملوكة لأي شخص، هي ملك له يحق له امتلاكها وبيعها والانتفاع بثمنها، وهو الأمر الذي يخالف القانون الذي يجرّم تداول الآثار بأي شكل من الأشكال، وحدد القانون في نصوصه القاطعة عقوبات لمن يقترف الجرائم التي يرتكبها مجرمو الآثار، فضلاً عن أنها تخالف القوانين الملزمة بها مصر بموجب اتفاقية اليونسكو لعام ،1970 التي تلزم مصر بحماية آثارها.

ووصف مقدّمو البلاغ أنفسهم أنهم مصريون لديهم الوعي الحقيقي للاهتمام بمصر ومستقبلها والحفاظ على تراثها، وإنقاذ الآثار المصرية، ومواجهة الجهل والسيطرة على عقول البسطاء من الناس، ودفعهم الى التفكير وليس تقديس الأشخاص.

تويتر