أزمة دبلوماسية حادة بين موسكو وباريس بسبب الموقف من الحرب في سورية

روسيا تستهـدف أحيــاء حلــب الشرقية بأعنف غارات منذ أسبوع

صورة

تجددت الغارات الروسية، أمس، على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في حلب، بوتيرة هي الأعنف منذ نحو أسبوع حيث قتل 12 مدنياً على الأقل، في تصعيد يتزامن مع وصول الجهود الدبلوماسية لحل النزاع إلى طريق مسدود، فيما بلغ التوتر الدبلوماسي بين باريس وموسكو، بسبب الحرب في سورية ذروته، أمس، مع إلغاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة مقررة منذ زمن للعاصمة الفرنسية للقاء نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، جراء الشروط التي تفرضها فرنسا.

وأفاد مراسل «فرانس برس» في الأحياء الشرقية بحلب، بتجدد الغارات على الأحياء السكنية ظهر أمس، والتي استهدفت بشكل خاص أحياء القاطرجي والميسر وقاضي عسكري وبستان القصر.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان «مقتل 12 مدنياً، بينهم أربعة أطفال على الأقل، جراء غارات روسية كثيفة على حيي بستان القصر والفردوس»، مشيراً إلى أن «الكثيرين لايزالون تحت الأنقاض».

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إن الغارات الروسية، أمس، هي الأعنف على الأحياء السكنية منذ نحو أسبوع.

وفي حي بستان القصر، قال مراسل «فرانس برس»، إن الغارات أدت إلى تدمير مبنيين بالكامل إثر استهدافهما. ونقل مشاهدته للكثير من الأشلاء، فضلاً عن ضحايا ممددين على الأرض، لم يتمكن السكان من التعرف إلى هويات العديد منهم.

ونقل مشاهدته لمتطوعين من الدفاع المدني، كانوا يعملون بأيديهم على رفع الأنقاض بحثاً عن الضحايا، مشيراً إلى سحب جثتي طفلين على الأقل.

وتنفذ قوات النظام السوري، منذ 22 سبتمبر الماضي، هجوماً على الأحياء الشرقية في حلب، وتدور منذ ذلك الحين اشتباكات على محاور عدة، إلا أن الجيش السوري أعلن في الخامس من أكتوبر «تقليص» عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع الفصائل.

وتركز القصف الجوي، منذ ذلك الحين، على مناطق الاشتباك في المدينة، وتحديداً حي الشيخ سعيد (جنوب)، وحي بستان الباشا (وسط).

وعادة ترد الفصائل المعارضة على القصف بإطلاق قذائف على الأحياء الغربية، الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أمس، بمقتل أربعة أشخاص وإصابة 14 آخرين بجروح، جراء قذائف صاروخية استهدفت حي الحمدانية في الجهة الغربية.

وفي جنوب سورية، قتل خمسة أطفال على الأقل، وأصيب 15 تلميذاً بجروح في قذيفة صاروخية، أطلقتها فصائل معارضة استهدفت مدرسة ذات النطاقين للتعليم الأساسي في مدينة درعا، وفق ما أفادت «سانا».

وتسيطر الفصائل المقاتلة على معظم محافظة درعا، فيما تسيطر قوات النظام على الجزء الأكبر من مدينة درعا، مركز المحافظة، وعلى بلدات عدة في الريف الشمالي الغربي بشكل رئيس.

وتشكل حلب محور الجهود الدبلوماسية حول سورية، إلا أن اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي السبت الماضي، أبرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية، بعدما فشل في تمرير قرارين، أحدهما روسي والثاني فرنسي، حول حلب.

وبرز التوتر الروسي الغربي، أمس، بإلغاء الرئيس الروسي زيارة كانت مقررة إلى باريس في 19 من الشهر الجاري، لافتتاح «المركز الروحي والثقافي الأرثوذكسي الروسي».

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في موسكو «قرر فلاديمير بوتين إلغاء» زيارته المقررة أصلاً لتدشين كاتدرائية كبيرة أرثوذكسية، لكنه «لايزال مستعداً لزيارة باريس، عندما سيشعر هولاند بأنه جاهز» للقائه.

وفي الوقت نفسه، أعرب الرئيس الفرنسي «عن استعداده للقائه في أي وقت»، للدفع باتجاه السلام.

وقال هولاند، أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، إن «الحوار ضروري مع روسيا، لكن يجب أن يكون حازماً وصريحاً»، مشدداً على أن «هناك خلافاً أساسياً» بين باريس وموسكو حول سورية.

وكان الرئيس الفرنسي قال، في وقت سابق، عن سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب «هم ضحايا جرائم حرب».

وفي وقت سابق، أبلغت باريس موسكو بأن هولاند جاهز لاستقبال نظيره الروسي، من أجل «اجتماع عمل» حول سورية، وليس لمشاركته في افتتاح المركز.

من ناحية أخرى، تدور اشتباكات بين فصائل معارضة للنظام السوري في شمال غرب سورية، رغم اتفاق تم التوصل إليه لوقف الاقتتال الداخلي، وفق ما أفاد مراسل لـ«فرانس برس» والمرصد. واندلعت، في السادس من أكتوبر الجاري، اشتباكات بين جماعة «جند الأقصى» من جهة، و«حركة أحرار الشام» وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية في ريف إدلب الجنوبي، على خلفية اعتقالات متبادلة، علماً بأن المجموعتين كانتا متحالفتين سابقاً، وشاركتا في معارك واحدة ضد قوات النظام.

ودفعت هذه المعارك «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، التي تعتبر أبرز الفصائل المسيطرة على محافظة إدلب (شمال غرب)، للتدخل لوقف القتال عبر مفاوضات انتهت الأحد بمبايعة جماعة «جند الأقصى» «جبهة فتح الشام» والانضمام إلى صفوفها.

وتتهم «حركة أحرار الشام»، والفصائل المتحالفة معها، عدداً من قادة جماعة «جند الأقصى»، وعناصره بالارتباط بـ«داعش».

لكن رغم هذه الاتفاقات التي رعتها «جبهة فتح الشام»، تتواصل الاشتباكات بين «أحرار الشام»، وعناصر «جند الأقصى».

وقال مراسل «فرانس برس» في إدلب، إن عناصر من «جند الأقصى» شنوا، عند منتصف الليلة قبل الماضية، هجوماً على أحد مقار «حركة أحرار الشام»، بالقرب من مدينة خان شيخون.

وأكد المرصد تجدد الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، مشيراً إلى استخدام الأسلحة الثقيلة فيها، في ريف إدلب الجنوبي.

تويتر