«داعش» يتقدم على جبهتين ضد النظام والفصائل المقاتلة في حلب

المعارضة ترفض اقتراح دي ميـــــستورا ببقاء الأسد مع صلاحيات محـدودة

رجل يجلس متأثراً على أنقاض منزله المهدم بغارة تسببت في مقتل أقاربه بحي تسيطر عليه المعارضة في حلب القديمة. رويترز

رفضت المعارضة السورية اقتراحاً عرضه مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، على وفد الهيئة العليا للمفاوضات، ينص على بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه بصلاحيات محدودة في المرحلة الانتقالية، مع تعيين ثلاثة نواب له، تختارهم المعارضة. في حين حقق تنظيم «داعش» تقدماً خلال معاركه ضد القوات النظامية والفصائل المقاتلة، على حد سواء، في محافظة حلب شمال سورية.

وقال عضو في وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف لـ«فرانس برس»، رافضاً الكشف عن اسمه، إن دي ميستورا طرح خلال اجتماعه بالوفد أول من أمس «فكرةً أوضح أنها ليست وجهة نظره الشخصية، من دون أن يحدد مصدرها»، تنص على أن «يعين الأسد ثلاثة نواب له، وقال لنا أنتم من تختارونهم، على أن ينقل صلاحيات الرئاسة السياسية والعسكرية إليهم»، مضيفاً أن ذلك الطرح يعني «إبقاء الأسد (في منصبه) وفق المراسيم البروتوكولية» في مرحلة الانتقال السياسي.

وأوضح أن دي ميستورا نقل هذه الأفكار «للخروج من دوامة الحلقة الفارغة التي ندور فيها، بمعنى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي قبل الدستور أو وضع الدستور قبل هيئة الحكم الانتقالي». وأكد المصدر نفسه أن الوفد المفاوض الممثل للهيئة العليا للمفاوضات «رفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً». وقال «قلنا له إن هيئة الحكم الانتقالي هي الجهة المكلفة وضع المبادئ الدستورية، على غرار تجربة ليبيا والعراق والكونغو».

واستأنف دي ميستورا، الأربعاء الماضي، جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين عن النظام والمعارضة، قال إن جدول أعمالها يركز على بحث الانتقال السياسي ومبادئ الحكم والدستور.

ويشكل مستقبل الأسد نقطة خلاف رئيسة بين طرفي النزاع، إذ تطالب المعارضة بتشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات، تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الأسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، فيما ترى الحكومة السورية أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش، وتقرره صناديق الاقتراع فقط. وبحسب المصدر، فإن دي ميستورا طرح هذه الأفكار بمثابة «مخرج لنقل صلاحيات الرئيس إلى نوابه، وبذلك يكون الرئيس أعطى صلاحياته في ظل الدستور الحالي الذي لا ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي».

وأضاف أن «إعداد دستور قبل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يطرح إشكالية في ظل الدستور السوري الحالي». وكان الرئيس السوري ذكر في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، نقلتها وكالة الأنباء السورية (سانا) نهاية الشهر الماضي، أن الكلام عن هيئة انتقالية «غير دستوري وغير منطقي».

وأبدى المصدر نفسه الانزعاج جراء «ما نلاحظه من خطوات إلى الوراء من جانب الأميركيين ودول داعمة أخرى، لناحية التراجع عن دعم مطالبنا بشأن رحيل الأسد، ورفع الحصار عن المناطق، وإدخال المساعدات الإنسانية، والتعامل مع تكرار انتهاك وقف إطلاق النار»، الساري في مناطق عدة بموجب اتفاق أميركي روسي تدعمه الأمم المتحدة منذ 27 فبراير، ويتعرض لخروقات متكررة أخيراً.

وقال إن الوفد المعارض سيلتقي مجدداً دي ميستورا مساء غد، لاستكمال البحث حول الانتقال السياسي، وكيفية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

وتنص خريطة الطريق التي تتبعها الأمم المتحدة في المفاوضات على انتقال سياسي خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً، من دون أن تحدد شكل السلطة التنفيذية التي ستدير البلاد أو تتطرق لمستقبل الأسد.

على الصعيد الميداني، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تنظيم «داعش» حقق تقدماً على جبهتين في حلب. وأضاف أن المعارك العنيفة بين التنظيم وقوات النظام السوري شرق بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، أسفرت عن تقدم التنظيم و«سيطرته على قرى وتلال عدة، بينها الطوبة ودويز والحميدية وجبل زيد وغيرها».

وتعد خناصر بلدة ذات أهمية للقوات النظامية، كونها تقع على طريق الامداد الوحيدة التي تربط حلب بسائر المناطق الخاضعة له، والمعروفة بطريق اثريا خناصر.

وفي ريف حلب الشمالي، وتحديداً قرب الحدود التركية، تمكن «داعش» من السيطرة على قرية قصاجك من أيدي الفصائل المقاتلة، بحسب المرصد.

ومنذ بداية الشهر الجاري، تخوض فصائل مقاتلة معارك ضد التنظيم في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي. وكانت الفصائل المقاتلة انتزعت عدداً من القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرة التنظيم بداية الشهر الجاري، إلا أنه سرعان ما تمكن من استعادة عدد منها. وقال مدير المرصد السوري، رامي عبدالرحمن، إن التنظيم تمكن من الفصل بين مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بين مدينة إعزاز، معقلهم في ريف حلب الشمالي، وبلدة دوديان إلى الشرق منها. وأضاف «بالنتيجة باتت الفصائل المقاتلة في دوديان بحكم المحاصرة». ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي الغربي، ويتقدم منها شمالاً باتجاه المناطق الواقعة سيطرة الفصائل المقاتلة. وفي مدينة حلب، قتل مدنيان جراء قذائف أطلقتها فصائل مقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في حيي شارع النيل والميدان، بحسب المرصد. وزادت المعارك من سوء الأوضاع الإنسانية في ريف حلب الشمالي، وتحديداً قرب الحدود التركية، حيث اكتظت مخيمات النازحين الموجودة أصلاً في المنطقة التي باتت على بعد كيلومترات من جبهات القتال بين التنظيم والفصائل المقاتلة. ولا تقتصر المعارك في حلب على جبهات «داعش»، إذ تخوض قوات النظام السوري معارك ضد «جبهة النصرة» والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب.

وتستكمل قوات النظام هجوماً شمال المدينة، هدفه محاصرة الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة. وأعربت واشنطن، أول من أمس، عن «قلقها بشأن العنف في مدينة حلب ومحيطها».

وفي مكالمة هاتفية، أبلغ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، نظيره الروسي، سيرغي لافروف، إن «الولايات المتحدة تنتظر من روسيا حض النظام على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، فيما نحن سنعمل مع المعارضة من أجل القيام بالأمر ذاته».

تويتر