مجلس الأمن يمدد التحقيق الأممي في الهجمات الكيماوية بسورية عاماً

النظام يصعّد حملته العسكرية على أحياء حلب الشرقية

صورة

صعدت قوات النظام السوري، أمس، حملتها العسكرية على أحياء حلب الشرقية، وأجبرت كثافة القصف الجوي والمدفعي السكان المحاصرين على ملازمة منازلهم، وحالت دون وصول سيارات الإسعاف إلى الضحايا، بعد ليلة تخللها اشتباكات عنيفة جنوب المدينة. في وقت مدد مجلس الأمن الدولي، لمدة عام، تفويض فريق المحققين الدوليين المكلفين تحديد المسؤولين عن هجمات بالأسلحة الكيماوية وقعت في سورية.

وكثفت القوات النظامية السورية غاراتها، في اليوم الرابع لاستئنافها قصف الأحياء الشرقية، الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب.

وقال مراسل «فرانس برس» إن عشرات القذائف والصواريخ سقطت، منذ صباح أمس، على الأحياء السكنية التي تعرضت أيضاً لغارات جوية مكثفة.

وأفاد بأن النظام نفذ قصفاً مدفعياً وبراجمات الصواريخ غير مسبوق منذ عام 2014، في تلك الأحياء التي اعتادت الغارات الجوية، في وقت لزم السكان فيه منازلهم، وخلت الشوارع من المارة.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف الجوي والمدفعي استهدف، صباح أمس، أحياء عدة، بينها مساكن هنانو والفردوس والهلك وبستان الباشا وبستان القصر وطريق الباب والصاخور.

وتواجه فرق الإسعاف صعوبة في التوجه إلى أماكن تم استهدافها، بسبب شدة القصف بالصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة.

وفي حي مساكن هنانو، تهتز الأبنية مع كل غارة جوية، وفق مراسل «فرانس برس»، الذي قال إن سكان الحي طلبوا الإسعاف، إلا أن الفرق غير قادرة على الوصول إليهم.

وقال مدير مركز الدفاع المدني في حي الأنصاري، نجيب فاخوري، لـ«فرانس برس»، أمس، «لم نشهد غزارة في القصف المدفعي والصاروخي مثل اليوم، حتى بات من الصعب علينا التوجه إلى أماكن القصف».

وأضاف: «تم طلبنا لإطفاء حريق نشب في حي الفردوس نتيجة القصف، ولم نستطع التوجه إلى هناك».

كما كان القصف عنيفاً، أول من أمس، واشتد ليستمر حتى منتصف الليلة قبل الماضية.

ووثق المرصد مقتل 65 مدنياً على الأقل، خلال أربعة أيام من القصف الجوي والمدفعي على الأحياء الشرقية.

في السياق، شهدت حلب، الليلة قبل الماضية، اشتباكات عنيفة في حي الشيخ سعيد، الذي تسعى قوات النظام للتقدم فيه جنوب الأحياء الشرقية.

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن الاشتباكات عنيفة جداً، وترافقت مع قصف مدفعي متبادل.

وردت الفصائل المعارضة على التصعيد العسكري في شرق حلب، بإطلاق «أكثر من 15 قذيفة صاروخية»، بعد منتصف الليلة قبل الماضية، على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام.

ويعيش أكثر من 250 ألف شخص، في الأحياء الشرقية، في ظروف مأساوية.

ولم تتمكن الأمم المتحدة من إدخال المساعدات، منذ بداية يوليو الماضي، إلى تلك الأحياء، رغم إعلان موسكو ودمشق هدنة لمرات عدة، لعدم حصول المنظمات الإنسانية على الضوء الأخضر من كل الأطراف.

ووزع برنامج الأغذية العالمي وإحدى المنظمات الإنسانية المحلية الأسبوع الجاري، آخر حصص المساعدات الغذائية القليلة، التي كانت متبقية لديهم في المخازن على السكان المحاصرين.

وتزامن التصعيد العسكري في مدينة حلب، بدءاً من الثلاثاء الماضي مع إعلان روسيا، حليفة دمشق، حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب)، وحمص (وسط).

ومنذ الثلاثاء، تركز الطائرات الروسية غاراتها على مناطق متفرقة في محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة «جيش الفتح»، وهو تحالف فصائل على رأسها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).

وأفاد المرصد السوري ومراسل «فرانس برس» في المحافظة باستهداف «طائرات حربية، يعتقد أنها روسية» مناطق عدة، بينها مدينتا سراقب وجسر الشغور.

وفي الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، استهدفت قوات النظام مدينة دوما بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ، مع تحليق كثيف للطائرات الحربية.

وأفاد مراسل «فرانس برس»، في دوما المحاصرة من قوات النظام، بأن فرق الإسعاف والدفاع المدني غير قادرة على التحرك لإسعاف الضحايا. وفي نيويورك، مدد مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، لمدة عام ينتهي في نوفمبر 2017، تفويض فريق المحققين الدوليين المكلفين تحديد المسؤولين عن هجمات بالأسلحة الكيماوية وقعت في سورية.

وأقر التمديد بموجب مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة، وصدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن، بما فيهم روسيا حليفة النظام السوري.

وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سامنتا باور، إن «آلية التحقيق المشتركة هي أداة أساسية لمكافحة الإفلات من العقاب»، مؤكدة أن هناك «أدلة موثوقة على هجمات أخرى بالأسلحة الكيماوية، شنها النظام السوري».

بدوره، شدد نائب السفير الروسي في الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف، على «الأدلة الكثيرة على استخدام منظمات إرهابية أسلحة كيماوية»، معرباً عن أمله ألا يرضخ المحققون «للضغوط التي تمارسها بعض الدول»، بهدف تحميل دمشق المسؤولية عن هذه الهجمات.

وبعد أكثر من عام من التحقيقات، خلص المحققون الى اتهام النظام السوري باستخدام مروحيات لشن هجمات كيماوية، على ثلاث مناطق في شمال سورية عامي 2014 و2015. وكانت تلك المرة الأولى، التي تتهم فيها دمشق مباشرة، ويتم تحديد وحدات من الجيش السوري، وتحميلها المسؤولية عن هجمات بغاز الكلور.

كما اتهموا تنظيم «داعش» باستخدام غاز الخردل، شمال سورية، في أغسطس 2015.

واعتبر السفير الفرنسي فرانسوا ديلاتر، الخميس، أنه على المجلس «أن يذهب أبعد»، و«يضمن معاقبة المذنبين». وأضاف أن «خلاصات آلية التحقيق المشتركة تشير، بوضوح شديد، إلى مسؤوليات نظام» الرئيس السوري بشار الأسد.

تويتر