كي مون يفتتح الجمعية العامة بالمطالبة بـ «وقف القتال»

قصف في أنحاء سورية والأمــم المتحدة تعلق قوافل المساعدات

صورة

تعرضت جبهات القتال الرئيسة في سورية، أمس، إلى قصف جوي ومدفعي عنيف، تزامناً مع تعليق الأمم المتحدة كل قوافل المساعدات الإنسانية في سورية، بعد استهداف قافلة مساعدات إنسانية في محافظة حلب بغارة أسفرت عن سقوط 20 قتيلاً، بعد ساعات على إعلان الجيش السوري انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً بموجب اتفاق أميركي ــ روسي، في حين طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لدى افتتاحه أعمال الجمعية العامة للمنظمة الأممية بـ«وقف القتال» في سورية.

وشهدت الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات عنيفة، بعد ساعات على إعلان الجيش السوري بدء عملية واسعة ضد الفصائل المقاتلة.

وفي وسط البلاد، قال الناشط المعارض حسان أبونوح لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام استهدفت بالمدفعية مدينة تلبيسة، أحد أبرز معاقل الفصائل المعارضة في محافظة حمص.

وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، قال الناشط المعارض نايف مصطفى، إن الطيران قصف بالرشاشات الثقيلة مدينة سلقين، التي تسيطر عليها «جبهة فتح الشام»، المتحالفة مع فصائل مقاتلة.

وفي مدينة حلب، حيث تتقاسم الفصائل المقاتلة وقوات النظام السيطرة على أحيائها، قال مراسل لـ«فرانس برس»، إن غارات وقصفاً مدفعياً استهدفت الأحياء الشرقية المحاصرة.

ولازم سكان هذه الأحياء منازلهم خلال الليلة قبل الماضية، خشية القصف، متبادلين المحادثات عبر الإنترنت حول انتهاء الهدنة. وفي صباح أمس، كان دوي قصف قوي يسمع بشكل متقطع في أنحاء المدينة.

وفي الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، أفاد أحد السكان بتعرض حي الموكامبو للقصف.

وشهدت مدينة حلب وأريافها منذ سريان الهدنة هدوءاً في الأيام الخمسة الأولى قبل ان تتعرض في اليومين الأخيرين لغارات وقصف كان أعنفه أول من أمس، واستهدف قافلة مساعدات إنسانية مشتركة كانت متوقفة أمام مركز للهلال الأحمر السوري في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي.

وتسبب القصف منذ مساء أول من أمس، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في مقتل 39 مدنياً على الأقل في محافظة حلب، بينهم 12 شخصاً من متطوعي الهلال الأحمر، وسائقي الشاحنات التي كانت تحمل مساعدات غذائية ولوازم صحية لنحو 78 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، كما تضررت 18 شاحنة على الأقل.

وقال متحدث باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بونوا كاربنتييه، ان «مسؤولاً ومدنيين قتلوا» في الغارة.

وصرّح رئيس الهلال الأحمر عبدالرحمن العطار، في بيان «نحن مستاؤون جداً لمقتل هذا العدد من الأشخاص، من بينهم زميلنا مدير الفرع المحلي عمر بركات».

وغداة استهداف القافلة، أعلنت الأمم المتحدة تعليق كل قوافل المساعدات الإنسانية في سورية، بعد تأكيدها انه في حال ثبت أن الهجوم كان متعمداً، فقد يعتبر «جريمة حرب».

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لاركي، في جنيف: «علقت جميع القوافل بانتظار تقييم جديد للوضع الأمني». وأضاف «انه يوم قاتم جداً للعاملين الإنسانيين في سورية، بل في العالم»، داعياً الى إجراء «تحقيق مستقل».

وقال مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين «دعوني أكن واضحاً: إذا تبين ان هذا الهجوم الوحشي كان استهدافاً متعمداً للعاملين في القطاع الإنساني، فسيرقى إلى جريمة حرب».

وقال مسؤولون أميركيون ان الغارة نفذت من قبل طائرات النظام السوري أو حلفائه الروس، وعلى موسكو تحمل المسؤولية.

لكن وزارة الدفاع الروسية، نفت، أمس، ضلوع اي من الطيران الروسي أو السوري في القصف الجوي الذي استهدف القافلة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال إيغور كوناشنكوف، في بيان نقلته وكالات الأنباء، إن «أياً من سلاحي الجو الروسي والسوري لم ينفذ أي غارة على القافلة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في ضواحي جنوب غرب حلب».

كما شكك المتحدث بأن تكون القافلة أصيبت في غارة جوية. وقال «درسنا بانتباه مشاهد الفيديو للناشطين المزعومين الموجودين على الأرض، ولم نجد أي مؤشرات إلى ضربات على الموقع بواسطة أسلحة».

وأضاف «ليس هناك حفرة، وهيكل الآليات لم يتضرر، ولم تتأثر بعصف ضربة جوية».

ويرى الجيش الروسي، الذي أعلن سابقاً فتح تحقيق في الحادث، أن مقاطع الفيديو هذه التي لم يصورها الجيش الروسي لا تكشف إلا عن «نتيجة حريق اندلع كأنما مصادفة عند شن المتمردين هجوماً ضخماً باتجاه حلب».

وشكلت المساعدات بنداً رئيساً في الاتفاق الروسي الأميركي، لكن لم يتم إدخالها إلا الى مناطق معدودة، لم تشمل الأحياء الشرقية في مدينة حلب.

وتبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات منذ ايام حول اعاقة تنفيذ الاتفاق. وقال الكرملين، أمس، إنه لا يمكن اعادة العمل بالهدنة في سورية، ما لم يوقف «الإرهابيون» هجماتهم.

وفي نيويورك، طالب بان كي مون، أمس، بـ«وقف القتال» في سورية، عند افتتاحه أعمال الجمعية العامة للمنظمة الأممية.

وقال «أدعو كل الذين لديهم نفوذ للعمل من اجل وقف القتال وبدء المفاوضات»، تمهيداً لانتقال سياسي، بعد انهيار هدنة استمرت أسبوعاً في سورية.

وندد كي مون بالقصف الذي تعرضت له قافلة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري في منطقة حلب، ووصف ما حصل بـ«الهجوم المقزز والوحشي والمتعمد على الأرجح».

وقال في هذا الإطار «الكثير من المجموعات قتلت مدنيين أبرياء، لكن اياً منها لم يقتل بقدر الحكومة السورية التي تواصل استخدام البراميل المتفجرة ضد مناطق سكنية، وتعذيب الأسرى بشكل ممنهج».

من جهته، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، في آخر كلمة يلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لإنهاء الحرب المستمرة في سورية منذ اكثر من خمس سنوات.

وقال أوباما «لا يمكن تحقيق نصر عسكري حاسم، وعلينا أن نبذل جهوداً دبلوماسية حثيثة، تهدف إلى وقف العنف وتوصيل المساعدات إلى المحتاجين».

تويتر