بعد كسر الحصار عن مدينتهم

سكان دير الزور ينتظرون الفطائر والبيتزا والدجاج

الحصص تحوي وجبات صحية ومنوّعة. أ.ف.ب

في مدينة دير الزور السورية، ينفض هيثم الأحمد الغبار عن مطعمه لبيع الفطائر والبيتزا استعداداً لإعادة فتحه، بعدما كسر الجيش السوري حصار المقاتلين المتطرفين، ودخلت أولى شاحنات المواد الغذائية.

يتجمع سكان دير الزور منذ الخميس، يومياً، أمام المستودعات التي تبيع المواد الغذائية بأسعار زهيدة.

وداخل مطعمه «أمير الفطائر والبيتزا» بحي القصور في غرب المدينة، يقول هيثم: «سأقدم اللحمة بالعجين والمشحمية (فطائر باللحم) والمحمرة والبيتزا، وكل أنواع الفطائر».

ويضيف: «سنعود لأشغالنا، وستعود دير الزور إلى ما كانت عليه».

وتمكّن الجيش السوري، الثلاثاء، بدعم روسي من كسر حصار مُطبق، فرضه تنظيم «داعش»، منذ مطلع عام 2015، على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية في مدينة دير الزور. وحقق السبت المزيد من التقدم وكسر حصار المقاتلين المتطرفين لمطار دير الزور العسكري المحاذي للمدينة.

وأجبر حصار تنظيم «داعش» لدير الزور هيثم الأحمد على إغلاق متجره، نتيجة النقص في المواد الغذائية، وارتفاع أسعار تلك القليلة المتوافرة.

لكنه اليوم ينظف فرن الغاز في محله، ويساعده أحد العمال على تنظيف القدور الكبيرة تحضيراً لاستخدامها فور إعادة افتتاح هذا المطعم الصغير، بجدرانه الملونة بالأحمر والأسود.

ويقول هيثم: «أغلقت المحل منذ ثلاث سنوات، فلم يكن باستطاعتي الاستمرار، بعدما بلغ سعر كيلو الزيت 5000 ليرة سورية (نحو تسعة دولارات)، وكيلو دبس البندورة 5000 ليرة، وكيلو اللحمة وصل الى 13 أو 14 ألف ليرة (26 دولاراً)». ويسيطر تنظيم «داعش» منذ صيف عام 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، والغنية بالنفط، وعلى 60% من مدينة دير الزور.

شبعت أعيننا

وتسبب الحصار في مفاقمة معاناة السكان مع النقص في المواد الغذائية والخدمات الطبية، حيث بات الاعتماد بالدرجة الأولى على مساعدات غذائية تلقيها دورياً طائرات سورية وروسية، وأخرى تابعة لبرنامج الأغذية العالمي.

ودخلت الخميس شاحنات محملة بالمواد الغذائية مخصصة للبيع بأسعار مخفضة في الأسواق التجارية، كما دخلت الجمعة أول قافلة للهلال الأحمر السوري محملة بالمساعدات إلى المدينة.

ومن فوق شاحنات خضراء ضخمة، وزع متطوعو الهلال الأحمر السوري، السبت، عشرات الحصص الغذائية والصحية، على مئات المواطنين.

وتحوي صناديق كرتونية بيضاء معلبات غذائية وأكياس أرز وبرغل، في حين تحمل أخرى بعض المواد الصحية من صابون ومعجون حلاقة ومعجون أسنان.

وفي الساحة، حيث تجمعت شاحنات الهلال الأحمر، تجر امرأة بمساعدة أحد الشبان صندوقاً على الأرض وتحمل في يدها آخر، ويساعد شاب رجلاً عجوزاً في نقل حصته، ويصدح صوت طفل بهتاف «الله محيي الجيش».

تضحك غالية (48 عاماً) وهي تقف في طابور قرب جدار رسم عليه العلم السوري، قائلة: «شبعت أعيننا من رؤية الحصة (الغذائية) حتى قبل أن نأخذها». وتضيف: «إن شاء الله، لا أحد في العالم كله يعاني كما عانينا، ولا يمر على أحد ما مرّ علينا».

حرمان من كل شيء

ويتجمع سكان دير الزور منذ الخميس، يومياً، أمام المستودعات التي تبيع المواد الغذائية بأسعار زهيدة، إذ بلغ سعر كيلو السكر 300 ليرة (0.6 دولار) وزجاجة الزيت 650 ليرة (1.2 دولار).

وأمام مدخل قاعة تشرين في حي القصور، الجمعة، يحسب أحد العسكريين في الطابور الأموال التي في جيبه، وتخرج طفلة في يديها كيساً من السكر، وعلبة من السمن، وزجاجة زيت.

تقف هبة (24 عاماً) في الطابور تنتظر دورها، وتقول بحجابها الزهري وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة: «نتمنى كل شيء، لأننا كنا محرومين من كل شيء».

وتشير الى طفلة تقف بجوارها، وتقول: «هناك أطفال لا يعرفون جزءاً كبيراً من الخضار والفواكه».

تذرف الطفلة راما (ست سنوات) الدموع وهي تتحدث أمام الكاميرا، وتقول: «سآكل الدجاج والفواكه وكل شيء».

انتظرت (أم عادل) طويلاً أن تطبخ لأولادها طعاماً متنوعاً بدلاً من الاكتفاء بوجبات بسيطة.

وتقول المرأة (58 عاماً) اثناء انتظارها شراء المواد الغذائية الجمعة: «كنت انتظر هذه اللحظة منذ سنوات، كان أملنا بالله كبيراً أن تُفرج عنا، وهذا ما حققه الجيش لنا».

وتضيف: «أشعر بالسعادة وأنا أُطعم أولادي للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات طعاماً يكفيهم».

تويتر