الأسد اعتبر أن الإرهاب فشل في تدمير الهوية الوطنية

استئناف محادثات جنيف عــــــــــلى وقع انتـخـابـات تشريعية في سـورية

الأسد وعقيلته يدليان بصوتيهما في انتخابات مجلس الشعب في المركز الانتخابي بمكتبة الأسد بدمشق. رويترز

استأنفت، أمس، جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة في جنيف، في وقت شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام انتخابات تشريعية، اعتبرها الرئيس السوري بشار الأسد «دفاعاً عن الدستور»، مؤكداً أن الإرهاب فشل في تدمير البنية الاجتماعية للهوية الوطنية للشعب السوري.

واستهل موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا جولة المفاوضات الجديدة التي وصفها من دمشق قبل يومين بأنها «بالغة الأهمية» باجتماع مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثل للمعارضة السورية.

ولن يصل الوفد الحكومي الى جنيف قبل اليوم أو غداً بعد انتهاء الانتخابات التشريعية التي يخوضها خمسة من اعضاء الوفد المفاوض.

وانتهت الجولة الأخيرة من محادثات جنيف في 24 مارس من دون تحقيق أي تقدم حقيقي باتجاه التوصل الى حل سياسي للنزاع الذي تسبب في مقتل اكثر من 270 الف شخص منذ منتصف ‏مارس 2011.

وقال عضو الوفد الاستشاري المرافق للوفد المفاوض الممثل للمعارضة الى جنيف، يحيى العريضي، لـ«فرانس برس»، أمس، إن الوفد المفاوض سيعقد جلسة تمهيدية مع دي ميستورا ولن يتطرق الى عرض موضوع محدد، لكنه سيشدد في الوقت ذاته على ان موضوعاً واحداً مدرجاً على جدول اعماله وهو الانتقال السياسي، بما ينسجم مع ما يطرحه الموفد الدولي وتتضمنه القرارات الدولية.

واعتبر أن دي ميستورا «في وضع لا يحسد عليه وذهب الى الأماكن الصعبة كروسيا وإيران قبل استئناف المفاوضات لعلمه ان هناك طرفاً اصعب في دمشق»، مضيفاً أن الموفد الدولي «اشبه اليوم بمن يسير وسط حقل من الألغام».

وبحسب العريضي، فإن «النظام يدرك جيداً ان انجاح الحل السياسي يعني نهايته ونقطة الخلاف الأساس اليوم هي أي نهاية تراد لهذا النزاع».

ولايزال مستقبل الأسد نقطة الخلاف الرئيسة بين طرفي النزاع والدول الراعية لهما، اذ تصر المعارضة على رحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما تعتبر دمشق أن مستقبله ليس موضع نقاش ويتقرر عبر صناديق الاقتراع فقط.

وترى موسكو، أبرز حلفاء الأسد وداعميه سياسياً وعسكرياً، ان المحادثات ينبغي أن تفضي الى وضع دستور جديد.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الأرجنتينية سوزانا مالكورا، أمس، «من الواضح ان نتيجة العملية السياسية يجب أن تكون وضع دستور جديد تُجرى على اساسه انتخابات مبكرة».

وتعتبر طهران من جهتها ان المطالبة برحيل الأسد «خط أحمر» يجب عدم تخطيه.

وتزامن استئناف المفاوضات مع اجراء النظام السوري انتخابات تشريعية في مناطق سيطرته، يتنافس فيها 3500 مرشح يزيد عمرهم على 25 عاماً لشغل 250 مقعداً في مجلس الشعب، بحسب رئيس اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات هشام الشعار.

ويتوقع خبراء أن تكون نتائج الاقتراع مماثلة لتلك التي خلصت اليها انتخابات مايو عام 2012. وحاز حزب البعث الذي يقود البلاد بيد من حديد منذ نحو نصف قرن، وقتها على أغلبية المقاعد على الرغم من مشاركة عدد من الأحزاب الأخرى المرخص لها فيها.

وتصف المعارضة هذه الانتخابات بـ«غير الشرعية».

وقال العريضي إن تنظيمها في هذا التوقيت «يضرب عرض الحائط كل الجهود الدولية المبذولة، لا سيما أن نتائجها محسومة سلفاً».

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في جنيف، إن تنظيم الانتخابات «يظهر الى أي حد (هذا النظام) منفصل عن الواقع»، مشدداً على أن «تنظيم انتخابات حرة ونزيهة يصبح ممكناً فقط بعد تشكيل هيئة حكم انتقالي وتوقف المعارك».

في حين وصفت وزارة الخارجية الفرنسية الانتخابات السورية بـ«المهزلة».

ورفض دي ميستورا في وقت سابق التعليق على هذه الانتخابات، موضحاً ان الانتخابات الوحيدة المخول التعليق عليها هي تلك المنصوص عليها في خريطة الطريق وفق الأمم المتحدة.

وبحسب القرار الدولي 2254، تبدأ خريطة الطريق بمفاوضات بين النظام والمعارضة وتنص على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً.

وبخلاف المعارضة وباريس اللتين انتقدتا دعوة دمشق لإجراء الانتخابات، رأت موسكو أن تنظيمها «لا يعيق عملية السلام».

واعتبر لافروف أن تنظيم الانتخابات هدفه «الحؤول دون وقوع الفراغ» في السلطة السورية، مضيفاً «وهذه هي نظرتنا للأمور».

في السياق، قال الأسد إن «الشعب السوري يخوض حرباً عمرها خمس سنوات تمكن الإرهاب خلالها من سفك الدماء البريئة وتدمير الكثير من البنى التحتية، إلا أنه فشل في تحقيق الهدف الأساس الذي وضع له وهو تدمير البنية الأساسية في سورية أي البنية الاجتماعية للهوية الوطنية».

وأضاف بعد إدلائه وعقيلته بصوتيهما في انتخابات مجلس الشعب في المركز الانتخابي في مكتبة الأسد بدمشق، أن «مشغلي الإرهابيين وأسيادهم تحركوا باتجاه مواز تحت عنوان سياسي هدفه الرئيس هو ضرب هذه البنية الاجتماعية، وضرب الهوية الوطنية اللتين يعبر عنهما الدستور».

واعتبر أن الشعب كان واعياً حينما اختاره رئيساً،، قائلاً إن «الشعب السوري كان واعياً خلال السنوات الماضية لهذه النقطة ولذلك رأينا الحماس لدى المواطنين للمشاركة في كل الاستحقاقات الدستورية السابقة سواء كانت الرئاسية أو التشريعية، وهو ما نراه اليوم أيضاً من خلال المشاركة الواسعة من جميع شرائح المجتمع خصوصاً في موضوع الترشح الذي شهد عدداً غير مسبوق في أي انتخابات برلمانية في سورية عبر العقود الماضية». واعتبر الأسد أن المشاركة في هذه الانتخابات تأتي دفاعاً عن الاستحقاق الدستوري بكل ما يمثله الدستور.
 

تويتر