اتهمت واشنطن بالتعنّت وطالبتها بتحقيق كامل.. واجتماع مجلس الأمن ينتهي دون توافق

روسيا: الغارة الأميركية علــى دير الزور تهدد اتفاق الهدنة في سورية

مقاتل من المعارضة السورية في سوق بحي الشعار في حلب. رويترز

رفعت الضربة الجوية للتحالف الدولي، ضد مواقع لجيش النظام السوري في محيط مطار دير الزور العسكري، من منسوب التوتر بين واشنطن وموسكو، ما من شأنه أن يهدد اتفاق الهدنة في سورية بحسب روسيا، وسط تبادل الاتهامات بين البلدين مع انتهاء جلسة لمجلس الأمن دون توافق بشأن الغارة.

المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، سامانثا باور، استخدمت لهجة حادة تجاه روسيا، ووصفت موقفها «بالنفاق»، ورأت أن سعي موسكو لعقد جلسة لمجلس الأمن «محاولة رخيصة لتسجيل نقاط».

المندوب الروسي في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، وجه انتقادات حادة للولايات المتحدة، وقال إنها «قامت بضربة متهورة»، معرباً عن استغرابه قيامها «بهذه الضربة في هذا التوقيت».

المرصد السوري لحقوق الإنسان: ارتفاع عدد قتلى القوات السورية، جراء قصف التحالف الدولي في دير الزور، إلى 90 جندياً على الأقل.

وتفصيلاً، قالت وزارة الخارجية الروسية، أمس، إن الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة، تهدد تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية، وحثت واشنطن على إجراء تحقيق شامل في الواقعة.

وكانت وزارة الدفاع الروسية ذكرت، أول من أمس، أن طائرات أميركية قتلت أكثر من 60 جندياً سورياً في أربع ضربات جوية، نفذتها طائرتان من طراز إف-16، وطائرتان من طراز إيه-10، من اتجاه العراق.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان شديد اللهجة، إن الضربات «تندرج بين الإهمال الجنائي، والتآمر المباشر مع إرهابيي (داعش)». وأضاف البيان «أن موسكو تعبر عن قلقها البالغ لما حصل، ونحن ندعو شركاءنا الأميركيين إلى إجراء تحقيق شامل، واتخاذ إجراءات لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل».

وشدد البيان على أن «ما قام به الطيارون، إذا لم يكونوا كما نأمل ينفذون أوامر واشنطن، راوح بين الإهمال الإجرامي، والدعم المباشر لإرهابيي تنظيم داعش».

وأضافت الخارجية الروسية أن الواقعة نتيجة للرفض الأميركي «المتعنت»، للتعاون مع موسكو في محاربة تنظيم داعش، وجبهة النصرة التي غيرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام».

ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مصدر عسكري بمطار دير الزور، قوله إن 90 جندياً سورياً على الأقل قتلوا.

ويخوض الجيش السوري معارك عنيفة قرب مطار دير الزور، حيث شن هجوماً مكنه من استعادة مواقع خسرها.

وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس: «تحول الجيش السوري من الدفاع إلى الهجوم»، في منطقة جبل ثردة المطل على مطار دير الزور العسكري، بعدما كان «تراجع نتيجة القصف الأميركي».

وأكد مصدر آخر، في مطار دير الزور، أن «الجيش استعاد معظم النقاط التي تسلل إليها (داعش)، في جبل ثردة بغطاء جوي كثيف من الطائرات الروسية والسورية».

وكانت القيادة الأميركية الوسطى أقرت بأن قوات التحالف قصفت، بالخطأ، مواقع لجيش النظام السوري جنوب دير الزور. وجاء في الرسالة أن القوات كانت تظن أنها تقصف مواقع تابعة لتنظيم «داعش»، لكنها أوقفت عمليات القصف فور تلقيها معلومات من مسؤولين روس بأن تلك المواقع كانت للنظام.

من جانبه، أصدر الجيش الأسترالي بياناً، أمس، أكد فيه مشاركته في الغارات الجوية على دير الزور، مشدداً في الوقت ذاته على أن «أستراليا ما كانت لتستهدف، عمداً، وحدة عسكرية سورية».

وعقد مجلس الأمن، الليلة قبل الماضية، جلسة طارئة تتعلق بالغارة الأميركية بناء على طلب روسي، لكن الجلسة تحولت إلى مشادات واتهامات متبادلة بين مندوب روسيا والسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، وانتهت دون إصدار بيان. ووجه المندوب الروسي في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، انتقادات حادة للولايات المتحدة، وقال إنها «قامت بضربة متهورة»، معرباً عن استغرابه قيامها «بهذه الضربة في هذا التوقيت».

ورأى تشوركين أن تلك الضربة الجوية نفذت لـ«عرقلة» تنفيذ الاتفاق بين بلاده والولايات المتحدة، الذي قال إنه يستهدف «عودة الاستقرار في سورية، وينص أيضاً على هزيمة تنظيم داعش وجبهة النصرة، مؤكداً أن الطرفين الروسي والأميركي اتفقا على التنسيق لضرب التنظيم وجبهة النصرة، في حين أن واشنطن لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه من «الفصل بين المعارضة وجبهة النصرة حتى الآن».

في المقابل، استخدمت المندوبة الأميركية، سامانثا باور، لهجة حادة تجاه روسيا، ووصفت موقفها «بالنفاق»، ورأت أن سعي موسكو لعقد جلسة لمجلس الأمن «محاولة رخيصة لتسجيل نقاط»، مضيفة «لقد رأينا مجازر عديدة ارتكبها النظام، منها استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين، ولم تدع روسيا إلى عقد جلسة لمجلس الأمن».

كما اتهمت المندوبة الأميركية روسيا بأنها «تدافع عن الأنظمة المستبدة في العالم، وممارساتها في سورية لا تساعد على إنجاح اتفاق التهدئة».

وتوصلت واشنطن وموسكو، في بداية سبتمبر الجاري، إلى اتفاق ينصّ على وقف لإطلاق النار، دخل حيز التنفيذ مساء الإثنين الماضي، وجرى تمديده مرتين في ظل معارك محدودة على جبهات سورية عدة. كما ينص على إيصال مساعدات إلى المناطق المحاصرة، إلا أن القافلات المحملة بمواد الإغاثة لاتزال تنتظر الضوء الأخضر.

وتنتظر، منذ أيام، عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات في المنطقة العازلة عند الحدود السورية التركية، على أمل إيصال المساعدات إلى الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، حيث يعيش 250 ألف شخص.

ولايزال الهدوء مسيطراً على مدينة حلب المقسمة، باستثناء بعض القذائف القليلة، خلال الأيام الماضية.

أما في جبهات أخرى، خصوصاً في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حمص الشمالي وريف اللاذقية الشمالي، فقد تجدد القصف الجوي والاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة.

ولم تعلن الفصائل المعارضة في سورية موقفاً واضحاً من الاتفاق الروسي الأميركي، لكنها وجهت له انتقادات كثيرة.

تويتر