شمل المتحف وقلعة القاهرة ومؤسسة السعيد

الانقلابيون يدمّرون موروث العاصمة الثقافية لليمن

كنوز الحضارة اليمنية تعرضت للدمار والتلف. الإمارات اليوم

تواصل الآلة الحربية لميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح الانقلابية، تدميرها للموروث الثقافي والتاريخي والأثري للعاصمة الثقافية اليمنية تعز، التي تعاني حصاراً شديداً فرضته الميليشيات منذ أشهر لإخضاع السكان، وهو ما اعتبره مهتمون محاولة لطمس الهوية الثقافية للمدينة.

 

وعمل الانقلابيون، خلال الأشهر الماضية في حربهم على المحافظة، على قصف المعالم التاريخية والأثرية، والمراكز الثقافية الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة الشرعية، وتحويل ما يقع ضمن إطار سيطرتهم، إلى ثكنات عسكرية ومواقع تمركز، كما كانت الحال في قلعة القاهرة التاريخية.

 

واعتمدت محافظة تعز، عاصمة ثقافية لليمن، بموجب قرار جمهوري، أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي، مطلع يناير من عام 2013م.

وأوضح الصحافي المهتم بشؤون الثقافة، زكريا الكمالي، لـ«الإمارات اليوم»، أن الحكومة قامت، عقب صدور هذا القرار، بافتتاح قلعة القاهرة من أجل تشغيلها كمسرح شعري ومتحف، في حين كانت بصدد وضع اللمسات الأخيرة لافتتاح المتحف الوطني، الذي قام بترميمه الصندوق الاجتماعي للتنمية، قبل الانتقال إلى قصر صالة التاريخي، لافتاً إلى أن تلك المواقع التاريخية تحولت في غضون أيام إلى مواقع عسكرية.

وأشار الكمالي إلى أن مسلحي الحوثي سيطروا على قلعة القاهرة، وجعلوا منها موقعاً لقصف المدينة، كما قاموا بتحويل قصر صالة إلى ثكنة عسكرية، تقصف الأحياء السكنية، الأمر الذي جلب لها الغارات الجوية، مضيفاً أن الميليشيات الانقلابية قامت بقصف المواقع التي لم تستطع التمركز فيها، مثل مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة والمتحف الوطني.

فيما ذكر تقرير صادر عن ست منظمات حقوقية في تعز، أن قوات صالح والحوثي قصفت عمداً مرافق أثرية من بينها قلعة القاهرة، التي تقوم باستهدافها دون مبرر بشكل يومي، منذ تاريخ 15 أغسطس 2015، إلى جانب استهداف المتحف الشعبي وجامع الأشرفية، وجامع المظفر الذي يعد إرثاً حضارياً عمره 900 سنة.

ولفت التقرير إلى همجية القصف طالت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، والتي تعتبر الرائدة في العمل الفكري والابداعي، وتحوي آلاف الكتب، والمخطوطات التاريخية النادرة لليمن.

وأشار التقرير إلى أن الميليشيات الانقلابية عملت، مطلع ديسمبر الماضي، على تدمير مبنى إذاعة تعز بالديناميت وتسويته بالأرض، منوهاً بالأرشيف الثقافي والفني، الذي تمتلكه الإذاعة لفترات تاريخية متعاقبة للمحافظة.

كما تعرضت مكتبة الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات بالمدينة، لقصف ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية.

وأوضحت مديرة المتحف الوطني في المحافظة، بشرى الخليدي، لـ«الإمارات اليوم»، أن المكتبة، التي تم قصفها تحتوي على 80% من مقتنيات المتحف، الذي كان يجري الاستعداد لترميمه قبل الحرب، لافتة إلى أن القصف أسفر عن احتراق كل المقتنيات، بما فيها المخطوطات والمطبوعات التي نالت النصيب الأكبر من الضرر.

وبينت الخليدي أن المخطوطات والمطبوعات التي احترقت، يعود عمرها لمئات السنين، ولحقب تاريخية قديمة جداً، ومنها ما هو ديني وطبي وتاريخي، مؤكدة أن اليمن تعرض، بهذا الحادث، لخسارة ثقافية وتاريخية وأثرية كبيرة.

بدوره، اعتبر الكمالي اعتداءات الانقلابيين على الموروث الثقافي والتاريخي لتعز، تأكيداً وبرهاناً على أن الحرب التي يخوضها الانقلابيون في تعز، ليست لسحب قرار حكومي بإعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية، ولكن من أجل طمس هويتها وإرثها الثقافي الممتد منذ عقود، لافتاً إلى أن القلعة تحولت إلى كومة أحجار، والمخطوطات النادرة في متحف العرضي التهمتها نيران القصف المدفعي.

وأشار الكمالي إلى أن تدمير البنية الثقافية، الشحيحة أصلاً، في تعز، سينعكس سلباً على المشهد مستقبلاً، خصوصاً لدى الأجيال القادمة التي ستجد نفسها تعيش في مدينة طُمس تاريخها، مؤكداً أن ذلك لن ينجح في تجهيل الناس كون الثقافة في تعز كانت تنبت في الأغلب من الشارع، من فعاليات على الرصيف وليس المؤسسات، ومعارض فنية على الجدران.

 

تويتر