المرصد

الإعلام الغربي وصل إلى الحضيض في شرق حلب

وصلت تغطية الإعلام الغربي إلى الحضيض في حرب سورية، خلال حصار شرق حلب، الذي بدأ في يوليو وانتهى في ديسمبر الماضيين، حيث تمكنت القوات الحكومية من السيطرة على كل أراضي المدينة، ما أدى إلى هروب نحو 100 ألف مدني. وخلال القصف والتدمير فقد العديد من محطات التلفزة والصحف الاهتمام بحقيقة أن التقارير التي يبثونها حقيقية أم لا، بل إنهم كانوا يتنافسون مع بعضهم بعضاً، لبث أكثر القصص وحشية رغم أنها لا تتسم بكثير من الصدقية.

ولطالما يتم تأليف قصص وحشية مزيفة في الحروب، إلى جانب القصص الوحشية الحقيقية، لكن في الحالة السورية كانت القصص المزيفة، وتلك التي تمثل وجهة نظر أحادية، هي الطاغية إلى درجة لم تشهدها منذ الحرب العالمية الأولى. وترجع سهولة انتشار هذا النوع من الدعاية الإعلامية إلى التقنيات الإعلامية الحديثة، مثل «يوتيوب»، والهواتف الذكية، و«فيس بوك»، وغيرهما.

ومنذ عام 2013، كان من الخطورة بمكان على الصحافيين زيارة الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة، بسبب المخاوف من التعرض للخطف، للحصول على الفدية أو حتى القتل أيضاً. أما الصحافيون الذين خاطروا بأرواحهم من أجل ذلك، فقد دفعوا ثمناً باهظاً، أمثال الصحافي الأميركي جيمس فولي. لكن استناداً إلى المطالب الكثيرة من العامة، لمعرفة ما الذي يجري في أماكن المعارضة، أخذ مزودو الأخبار يعتمدون على إعلاميين محليين للحصول على المعلومات. لكن المسلحين الذين سيطروا على هذه المناطق، لم يسمحوا للصحافيين المحليين بنقل الأخبار بحرية.

وفي حقيقة الأمر، إن التقارير الإخبارية التي صدرت من شرق حلب، الواقعة تحت سيطرة تلك المجموعات، لا تعني أنها غير صحيحة، وكذلك صور المباني المدمرة أيضاً، إلا أنها قد تكون انتقائية. الجدير بالذكر أنه عندما عرض على المدنيين بعد نهاية الحصار، خيار الذهاب إما إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة، أو البقاء تحت سيطرة النظام، اختار ثلث هؤلاء الذهاب إلى مناطق المعارضة، رغم أن التقارير التي كانت ترد من شرق حلب المحاصر، تظهر أن جميع المدنيين معادون لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ولا يعني ذلك أن الذين بقوا تحت حكم النظام يعتقدون أنهم سيحظون بمعاملة جيدة هناك، وإنما لأنهم يرون أن الحياة تحت حكم المعارضة ستكون أشد خطراً، إذ إن الخيار في الحرب الأهلية السورية يظل دائماً بين السيئ والأسوأ.

وكانت وسائل الإعلام الدولية تتوقع أنه، في نهاية الحصار، ستقع أسوأ المجازر بشكل يفوق نظيرتها التي شهدها العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن ما يدعو للخجل أنه بعد انتهاء الحصار فقدت هذه الوسائل اهتمامها بقصة حلب. الأمر الذي يظهر أن وسائل الإعلام هذه كان يهمها الحصول على قصص وحشية، وصور التدمير والقتل المثيرة، دون كبير اهتمام بالبشر، الذين من المفروض أن يتمتعوا بأبسط حقوق الإنسان مثل حق الحياة.

تويتر