مقتل 15 مدنياً بقصف على الغوطة الشرقية قرب دمشق

بوتين يعلن هدنة في سورية باتــــفاق النظام والمعارضة.. وبدء محادثات ســــلام دولية

جندي سوري يساعد سكاناً في العاصمة دمشق للحصول على حاجتهم من مياه الشرب. إي.بي.إيه

أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، عن اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية اعتباراً من منتصف الليل، في ضوء اتفاق بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة على بدء محادثات سلام دولية مع تركيا وإيران، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 15 مدنياً على الأقل، وإصابة العشرات بجروح في غارات شنتها طائرات مجهولة وقصف مدفعي لقوات النظام السوري على الغوطة الشرقية قرب دمشق.

فبعد أقل من 10 أيام على النصر الاستراتيجي الذي أحرزه الجيش السوري في حلب، مدعوماً من القوات الروسية ومجموعات مسلحة إيرانية وعراقية، دخل النزاع السوري في الأسابيع الأخيرة مرحلة جديدة برعاية روسيا وإيران عرابتي دمشق وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة.

وأدت لقاءات عدة بين مبعوثين روسا وممثلين للفصائل المعارضة في تركيا، طرحت خلالها فكرة وقف إطلاق النار منذ أول من أمس، إلى إعلان الرئيس الروسي عن هدنة وشيكة، أكدها الجيش السوري وأنقرة والائتلاف الوطني السوري الذي يمثل المعارضة في المنفى.

وقال بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية إن «حدثاً انتظرناه منذ زمن وعملنا كثيراً من أجل الوصول إليه، تحقق قبل بضع ساعات». وأضاف «تم توقيع ثلاث وثائق، الأولى بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة حول وقف لإطلاق النار على مجمل الأراضي السورية»، موضحاً أن الوثيقة الثانية تشمل تطبيق إجراءات تهدف إلى مراقبة احترام الهدنة.

وتابع الرئيس الروسي أن «الوثيقة الثالثة هي إعلان (أطراف النزاع) استعدادهم لبدء محادثات السلام».

من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن «أبرز قوات المعارضة المسلحة» وقعت الاتفاق، وهي بالإجمال سبع مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل مسلح وقعت اتفاق وقف إطلاق النار مع النظام السوري، بينها حركة أحرار الشام.

وسبق إبرام عدد من اتفاقات وقف إطلاق النار بوساطة واشنطن وموسكو، لكنها سرعان ما فشلت. في المقابل، هذه المرة الأولى التي ترعى فيها تركيا اتفاقاً مماثلاً، علماً بأن هذا الاتفاق تم بغياب الولايات المتحدة التي انسحبت واقعاً من الملف بعد سقوط حلب وانتخاب دونالد ترامب رئيساً.

من جهة أخرى، أعلن بوتين «خفض» عديده العسكري في سورية. وتابع بوتين «أنا أؤيد اقتراح وزارة الدفاع بخفض وجودنا العسكري في سورية». وأكد «لكننا سنواصل من دون شك مكافحة الإرهاب الدولي»، و«دعم الحكومة السورية الشرعية» في هذه الحملة.

وسبق أن أعلن الكرملين في مارس انسحاباً جزئياً لقواته العسكرية من دون تحديد حجمه.

على صعيد آخر، أعلنت موسكو بدء الاستعدادات لمحادثات السلام من أجل تسوية النزاع السوري، التي يفترض أن تتم في أستانة عاصمة كازاخستان قريباً، في يناير على الأرجح، بمبادرة من روسيا.

وصرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، «سنبدأ مع تركيا وإيران الإعداد للقاء أستانة»، من دون تحديد المجموعات المعارضة التي ستجلس مقابل ممثلي الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى طاولة المحادثات التي تجري برعاية روسيا وتركيا وإيران.

كما يفترض أن تلي اجتماع أستانة مفاوضات بين الأطراف السورية، تستضيفها جنيف في الثامن من فبراير برعاية الأمم المتحدة. وأشار وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إلى أن اجتماع أستانة «ليس بديلاً عن لقاء جنيف، بل مرحلة مكملة له».

ووصفت تركيا اتفاق وقف إطلاق النار في سورية بأنه خطوة مهمة في ما يتعلق بالصراع في البلاد، مؤكداً أن روسيا تدعمه مع تركيا باعتبارهما دولتين ضامنتين لتطبيقه.

وقالت الرئاسة التركية، في بيان أوردته وكالة الأناضول، أمس، إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بحث مع بوتين في اتصال هاتفي الاتفاق ومحادثات أستانة بكازاخستان المنتظرة.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن الاتفاق لا يشمل المجموعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي إرهابية.

ويهدف الاتفاق، وفقاً لقالن، إلى تعميم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في حلب ليشمل مناطق سورية الأخرى، وضمان الوصول الإنساني بشكل دائم إلى المناطق المختلفة، وإحياء العملية السياسية. وأكد قالن أن أردوغان سيستمر في العمل والمبادرة من أجل نجاح عملية أستانة.

من جانبها، رحّبت المعارضة السياسية السورية، التي مقرها تركيا، بالإعلان عن وقف إطلاق نار شامل في سورية، ودعت جميع الأطراف للعمل على إنجاحه. وقال الائتلاف الوطني السوري في بيان إن الجيش السوري الحر ملتزم بالهدنة.

كما قال متحدث باسم المعارضة المسلحة إن وقف إطلاق النار الذي تضمنه روسيا وتركيا لا يشمل تنظيم «داعش» ولا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال المتحدث باسم الجيش السوري الحر، أسامة أبوزيد، متحدثاً في مؤتمر صحافي في أنقرة عقب الإعلان عن الاتفاق، إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لن يشارك في محادثات بشأن سورية مقررة في أستانة عاصمة قازاخستان

وأعلن الجيش السوري في بيان وقفاً شاملاً للعمليات القتالية على جميع الأراضي السورية، بدءاً من منتصف الليلة الماضية، على أن يستثني تنظيم «داعش» وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة).

وعلّق مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، على الاتفاق قائلاً «نأمل أن يسهم تنفيذ وقف إطلاق النار في إنقاذ أرواح المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والتمهيد لمحادثات بناءة في أستانة».

ميدانياً، أفاد المرصد السوري عن «مقتل 15 مدنياً على الأقل، بينهم ستة أطفال، جراء تصعيد القصف الجوي والمدفعي على مناطق عدة في الغوطة الشرقية، هي مدن دوما وحرستا وعربين وزملكا وسقبا». ولم يتمكن المرصد من تحديد ما إذا كان القصف الجوي سورياً أم روسياً.

تويتر