فرنسا تطلب اجتماعاً لمجلس الأمن حول سورية.. وواشنطن تدعو أنقرة إلى «ضبط النفس»

القوات التركية تدخل عفرين.. وأردوغان يتوعد بـ «سحق» الأكراد

جنود أتراك يتأكدون من جاهزية دباباتهم في منطقة ريحانلي قرب الحدود السورية. إي.بي.إيه

دخلت قوات تركية برية، أمس، الأراضي السورية مستهدفة منطقة عفرين الكردية المتاخمة للحدود التركية شمالاً في اليوم الثاني لهجوم واسع تخلله قصف مدفعي للمدينة لطرد فصائل كردية تعتبرها أنقرة «إرهابية». في وقت أعربت فرنسا عن «قلقها» بشأن «التدهور المفاجئ» في الوضع في سورية، وطلبت اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي، فيما دعت واشنطن أنقرة إلى «ضبط النفس» لتجنب سقوط ضحايا مدنيين.

وأعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم، دخول قوات تركية إلى منطقة عفرين شمال سورية، أمس.

ونقلت وكالة دوغان عن يلديريم قوله إن قوات تركية دخلت إلى منطقة عفرين، التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، انطلاقاً من بلدة غول بابا الحدودية.

كما نقل عن يلديريم أن القوات التركية تسعى الى إنشاء منطقة أمنية تمتد إلى 30 كلم في الداخل السوري.

وبدأ الجيش التركي، السبت الماضي، عملية عسكرية على عفرين أطلق عليها اسم «غصن الزيتون» لطرد «وحدات حماية الشعب» التي تسيطر على المنطقة، وهي ميليشيا كردية تعتبرها أنقرة «إرهابية»، لكن الولايات المتحدة تدعمها عسكرياً بصفتها رأس حربة في المعارك ضد تنظيم «داعش» من شمال سورية.

• 25 ألفاً من «الجيش السوري الحر» يشاركون في العملية التركية بعفرين.

وأصابت المدفعية والطائرات التركية 153 هدفاً بالإجمال تابعة للفصيل الكردي في محيط عفرين، وتشمل ملاذات ومخازن أسلحة، على ما أعلن الجيش التركي.

وأفادت وكالة «أنباء الأناضول» الرسمية عن تقدم القوات التركية التي لم تحدد عديدها إلى جانب قوات من «الجيش السوري الحر» الذي تدعمه أنقرة، وتوغلها خمسة كيلومترات داخل سورية.

وقال قائد «فيلق الشام»، الذي يعتبر مكوناً رئيساً في «الجيش السوري الحر»، الرائد ياسر عبدالرحيم، إن نحو 25 ألفاً من قواته يشاركون في العملية العسكرية التركية.

وأضاف أن المسلحين لا يعتزمون دخول مدينة عفرين، ولكن فقط محاصرتها وإرغام «وحدات حماية الشعب» الكردية على المغادرة، وكذلك استعادة السيطرة على تل رفعت، وهي بلدة تقع إلى الجنوب الشرقي من عفرين، وسلسلة من القرى العربية كان الأكراد سيطروا عليها في فبراير 2016، ما أجبر عشرات الآلاف من السكان على الخروج منها.

من جهته، كرّر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التهديد بتدمير «أوكار الإرهاب» التابعة لـ«وحدات حماية الشعب» في سورية، فيما تتهم أنقرة الفصيل بانه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً على السلطات التركية في جنوب شرق البلاد منذ نحو 30 عاماً، وتصنفه تركيا والدول الغربية تنظيماً إرهابياً.

وتوقع أردوغان إنهاء الهجوم العسكري في منطقة عفرين «في وقت قريب».

وحذر أمام أنصاره في محافظة بورصة شمال غرب تركيا، أكبر الاحزاب المناصرة للقضية الكردية في تركيا «حزب الشعوب الديمقراطي» من أي محاولة لتنظيم تظاهرات معارضة للهجوم.

وقال: «دعوني أؤكد لكم، أنتم مراقبون لحظة بلحظة»، متوعداً «أياً كانت الساحة التي ستتجمعون فيها فستداهمكم قواتنا الأمنية».

وأضاف «حذار! إذا استجاب البعض لهذه النداءات (بالتظاهر)، وارتكبوا خطأ الخروج إلى الشارع، فسيدفعون الثمن باهظاً».

وقتل 10 أشخاص، بينهم سبعة مدنيين، السبت، جراء القصف التركي على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وفق ما أفاد متحدث كردي لـ«فرانس برس»، لكن الجيش التركي الذي اعلن سقوط ضحايا أصر على انهم جميعاً من «وحدات حماية الشعب» أو حزب العمال الكردستاني (التركي).

وأفاد متحدث باسم الفصيل الكردي بأن القوات التركية حاولت دخول عفرين، «لكننا تصدينا للهجوم».

من جهته، أعلن رئيس بلدية مدينة الريحانية التركية المجاورة للحدود مع سورية، حسين صنفردي، أن قصفاً من الاراضي السورية استهدف المدينة، ما أدى الى مقتل شخص وإصابة 32 بجروح. وذكرت وكالة دوغان للأنباء ان ثلاثة صواريخ سقطت في الريحانية وتسببت في أضرار بالمنازل والسيارات.

وسارع وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الى اتهام «وحدات حماية الشعب» الكردية بالوقوف وراء هذا القصف.

وكتب الوزير على «تويتر»: «هذا الهجوم الارهابي ضد مدنيين أبرياء يكشف الوجه الحقيقي» لوحدات حماية الشعب الكردية.

ويأتي هذا القصف بعدما سقطت قذائف عدة، الليلة قبل الماضية، في مدينة كيليس التركية شرق الحدود مع سورية، ما ادى الى إصابة شخص بجروح طفيفة.

في السياق، صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، أمس، في الجزائر، أن فرنسا «قلقة جداً» بشأن «التدهور المفاجئ» في الوضع في سورية.

وقال لودريان في كلمة ألقاها في اجتماع مجموعة «5+5» لدول غرب حوض البحر الابيض المتوسط: «لهذا السبب طلبنا اجتماعاً لمجلس الأمن لتقييم الوضع الانساني الخطر جداً» دون أن يوضح مآل هذا الطلب.

وقال لودريان: «أولاً هناك المعارك في منطقة عفرين، ثم هناك خنق حقيقي لمنطقة الغوطة الشرقية من طرف قوات النظام، ما ادى الى ما يشبه سجناً يقبع فيه 400 ألف شخص لا تصلهم المساعدات الانسانية».

وفي باريس، حضت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، أمس، تركيا على إنهاء العملية في عفرين، معتبرة عبر قناة «فرانس 3» أن «هذه المعارك يجب أن تتوقف»، لأنها قد تدفع بـ«القوات المقاتلة الكردية المنخرطة بزخم إلى جانب التحالف الذي تنتمي إليه فرنسا، بعيداً عن المعركة الأساسية» ضد الإرهاب وتنظيم «داعش» المتطرف. بدورها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناويرت: «نحضّ تركيا على ممارسة ضبط النفس، وضمان أن تبقى عملياتها محدودة في نطاقها ومدتها، ودقيقة (في أهدافها) لتجنب سقوط ضحايا مدنيين». ومع تسارع التطورات ميدانياً أعربت روسيا عن «القلق» ودعت الى «ضبط النفس». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية ان العسكريين الروس المنتشرين في منطقة عفرين أخلوا مواقعهم «تجنباً لاستفزازات محتملة» قد يتعرضون لها. كما أعربت مصر، أمس، عن رفضها للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية ضد مدينة عفرين.

وشددت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، على أن هذه العمليات «تمثل انتهاكاً جديداً للسيادة السورية، وتقوض جهود الحلول السياسية القائمة وجهود مكافحة الإرهاب في سورية».

في موازاة ذلك، تظاهر العشرات في العديد من المدن بإقليم كردستان في شمال العراق، أمس، احتجاجاً على العملية التركية. ورفع متظاهرون في مدن أربيل والسليمانية وقضاء كويه لافتات وشعارات منددة بالعملية التركية، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل وإيقاف «الهجمات التركية على الأكراد».

تويتر