كيري ولافروف يبحثان في جنيف الوضع السوري بمشاركة دي ميستورا

خروج الدفعة الأولى من المـــــــدنيين والمقاتلين من داريا بريف دمــــشق

أهالي داريا جمعوا أغراضهم المتواضعة المتبقية لتبقى معهم ذكرى لأربع سنوات من الحصار والجوع والقصف من قوات النظام. إي.بي.إيه

بدأت الدفعة الأولى من المدنيين والمقاتلين بعد ظهر أمس، وسط أجواء من الحزن، بالخروج من مدينة داريا المدمرة قرب دمشق في إطار اتفاق يقضي بإخلاء المدينة التي قاومت حصار قوات النظام نحو أربع سنوات، وحافظت على رمزية خاصة لدى المعارضة السورية. في حين بحث وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف الوضع في سورية ومحاولة استئناف محادثات السلام، بمشاركة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا.

وأفادت مراسلة «فرانس برس» عند مدخل داريا الرئيس شمالاً ببدء خروج حافلات المدنيين والمقاتلين ظهر أمس.

وقالت إن غالبية ركاب الحافلة الأولى كانوا من النساء والأطفال والمسنين، فيما تضمنت الحافلات الأخرى مقاتلين يحملون سلاحهم الفردي ومعهم عائلاتهم.

وأكد مصدر عسكري سوري في المكان لـ«فرانس برس»، أن الدفعة الأولى، أمس، تتضمن «300 مقاتل مع عائلاتهم» على أن تستكمل العملية اليوم.

وفور خروج حافلات المقاتلين، بدأ الجنود السوريون عند مدخل داريا بالهتاف للرئيس السوري بشار الأسد رافعين أسلحتهم في الهواء.

وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المعارضة في داريا، أول من أمس، إلى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل الى إدلب (شمال غرب والواقعة تحت سيطرة فصائل مقاتلة) و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم بدءاً من أمس من هذه المدينة، فضلاً عن تسليم المقاتلين لسلاحهم المتوسط والثقيل.

ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، فهي كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الأسد في مارس 2011، وكان المتظاهرون في داريا وقتها يوزعون الورد والمياه على عناصر قوات النظام تأكيداً على سلميتهم.

لكن ذلك لم يمنع سقوط قتلى برصاص قوات النظام ولاحقاً بالقصف المدفعي، وكما في المدن السورية الأخرى تحولت الاحتجاجات بعد قمعها إلى نزاع مسلح، لتخرج داريا منذ أربع سنوات عن سلطة النظام، وأصبحت من أولى البلدات التي فرض عليها حصار.

وقال ناشط في مدينة داريا، فضل عدم الكشف عن اسمه: «هناك قهر كبير» بين السكان.

وأضاف: «ذهبت الأمهات إلى المقابر لتوديع شهدائهن، إنهن يبكين على داريا أكثر مما بكين حين سقط الشهداء».

وأظهرت صورة نشرها المجلس المحلي لمدينة داريا على صفحته على «فيس بوك» أحد الشبان وهو يقبل اسم داريا على أحد جدران المدينة.

وفي إطار عملية إخلاء المدينة، قال مصدر عسكري سوري في حديث للصحافيين، إن «الذي لا يريد المصالحة سيذهب باتجاه مدينة إدلب، والذي يريد البقاء سيذهب إلى منطقة حرجلة» في الغوطة الغربية والواقعة تحت سيطرة قوات النظام.

وأشار إلى أن «كل مسلّح يرغب في أخذ أولاده معه باتجاه إدلب سيحصل له ذلك».

وأكد المجلس المحلي لمدينة داريا أن «الأسر المدنية ستتوجه إلى بلدة حرجلة، ومن هناك تتوزع إلى المناطق التي ترغب في التوجه إليها». وقال أحد مقاتلي الفصائل المعارضة في المدينة لـ«فرانس برس» عبر الهاتف من بيروت، إن «داريا تعيش اليوم أصعب اللحظات، الجميع يبكي، الطفل يودع مدرسته، والأم تودع ابنها الشهيد عند قبره».

ويجمع سكان داريا، وفق قوله، «أغراضهم المتواضعة المتبقية، لتبقى معهم ذكرى أربع سنوات من الحصار والجوع والقصف، وتبقى ذكرى لمجتمع دولي خذلهم من دون أي ذنب».

وكانت داريا قبل الحرب تعد نحو 80 ألف نسمة، لكن هذا العدد انخفض 90%، حيث واجه السكان طوال سنوات الحصار نقصاً حاداً في الموارد. ودخلت في شهر يونيو الماضي أول قافلة مساعدات الى داريا منذ حصارها عام 2012.

وتبعد داريا نحو 10 كيلومترات جنوب غرب العاصمة، وهي أيضاً مجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية.

وأوضح المقاتل المعارض في المدينة أن قرار التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية على إخلاء المدينة «بعد صمود دام أربع سنوات يعود إلى الوضع الإنساني المتدهور فيها، والقصف المتواصل عليها، فكان لا بد من حماية المدنيين».

وأضاف: «المدينة لم تعد صالحة للسكن، فقد باتت مدمرة تماماً»، إذ كانت داريا تتعرض للقصف بعشرات البراميل المتفجرة يومياً، فضلاً عن القصف المدفعي والغارات الجوية، ما أسفر عن دمار هائل فيها.

وعند مدخل داريا الشمالي، كتب على أحد جدران الأبنية: «داريا الحرة مع تحيات الجيش الحر».

من ناحية أخرى، عقد كيري ولافروف اجتماعاً في جنيف لبحث الوضع في سورية ومحاولة استئناف محادثات السلام.

وانضم إليهما لفترة وجيزة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا.

ورداً على سؤال خلال استراحة عن رأيه في سير الاجتماع، قال لافروف «ممتاز».

ولم يشأ كيري ولافروف الإدلاء بأي تعليق قبل الاجتماع، واكتفيا بمصافحة ودية.

من جانب آخر، اتفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس، على تسريع جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في مدينة حلب شمال سورية.

وذكرت وكالة «أنباء الأناضول»، أن الرئيسين اتفقا خلال مكالمة هاتفية على «تسريع جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب»، مضيفة أن أردوغان أطلع بوتين على سير العملية الحالية التي يشنها الجيش التركي في شمال سورية.

تويتر