يحاولن كسر الصور النمطية عن المرأة

ناشطات سوريات يكافحن لإسماع صوتهن في المفاوضات

صورة

في سورية التي دُمّر فيها الكثير، تحاول ناشطات كسر الصور النمطية عن المرأة، وتجاوز العقبات التي يواجههن في بلادهن وفي الخارج؛ إنهن يطالبن بمقاعد في المحادثات التي يمكن أن تجلب أخيراً السلام إلى سورية، بعد سبع سنوات من الحرب. تقول ديما موسى، وهي ناشطة ومؤيدة للمعارضة السورية «نحن هنا للتأكد من أن أصواتنا مسموعة»، متابعة «نحن نعرف ما نريد، نريد أن نكون جزءاً من عملية إعادة بناء سورية». وديما، التي تعيش في إسطنبول الآن، هي واحدة من 40 امرأة (واثنين من الرجال) الذين هم جزء من الحركة السياسية النسائية السورية. وتقول الناشطات إن هذه الحركة هي الأولى من نوعها في البلاد، وتؤكد الناشطات على أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل.

- يُجمع ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة على الفشل في تمكين المرأة في سورية.

- النساء في سورية يشبهن النساء في جميع أنحاء العالم، يشكلن نحو 50% من السكان. ومثل أي مكان آخر، فهن ينتمين إلى أطياف متنوعة.

الطبيبة والكاتبة، مايا الرحبي، هي من بين الأعضاء الذين أسسوا المجموعة في أكتوبر. ثلاثة عقود من النشاط النسوي جعلتها هدفاً مستمراً في سورية، وقالت مايا إنها مُنعت من مغادرة البلاد لمدة ثماني سنوات، لكن تمكنت من الهروب في عام 2014، وتعيش الآن في فرنسا، وتضيف أن «العمل الذي قامت به منظمات المجتمع المدني النسوية داخل البلاد لم يكن كافياً»، وتؤكد مايا «لقد حاولنا الكثير، ولكن لم يسمع أحد صوتنا، وكان علينا أن نفعل شيئاً، لذلك أنشأنا هذه الحركة للذهاب إلى داخل العملية السياسية، والجلوس حول طاولة المفاوضات».

وفي هذه الأثناء، يزدحم اللاعبون الرئيسون حول طاولة المفاوضات للمرة الثامنة هذا الأسبوع في جنيف. ويقود المحادثات مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، ويُجمع ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة على «الفشل في تمكين المرأة في سورية».

النساء في سورية يشبهن النساء في جميع أنحاء العالم، يشكلن نحو 50% من السكان. ومثل أي مكان آخر، فهن ينتمين إلى أطياف متنوعة. وتقول ديما موسى «هناك نساء يرتدين الحجاب، وبعضهن لا يفعل». موضحة «كثير من النساء لديهن خبرات مهنية، وبعضهن أمهات وربات بيوت، ولكن بالنسبة لكثير منا (في الحركة)، فقد كانت أمهاتنا وجداتنا يعملن في وظائف، وحصلن على شهادات جامعية، وعملن خارج المنزل».

ولدى مايا الرحبي، التي ألّفت كتاباً عن النساء في سورية، وجهة نظر أكثر قتامة. ففي حين اعترفت بأن بعض المدن تتمتع بالحريات، مثل النساء في أوروبا أو كندا، ففي المناطق الريفية «ليس لديهن سيطرة على أجسادهن، يجب أن يكون لديهن العديد من الأطفال، ويعملن في أرض أزواجهن دون تقاضي أجر. هل هناك بؤس أكثر من هذا؟». وتابعت «لم نتمكن من تمكينهن، لأن النظام منع ذلك».

ولكن وسط أنقاض سورية، ترى النساء فرصة قوية. ويتركز بيان المجموعة، الذي كتب في مؤتمرها الأول، الشهر الماضي، على تكريس المساواة في دستور جديد. تقول ديما إن «حلمي لسورية هو السلام، وبلد يتمتع فيه كل مواطن بالحماية القانونية، ومساواة بين جميع المواطنين الآخرين، ولا تمييز على أساس أي شيء، سواء كان ديناً أو انتماءً سياسياً أو جنسياً. ويعتبر هذا أمراً مفروغاً منه في أجزاء أخرى من العالم». ويبدو أن ديما على دراية بفقدان هذه الحريات واكتسابها من جديد. لقد غادرت عائلتها سورية في التسعينات، عندما كانت في الـ14 من العمر، واستقرت في الولايات المتحدة. رفض والدها دعم الحكومة التي قادها حافظ الأسد. وتشكل النساء جزءاً من محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة، إلا أن الناشطات يؤكدن أن ذلك لا يتم بطريقة هادفة.

المجلس الاستشاري

أنشأ دي ميستورا المجلس الاستشاري للمرأة السورية في فبراير 2016، ويتألف من 12 امرأة يمثلن منظمات المجتمع المدني المستقلة. وفي ذلك الوقت، وصفت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فومزيل مامبو-نغكوكا، ذلك بأنها «لحظة تاريخية»، وقالت إن «المرأة شريك أساسي في عملية السلام». ولكن الغالبية الساحقة من الممثلين على الطاولة في جنيف هم من الرجال، وفقاً للناشطات، ومن بين 26 شخصاً على طاولة المفاوضات، هناك أربع نساء فقط.

من ناحيتها، اعتبرت مريم جلبي، وهي عضو مؤسس آخر للحركة السياسية النسائية السورية، أن عمل مجلس المرأة على الهامش، فيما فرق التفاوض من الذكور تتخذ القرارات الرئيسة، أمر يجلب الغضب والسخرية. وذلك مع أنها ترى أن مجلس الإدارة كان «فكرة رائعة». وأوضحت الناشطة أن النساء يتابعن سير الأعمال على نحو منهجي، ومن المفترض أن يقدمن النصح، لكن لا يؤخذ بنصائحهن إلا إذا قرر الرجل ذلك.

وقالت ديما إن الأساس المنطقي للمجلس «مشروع»، متابعة أن «هذه الآلية ربما لم تكن الأفضل. يتم تقديم الناشطات بوصفهن صانعات للسلام، يجمعن جميع الأطراف معاً، وهن لا ينتمين سياسياً. يجب القول إننا سياسيون ولسنا محايدين، ونحن إلى جانب المعارضة، وهذا مهم». ويعتقد أعضاء الحركة أن النساء السوريات، من جميع الانتماءات السياسية، ينبغي أن يشكلن 30% من المشاركين في المفاوضات. وهن يدركن جيداً أن هذه المقاعد لن تأتي بسهولة. وفي ذلك تقول ديما «هناك دائماً محاولة للرد، وتهميش ما نقول وما نفعل»، متابعة «ما لم نقف هناك، وما لم نؤكد على ما نراه صحيحاً وما نراه غير ذلك، لن نحقق أي تقدم. وعلينا أيضاً دعم النساء الأخريات، فالنساء بحاجة إلى دعم بعضهن بعضاً».

وتردف الناشطة السورية، قائلة «قبل كل شيء، إن الحركة ملتزمة بالمساواة بين الرجل والمرأة، وبين جميع مكونات الشعب السوري، ومن المهم جداً أن يكون ذلك مقنناً». والنساء لا يردن الانتظار «الآن هو الوقت المناسب دائماً للقيام بكل شيء». وأضافت «إذا انتظرنا حتى انتهاء المفاوضات، فسنبدأ كل شيء من الصفر».

تويتر