جرحى حلب مازالوا بانتظار إجلائهم في اليوم الثالث من الهدنة

الأمم المتحدة تؤكد شنّ النظـام هجوماً كيماوياً بإدلب في 2015

صورة

أكد خبراء تابعون للأمم المتحدة، أن الجيش السوري شنّ هجوماً كيماوياً على بلدة قميناس في محافظة إدلب بشمال غرب سورية، في 16 مارس 2015، ليمهد الطريق بذلك أمام مواجهة بين روسيا وأعضاء مجلس الأمن الغربيين بشأن كيفية الرد، في وقت ينتظر مئات من الجرحى المدنيين في الأحياء الشرقية في حلب عملية إجلائهم، بعد إعلان الأمم المتحدة أن الظروف الأمنية غير متوافرة، على الرغم من تمديد روسيا الهدنة الإنسانية لليوم الثالث على التوالي.

وقال تقرير سرّي قدم لمجلس الأمن الدولي، أول من أمس، إن تحقيقاً دولياً خلُص إلى أن القوات النظامية السورية مسؤولة عن هجوم ثالث بالغازات السامة.

وأنحى التقرير الرابع للتحقيق، الذي استمر 13 شهراً للأمم المتحدة ومنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، باللوم على القوات السورية في هجوم بالغازات السامة في قميناس بمحافظة إدلب في 16 مارس 2015.

غير أن الخبراء لم يجمعوا أدلة كافية لتحديد المسؤولية عن هجومين كيماويين آخرين في بنش بالمحافظة نفسها في 24 مارس 2015، وفي كفر زيتا بمحافظة حماة في 18 أبريل 2014.

وفي تقريرهم الرابع، خلص المحققون إلى «أنه توجد معلومات كافية (تتيح) الاستنتاج بأن الهجوم (على قميناس في 16 مارس 2015) تسببت فيه مروحية هليكوبتر تابعة للجيش السوري، ألقت مقذوفاً من ارتفاع عالٍ فلامس الأرض، ونشر مادة سامة أثرت في السكان».

ويعتقد المحققون أن الأمر قد يكون متعلقاً بغاز الكلور، استناداً إلى العوارض التي ظهرت على الضحايا.

ووجد التقرير أن تلك الطائرات الهليكوبتر أقلعت من قاعدتين يتمركز فيهما السربان 253 و255 التابعان للواء 63 للطائرات الهليكوبتر.

وأضاف أنه تم أيضاً رصد السرب 618 مع طائرات هليكوبتر تابعة لسلاح البحرية في إحدى القاعدتين.

ولكن التحقيق قال إنه «لا يستطيع تأكيد أسماء الأفراد الذين كانوا في مركز القيادة والتحكم في أسراب الطائرات الهليكوبتر في ذلك الوقت».

ولكنه أضاف أنه «لابد من محاسبة الذين كانت لهم السيطرة الفعلية في الوحدات العسكرية».

وأكد التقرير تقريراً لـ«رويترز» في سبتمبر، قال إن التحقيق حدد السربين 253 و255 التابعين للواء 63 للطائرات الهليكوبتر.

وكانت لجنة التحقيق، المسماة فريق «آلية التحقيق المشتركة»، أفادت في تقرير بأن مروحيات عسكرية سورية ألقت غاز الكلور على بلدتين في محافظة إدلب في شمال غرب سورية، هما تلمنس في 21 أبريل 2014، وسرمين في 16 مارس 2015.

وأضاف التقرير ان تنظيم «داعش» استخدم من جهته غاز الخردل في مارع بمحافظة حلب في شمال سورية في 21 أغسطس 2015.

ومن أصل تسع هجمات كيماوية مفترضة، نظر فيها فريق «آلية التحقيق المشتركة» وتم شنها بين عامي 2014 و2015، نسب المحققون ثلاث هجمات إلى النظام السوري، وهجوماً واحداً إلى «داعش».

وتم تمديد ولاية فريق «آلية التحقيق المشتركة» حتى نهاية أكتوبر لتمكينها من استكمال تحقيقاتها.

ودعت واشنطن وباريس ولندن إلى فرض عقوبات على مرتكبي هجمات بأسلحة كيماوية في سورية، خصوصاً نظام الرئيس السوري بشار الأسد. لكن روسيا، حليفة الحكومة السورية، تؤمن لها الحماية. وشكّكت موسكو حتى الآن في الخلاصات التي توصل إليها فريق «آلية التحقيق المشتركة»، معتبرة أنه لم يقدم أدلة قاطعة بما يكفي.

إلى ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، إن مهمة روسيا في سورية هي تحريرها من التنظيمات الإرهابية، والحيلولة دون تقسيم البلاد.

وأضاف في مقابلة مع برنامج تلفزيوني إخباري «ليس الهدف هو إقامة قاعدة مؤقتة، إنها وسيلة لتحقيق الهدف الذي أعلنه الرئيس (فلاديمير بوتين)، وهو مساعدة السلطات السورية المشروعة في قتالها (داعش) وغيره من التنظيمات الإرهابية، ويجب تحرير الأرض السورية».

على الصعيد الميداني، ينتظر مئات من الجرحى المدنيين في الأحياء الشرقية في حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حتى الآن عملية إجلائهم.

ولم تشهد ثمانية ممرات أقرت للسماح للسكان والمقاتلين الذين يريدون مغادرة حلب الشرقية، حيث يعيش نحو 250 ألف نسمة، أي حركة.

وصباح أمس، توجه مصور لـ«فرانس برس» من مناطق غرب حلب إلى أحد الممرات في حي بستان القصر، ووجده فارغاً، وهو ما تكرر يومي الخميس والجمعة.

من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن المرصد «لم يسجل حتى الآن، خروج أي شخص عبر المعابر، كذلك فشلت جهود لجان أهلية في مناطق النظام بإخراج جرحى من أحياء حلب الشرقية».

وتتهم السلطات الروسية ووسائل الإعلام الرسمية السورية المقاتلين بمنع أي شخص من مغادرة مناطقهم. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ان المقاتلين يستخدمون «التهديدات والابتزاز والقوة الغاشمة» لمنع المرور عبر الممرات.

كما كانت الأمم المتحدة خططت لإجلاء جرحى في وقت مبكر أول من أمس، لكن في نهاية المطاف قررت تأجيل العملية، لأن «الضمانات المتعلقة بالظروف الأمنية» ليست متوافرة. ومع ذلك، طلبت الأمم المتحدة من روسيا تمديد الهدنة حتى مساء الاثنين.

وتقول الأمم المتحدة ان 200 شخص من المرضى والجرحى يجب إجلاؤهم على وجه السرعة من مناطق المقاتلين في حلب.

وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، ديفيد سوانسون، «هناك جهات فاعلة في هذا النزاع، وأولئك الذين لديهم نفوذ، يجب ان يكونوا جميعاً على الموجة ذاتها، لكنهم ليسوا كذلك».

في السياق، دارت اشتباكات متقطعة، الليلة قبل الماضية، كما تبادل النظام والمقاتلون القصف المدفعي على مشارف حلب، وفقاً للمرصد.

وأكد عبدالرحمن ان «هناك تعزيزات عسكرية من الطرفين، الأمر الذي يظهر أنه ستكون هناك عملية عسكرية واسعة في حال فشل وقف إطلاق النار».

تويتر