إنترفيو

هيبرت فيدرين: مأساة حلب تشير إلى انهيار السياسات الغربية الموجهة

صورة

تعقد المشهد الدولي، بحيث اختلت موازين القوى بشكل كبير، ويرى وزير الخارجية الفرنسي السابق، هيبرت فيدرين، أن الوقت قد فات كي تلعب أوروبا دوراً في حل الأزمة السورية.. وفي ما يلي مقتطفات من الحوار، الذي أجرته معه صحيفة لوموند:

- كيف ترون التدخل الروسي في سورية؟

هناك غزل بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، الآن، لكنني لا أرى أي أساس يبنى عليه اتفاق شامل بين واشنطن وموسكو. حتى الصين وروسيا لن تتفقا، رغم خطابهما المشترك ضد الغرب.

- هذا تدخل من نوع آخر، التدخل في بلد أجنبي ليس بالضرورة لحماية حقوق الإنسان، كما يعتقد الفرنسيون؛ هناك حالات يتم فيها التدخل لحماية المصالح الحيوية لبلد ما. والأمر لا يقتصر على التجارة الخارجية وحسب. تبرير تدخلنا في مالي (يناير 2013) ليس فقط من أجل «قيمنا»، لكن تدخلنا الذي تم بنجاح كان بهدف حماية أمننا، وأمن القارة الإفريقية.

- إذاً نحن بصدد العودة إلى عالم مبني على مناطق للنفوذ!

- ستبذل محاولات في هذا الاتجاه، نظراً لغياب مجتمع دولي ونظام عالمي، وأيضاً بسبب حضور أقل لـ«شرطي العالم». ها هي الصين لا تتوقف عن تعزيز قوتها، وروسيا قد استيقظت، حتى إن كانت نقاط ضعفهما واضحة. بعض البلدان تفكر بهذه الطريقة، وقد كان هذا هو هدف ألمانيا، من الناحية الاقتصادية، عقب توسع الاتحاد الأوروبي شرقاً.

- ماذا عن منطقة الشرق الأوسط؟

- الشرق الأوسط يتفكك أمام أعيننا، وأي من القوى الإقليمية لم تتمكن من فرض إرادتها بشكل واضح. لا النظام الإيراني باستراتيجيته الطائفية، ولا تركيا التي تريد استعادة مجدها العثماني، ولا إسرائيل التي أخطأت في سياستها إزاء فلسطين، وباتت لا تبحث سوى عن ضمان أمنها. أضف إلى ذلك أنه لا توجد قوة خارجية لديها الوسائل لفرض حل من خلال اتفاقيات جديدة، مثل اتفاقية «سايكس بيكو»، التي أبرمت بين بريطانيا وفرنسا في 1916.

- هل نحن أمام عالم يسيطر عليه ثلاثة أقطاب: الولايات المتحدة وروسيا والصين، في حين تلعب أوروبا دوراً ثانوياً؟

- للأسف، قد تكون هناك أوروبا متفرجة! لكن هذه القوى الثلاث التي ستحمل ثقلاً كبيراً.. هل ستتفق في ما بينها؟ هناك نوع من الغزل بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، الآن، لكنني لا أرى أي أساس يبنى عليه اتفاق شامل بين واشنطن وموسكو. حتى الصين وروسيا لن تتفقا، رغم خطابهما المشترك ضد الغرب. لقد أصبحت اللعبة الدولية أكثر تنوعاً وتحولاً، بسبب تعدد الجهات الفاعلة والقضايا.

- سقوط حلب، وتولي الثلاثي (روسيا، وتركيا، وإيران) حل الأزمة السورية، ألا يدل ذلك على نظام دولي جديد؟

- فكرة النظام العالمي التي تبنيناها وهمية، ومأساة حلب ترمز لخطأ فادح ارتكبه الغرب، منذ البداية. إنها مقارنة بالفشل الذريع في السويس عام 1956، إذ تدخل تحالف ضم فرنسا وبريطانيا وإسرائيل عسكرياً في مصر، عقب تأميم قناة السويس من قبل الرئيس جمال عبدالناصر، وبضغوط من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، انتهت العملية العسكرية.

حلب ترمز إلى انهيار السياسات الغربية الموجهة بمعايير أخلاقية غير ناجعة. في النهاية، أمسكت موسكو بأوراق اللعبة مع إيران، وحتى لو أخفقت روسيا، لن نتمكن من دخول اللعبة، فلنتعلم من ذلك!

تويتر