لم يقترح أحد من أعضاء الحكومة الأميركية نشر أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط

البقاء خارج سورية لن ينقذ الأرواح بل يزيد الضحايا

صورة

حسب تقديراته ربما حصل الرئيس باراك أوباما على جائزة نوبل في نهاية المطاف. وبينما كان يتحدث إلى حشد صغير من الصحافيين الأسبوع الماضي، قال الرئيس بالنظر إلى أنه لم يرسل القوات البرية إلى الشر ق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، إنه تمكن من انقاذ نحو 100 نفس شهرياً، اضافة إلى مليارات عدة من الدولارات. وتبدو حسابات الرئيس الأميركي غريبة، ولكن طالما أنه متسمك بها، دعوني أذكر الإصابات التي تبدو واضحة في الأفق جراء هذا المنطق الأعوج (الحديث للكاتب).

تقريباً ليس هناك من اقترح إرسال جنود بريين أميركيين إلى سورية، أو أي مكان آخر في الشرق الأوسط. وأقول تقريباً لأنه ليس هناك أي إحصاء حول آراء أعضاء الكونغرس. وبخلاف السناتورين جون ماكين، جمهوري من اريزونا، وليندسي غراهام من كارولينا الجنوبية، ليس هناك أي شخص في الحكومة اقترح القيام بنشر أعداد كبيرة نوعاً ما من الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط.

ولكن الأمر الذي تم اقتراحه على نطاق واسع كان شيئاً آخر، ألا وهو انشاء منطقة حظر جوي يمنع طيران النظام السوري من التحليق فوقها، وإطلاق بضعة طلقات على التشكيلات الحكومية. ولو أنه تم انجاز ذلك منذ وقت مبكر لتجنبنا ذكر رقم آخر يرفض الرئيس الأميركي ان يذكره، وهو سقوط نحو 300 ألف ضحية سورية، ناهيك عن أزمة اللاجئين الذين بلغ عددهم نحو أربعة ملايين شخص، والتي أدت الى إيقاظ كلب الفاشية الأوروبي النائم.

ولا ينبغي لأوباما أن يشعر بالفخر بسياسته التي سمحت للوضع السوري بأن يفلت تماماً عن نطاق السيطرة. ولكن عندما يتعلق الأمر بعدم فعل أي شيء أو فعل أقل ما يمكن، فإن الرئيس لديه الكثير من الرفاق الذين يشاطرونه هذا الرأي. وكان السيناتور الجمهوري تيد كروز من الأشخاص الأذكياء، ولكنه يدعي عدم المعرفة، وهو يؤمن بسياسة «اميركا اولاً». وعندما تعلق الأمر بليبيا كان يريد ابقاء الرئيس الراحل معمر القذافي في السلطة. وفي مناظرة رئاسية أجريت أخيراً، قال إن الولايات المتحدة وحلفاءها أطاحوا بنظام القذافي «لأنهم أرادوا الترويج للديمقراطية» وهذا كلام خاطئ، اذ إن الولايات المتحدة فعلت ذلك لأن القذافي أراد إبادة جميع المتمردين في مدينة بنغازي، فقررت واشنطن التدخل، وكذلك الجامعة العربية.

وإلى اليسار بعيداً عن كروز، قال السناتور اليساري برني ساندرز شيئاً سخيفاً، حيث تحدث عن تغيير النظام، وقال إن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون كانت تشعر بالفخر لمشاركتها في تغير نظام القذافي، وكل ما في الأمر أنها لم تكن راضية عن قيام الزعيم الليبي بقتل جميع مناوئيه، ولو أن واشنطن لم تتحرك، لكان الكثير من الليبيين في عداد الموتى.

وسواء شئنا أم أبينا فإن الولايات المتحدة قوة عظمى، وإن قواتنا الجوية هي الأقدر والأكثر كفاءة في العالم، وتستطيع أن تصنع الفرق في كل مرة تتدخل فيها، وإن كان لابد من التسليم أن اميركا تنشر القوات لحماية أراضيها، إلا أنها يمكنها استخدام تلك القوات لأسباب انسانية، وإذا كان بإمكاننا أن نوقف قتل الأبرياء دون أن يكلف ذلك مقتل أميركيين، فعلينا القيام بذلك.

وينطبق الأمر على أوباما ، إذ إن سياسته الخارجية هي عبارة عن أحداث طنين مربك، كما أن استخدام القوة في بعض الأحيان، يرجع فضله إلى السيدة كلينتون، التي أصبحت الآن مرشحة لرئاسة الجمهورية. والأرواح التي يتحدث عنها الرئيس أوباما، التي قال إنه تمكن من الحفاظ عليها، لم تكن تواجه الخطر أساساً. لكن الكثير من الأرواح فقدت، لأننا يمكن ان نتعرض للقليل من الخطر حال تدخلنا، وكل ما فعلناه جاء في وقت متأخر جداً، وكل ضحايا سورية الذين لقوا حتفهم نتيجة القصف والقتال، يلومون أوباما على ذلك، ليس لأنه فشل في إنقاذهم، ولكن لأنه لم يحاول القيام بذلك.

تويتر