فرنسا تطالب مجلس الأمن بعقد اجتماع فوري لبحث التطورات

الأمم المتحدة تحذّر من وضـع «مخيف» في شرق حلب

عائلات فرّت من أحياء حلب الشرقية تتجمع لركوب الحافلات الحكومية في حي جبل بدرو للذهاب إلى أحياء النظام. أ.ف.ب

وصفت الأمم المتحدة، أمس، الوضع في شرق مدينة حلب، بـ«المخيف»، بعدما دفع التقدم السريع لقوات النظام السوري داخل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة نحو 16 ألف مدني إلى الفرار نحو مناطق أخرى، فيما طالبت فرنسا مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع فوري، لبحث تطورات الوضع في حلب، وسبل تقديم المساعدات للسكان المحاصرين.

وأعرب رئيس العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، أمس، عن «غاية القلق على مصير المدنيين، بسبب الوضع المقلق والمخيف في مدينة حلب»، مع استمرار عمليات الفرار من مناطق الاشتباك بين قوات النظام والفصائل في حلب.

وخسرت الفصائل المعارضة، أول من أمس، كامل القطاع الشمالي من الأحياء الشرقية، إثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها، في إطار هجوم بدأته منتصف الشهر الجاري لاستعادة السيطرة على كامل مدينة حلب. ودفعت الاشتباكات الآلاف إلى الفرار.

وقال أوبراين، إن «كثافة الهجمات على أحياء شرق حلب في الأيام الأخيرة»، أجبرت نحو 16 ألف شخص على «الفرار إلى مناطق أخرى من المدينة».

ولا يشمل هذا العدد الآلاف من المدنيين الذين نزحوا داخل الأحياء الشرقية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأحصى المرصد، أمس، فرار أكثر من 7000 مدني إلى حي الشيخ مقصود، ذي الغالبية الكردية، وأكثر من 5000 إلى مناطق تحت سيطرة قوات النظام، بعد حصيلة سابقة، أفادت بنزوح 10 آلاف مدني خارج الأحياء الشرقية.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، أمس، إن الآلاف نزحوا منذ ليل الاثنين الثلاثاء إلى مناطق سيطرت عليها قوات النظام في اليومين الأخيرين، وتحديداً من حيي الشعار وطريق الباب، اللذين يشكلان حالياً خطوط المواجهات بين طرفي النزاع، وفيهما كثافة سكانية مرتفعة.

من جهتها، قالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بتينا لوشر، أمس، في جنيف، إن المدنيين في شرق حلب، يواجهون ظروفاً «رهيبة»، واصفة الوضع بأنه «انحدار بطيء نحو الجحيم».

وحتى بدء الهجوم، كان يعيش أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية في ظروف صعبة، نتيجة حصار بدأته قوات النظام قبل نحو أربعة أشهر. ودخلت آخر قافلة مساعدات إنسانية إلى مناطقهم في يوليو الماضي.

ووجهت الأمم المتحدة، أول من أمس، نداء عاجلاً إلى الأطراف المتحاربة، لتتوقف عن قصف المدنيين في شرق حلب، معربة عن «قلقها البالغ» حيال مصير المدنيين الواقعين بين نارين «في ظروف مروعة».

وأظهرت مقاطع فيديو لـ«فرانس برس» دماراً هائلاً في شرق حلب، في وقت شاهد مراسل الوكالة في شرق حلب عشرات العائلات معظم أفرادها من النساء والأطفال، تصل تباعاً سيراً على الأقدام. ويعاني أفرادها الإرهاق والبرد الشديد والجوع، حتى إن بعضهم ليس بحوزته المال لشراء الطعام.

وأعلن جهاز الدفاع المدني في شرق حلب نفاد كامل مخزونه من الوقود، ودعا جميع «المنظمات الإنسانية والإغاثيّة والطبيّة التدخل السريع لوقف الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون».

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في حي الأنصاري إبراهيم أبوالليث، «النزوح جماعي والمعنويات منهارة، تنام الناس على الأرض، لا مأكل ولا مشرب ولا مأوى أو ملجأ».

وإزاء ما وصفه بـ«الكارثة الإنسانية» في شرق حلب، طالب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أمس، مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع «فوراً»، من أجل «النظر في الوضع في هذه المدينة الشهيدة، وبحث سبل تقديم الإغاثة لسكانها».

وقال في بيان «ثمة حاجة ملحّة أكثر من أي وقت لتطبيق وقف للأعمال الحربية، والسماح بوصول المساعدة الإنسانية من دون قيود».

ومن المقرر عقد محادثات بشأن سورية في مجلس الأمن الدولي، لكنها ليست على ارتباط بالوضع في حلب. وتشكل سيطرة قوات النظام على أكثر من ثلث الأحياء الشرقية، وفق المرصد، الخسارة الكبرى للفصائل المعارضة منذ سيطرتها على شرق المدينة في 2012.

وأفاد المرصد السوري، أمس، بمقتل 10 مدنيين على الأقل، جراء غارات شنتها طائرات روسية على حي باب النيرب، الخاضع لسيطرة المعارضة، في وقت تركزت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في حيي طريق الباب والشعار، الملاصقين لحيي جبل بدرو والصاخور الاستراتيجيين، اللذين خسرتهما الفصائل، أول من أمس.

وذكرت صحيفة «الوطن» السورية، القريبة من دمشق، في عددها أمس، أن الجيش بدأ امس «المرحلة الثانية من عمليته العسكرية، الهادفة إلى تحرير الأحياء الشرقية من حلب، باقتحام الأحياء الجنوبية منها».

وأوضحت انه «في حال سيطرة الجيش على حي طريق الباب، يغدو بمقدوره الوصول إلى حي الشعار، الذي يعد من أهم معاقل (جبهة النصرة)»، التي بات اسمها «جبهة فتح الشام»، بعد فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة.

في السياق، قال كبير مفاوضي المعارضة السورية، جورج صبرا، إن خسارة الجزء الشرقي من مدينة حلب، الخاضع لسيطرة المعارضة، لن تعني انتهاء المعركة ضد حُكم الرئيس السوري بشار الأسد.

وشدد صبرا في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) على أن خسارة حلب تعني أن الأمل بالتوصل إلى اتفاق سلام أضحى أكثر صعوبة، لكنه أكد أن خسارة حلب «لن تكون نهاية للثورة».

وقال إن «حلب مدينة مهمة للثورة، إلا أنها ليست آخر مكان»، مضيفاً: «لدينا الآن العديد من المناطق تحت سيطرة الجيش السوري الحر».

وحذر صبرا من تداعيات الحملة العسكرية التي تشنها القوات السورية الحكومية وحلفاؤها، مشيراً إلى أنها «تقضي على جزء من العملية السياسية».

تويتر