خروج 131 مقاتلاً معارضاً مع عائلاتهم من حي الوعر بحمص

غارات كثيفة على أحياء حلـب الشرقية.. والمستشفيات تضيق بالمصــــابين

صورة

استهدفت عشرات الغارات الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، منذ منتصف الليلة قبل الماضية، في وقت تعمل فيها المستشفيات بطاقاتها القصوى لإسعاف المصابين. في وقت خرج فيه، أمس، 131 مقاتلاً معارضاً مع عائلاتهم في حي الوعر، آخر معقل للفصائل المقاتلة في مدينة حمص (وسط)، تطبيقاً لاتفاق بين الحكومة والمعارضة.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان «عشرات الضربات الجوية»، التي استهدفت، بعد منتصف الليلة قبل الماضية، أحياء الراشدين وبستان القصر وبستان الباشا والهلك والحيدرية ومساكن هنانو في مدينة حلب، ومخيم حندرات شمال المدينة.

وأشار إلى مقتل مدنيين اثنين على الأقل، وسقوط عدد من الجرحى، جراء هذه الغارات.

وقال مراسل، لـ«فرانس برس» في شرق حلب، إن الغارات اشتدت منذ فجر أمس، خصوصاً في حيي سيف الدولة والمشهد، حيث تسببت في اندلاع حرائق كبيرة.

وتتعرض الأحياء الشرقية في مدينة حلب لغارات جوية عنيفة، يشنها الطيران السوري والروسي، منذ إعلان الجيش السوري الخميس بدء هجوم على هذه الأحياء، التي يحاصرها منذ شهرين تقريباً، بهدف استعادة السيطرة عليها.

وأفاد مدير المرصد، رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، أمس، بمقتل 128 شخصاً أغلبيتهم الساحقة من المدنيين، بينهم 20 طفلاً، وتسع نساء، جراء الغارات السورية والروسية على الأحياء الشرقية في حلب، منذ ليل الخميس حتى فجر أمس.

وتسببت الحملة الجوية الكثيفة على حلب وريفها، في إصابة 400 شخص على الأقل بجروح، وفق المرصد.

وإزاء هذا الواقع، تعمل المستشفيات الرئيسة، الموجودة في شرق حلب، والبالغ عددها ثلاثة على الأقل، في ظل ظروف صعبة، ونقص في المعدات والأطباء.

ونقل مراسل «فرانس برس»، عن مصدر طبي، قوله إن «المستشفيات التي لاتزال في الخدمة تعاني من ضغط هائل، جراء العدد الكبير من الجرحى في الأيام الأخيرة، والنقص الحاصل في الدم».

وأضاف أن «أقسام العناية المشددة باتت ممتلئة بالمصابين، ويجري كل مستشفى 30 عملية جراحية في اليوم الواحد، منذ بدء الغارات».

ومع تعرض العشرات لإصابات، خصوصاً في الأطراف، وفق ما عاين مراسل «فرانس برس»، تزداد وطأة عدم وجود جراحين متخصصين في الشرايين والأوعية الدموية بشرق المدينة.

وأضاف المصدر الطبي أنه «جراء هذا الواقع، يتم التعامل مع الإصابات الخطرة بعمليات بتر فوراً».

من ناحية أخرى، ندد الكرملين، أمس، بـ«النبرة والخطاب غير المقبول» للسفيرين الأميركي والبريطاني في الأمم المتحدة، غداة اتهامهما الجيش الروسي بـ«الوحشية»، وبارتكاب جرائم حرب في النزاع في سورية.

وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «النبرة العامة وخطاب مندوبي بريطانيا والولايات المتحدة غير مقبولين، ويضران بعلاقاتنا».

وأضاف بيسكوف، الذي أشار إلى «الوضع المعقد بشكل خاص في سورية»، إلى أن الفصائل المقاتلة استغلت الهدنة، «لرص الصفوف وتجديد ترسانتها»، قبل شن هجمات جديدة.

وقال «كما نلاحظ دون الانسياق وراء الانفعالات، أنه لم يحصل أي فك للارتباط بين ما يسمى المعارضة المعتدلة وبين الإرهابيين» في حلب، مؤكداً أن «ذلك يجعل الوضع متوتراً جداً».

إلا أن بيسكوف أشار إلى أن روسيا «لا تفقد الأمل ولا الإرادة السياسية»، من أجل إحراز تقدم في عملية السلام في سورية، مع أن وقف إطلاق النار «لم يعط نتيجة كبرى».

ووجهت الدول الغربية، أول من أمس، اتهامات عنيفة إلى روسيا، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول سورية.

ووجهت سفيرة الولايات المتحدة، سامنثا باور، انتقادات قاسية جداً لروسيا، التي تتقاسم مع الولايات المتحدة مهمة الإشراف على المحادثات الخاصة بالملف السوري. أما السفير البريطاني ماثيو رايكروفت، فقد تطرق إلى احتمال رفع الملف أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

إلى ذلك، خرج، أمس، 131 مقاتلاً معارضاً مع عائلاتهم في حي الوعر، آخر معقل للفصائل المقاتلة في مدينة حمص (وسط)، للمرة الثالثة منذ بدء تطبيق اتفاق بين الحكومة والمعارضة المسلحة في ديسمبر الماضي. وأكد محافظ حمص، طلال البرازي، أنه تم، أمس، خروج 131 مسلحاً، و119 شخصاً من عائلاتهم من حي الوعر، إلى الدارة الكبيرة في ريف حمص الشمالي.

وقال للتلفزيون السوري: «سنستمر في إخلاء الحي من المسلحين، ولكن هذا الموضوع سيتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة».

وأضاف «نحن نراهن على استمرار التهدئة، ووقف إطلاق النار وعودة الأهالي والمهجرين إلى حي الوعر، وعلى عدد كبير من المسلحين ممن يرغبون في الاستفادة من مرسوم العفو الرئاسي (لتسوية أوضاعهم)».

وبث التلفزيون صوراً تظهر خروج المسلحين وعائلاتهم من الحي، وهم يتجهون نحو حافلات كبيرة خضراء، من المقرر أن تقلهم إلى وجهتهم، بإشراف عناصر من الجيش السوري.

في السياق، وصف مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، بكلمات مؤثرة الأوضاع في الجزء الشرقي لمدينة حلب السورية، الذي يشهد غارات جوية مستمرة.

وجاء في تقرير دي ميستورا، الذي عرضه على مجلس الأمن، أول من أمس، في نيويورك: «لدينا تقارير وفيديوهات وصور عن استخدام قنابل حارقة، تنتج كرات لهب هائلة بدرجة تضيء الظلام الحالك في شرق حلب، كما لو كان نهاراً».

وكتب دي ميستورا في التقرير أن التحري عن العدد الدقيق للغارات الجوية، التي يتم معظمها في الليل أمر غير ممكن، وأضاف: «سمعنا عبارة (لا مثيل له)، سواء في ما يتعلق بالعدد أو حجم ونوع القصف». وأوضح أن هناك تقارير عن استخدام قنابل خارقة للخنادق، مشيراً إلى أن هناك صوراً لفوهات أرضية، أكبر من التي كانت تحدثها غارات سابقة.

وأضاف دي ميستورا: «المدنيون في كل مكان بالمدينة يسألون أنفسهم: أي مكان على الأرض في هذه المدينة المعذبة، من الممكن أن يكون آمناً».

تويتر