«داعش» يفخخ مواقع تدمر الأثرية.. «وأطباء بلا حدود» تحذر من نقص الوقود بفعل حصار المتطرفين

نظام الأسد يشكّل «درع الجـزيرة» شمالاً.. والمعارضة «جيش الفتح» جنــوباً

مدنيون وعناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين تحت الأنقاض عقب إلقاء قوات النظام لبرميل متفجر على حلب أمس. رويترز

أكد مصدر واسع الاطلاع في الحكومة السورية أن زيارة رئيس مكتب الأمن القومي، اللواء علي مملوك، إلى محافظة الحسكة، شمالي البلاد، أثمرت عن تشكيل قوات «درع الجزيرة»، التي تتآلف من القبائل العربية السنية والأكراد والمسيحيين في المنطقة، فيما أعلنت كتائب سورية مقاتلة معارضة عن تشكيل غرفة عمليات جديدة في المنطقة الجنوبية تحت اسم «جيش الفتح».

وفي وقت قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي تنظيم «داعش» فخخوا بالألغام والعبوات الناسفة المواقع الأثرية في مدينة تدمر (وسط سورية)، التي سيطر عليها الشهر الماضي، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من تداعيات نقص الوقود على الخدمات الطبية في شمال سورية بفعل حصار المتطرفين.

وتفصيلاً، قال المصدر، أمس، إن اللواء مملوك، الذي كان رئيس الاستخبارات السورية وأحد أبرز المقربين من الرئيس بشار الأسد، زار منطقة القامشلي، واجتمع برفقة زميله رئيس الأمن السياسي سابقاً ومسؤول الملف الأمني للمحافظة حالياً، اللواء محمد منصورة (الذي يطلق عليه الأهالي حاكم محافظة الحسكة منذ أكثر من ربع قرن)، بعدد من شخصيات المنطقة من مختلف الأطياف، الأكراد والسنة والمسيحيين، لحثهم على تشكيل قوات مشتركة لمواجهة إرهاب «داعش».

وأضاف المصدر «اجتماع مملوك بشخصيات من كل الأطياف لم يحظ بموافقة كل المذاهب والطوائف، وهناك من وقف ضد تكتل هذه القوات، وطالب بسلة حلول متكاملة لمشكلات المنطقة التي تخضع بجزء منها لسيطرة قوات كردية متحالفة مع السلطات المركزية بدمشق».

وأفاد المصدر بأن «زيارة مملوك كانت جولة أفق على مجمل الأوضاع الميدانية عن قرب، لاسيما بعد أن احتدمت الاشتباكات المسلحة بين القوات الكردية وأبناء القبائل العربية السنة، الذين يؤكدون أنهم تعرضوا لتهجير وتطهير عرقي من مناطقهم على يد تلك القوات، بغية خلق واقع ديموغرافي جديد، في الوقت الذي نفت القوات الكردية حصول ذلك، مؤكدة أنها تقاتل عناصر تنظيم داعش الإرهابي».

وأوضح المصدر أن «اللواء مملوك نجح في تشكيل قوات (درع الجزيرة) من مختلف الطوائف والإثنيات، ودمج معه عدداً من مقاتلي العشائر العربية السنية والمقاومة الشعبية والدفاع الوطني والمغاوير وكتائب الوفاء وقوات السوتور التابعة للدفاع الوطني (مكتب الحماية)»، وتابع: «سيخضع لواء درع الجزيرة للحرس الجمهوري بشكل مباشر».

في المقابل، أعلنت كتائب سورية مقاتلة معارضة عن تشكيل غرفة عمليات جديدة في المنطقة الجنوبية تحت اسم «جيش الفتح»، وقال بيان للمكتب الإعلامي لـ«جيش الفتح»، أمس، إن غرفة عمليات «جيش الفتح» تضم ثمانية فصائل عسكرية، هي «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» و«تحالف فتح الشام» ولواء «إحياء الجهاد» وتجمُّع «مجاهدي نوى» و«لواء أسود التوحيد» و«لواء أنصار الحق» و«لواء العمرين»، وهي جميعها كتائب مسلحة تقاتل النظام في منطقة حوران جنوب سورية.

وذكر البيان أن الهدف من تشكيل جيش الفتح هو «قتال قوات الأسد في المنطقة الجنوبية، ونصرة المظلومين، وفك الأسرى والأسيرات في سجون نظام الأسد»، ودعا البيان جميع الفصائل العاملة في منطقة حوران إلى «الانضمام إلى التشكيل الجديد لتوحيد الجهود العسكرية ضد قوات الأسد».

في السياق نفسه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل عنصر من قوات الأمن الداخلي الكردية «الأسايش»، وإصابة ما لا يقل عن 10 آخرين في تفجير انتحاري وسط مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، وقال المرصد إن الانفجار ناجم عن تفجير عنصر من تنظيم «داعش» نفسه بحزام ناسف، في مقر لقوات «الأسايش» بأحد الفنادق وسط مدينة القامشلي.

وأشار إلى مقتل 10 مواطنين في مارس 2014 إثر هجوم ستة مسلحين من «داعش» على مبنى الفندق الذي كان يعد مقراً لمبنى البلدية التابع للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية، والذي يضم مكاتب خدمات.

إلى ذلك، قال المرصد إن «داعش» زرع ألغاماً وقنابل في الجزء الأثري من مدينة تدمر بوسط سورية، التي تضم آثاراً من العصر الروماني، وذكر المرصد أنه لم يتضح بعد «ما إذا كان التنظيم قد فخخ المدينة من أجل تدمير الآثار أو زرعها منعاً لتقدم قوات النظام إليها».

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن: «لقد زرعوها أمس، كما زرعوا بعضها حول المسرح الروماني»، مضيفاً أنه لا يعرف بعد السبب الحقيقي وراء ذلك.

وقال المدير العام للمتاحف والآثار السورية، مأمون عبدالكريم، إن التقارير عن زرع «داعش» قنابل في تدمر تبدو صحيحة، مضيفاً: «المدينة رهينة بأيديهم، أعتقد أن الوضع خطير».

من جانبها، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، أمس، من تداعيات نقص الوقود على الخدمات الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة في شمال سورية، التي يمنع تنظيم «داعش» وصول الإمدادات إليها بعد سيطرته على عدد كبير من آبار النفط.

وقالت المنظمة في تقرير إن «مرافق صحية عدة ومنظمات إنسانية اضطرت إلى وقف عملها أو تقليص نشاطاتها بسبب النقص الحاصل في الوقود الضروري لتشغيل المولدات الكهربائية ووسائل النقل».

وأوضحت المسؤولة عن برامج المنظمة في سورية، دنيا دخيلي، لوكالة «فرانس برس»، عبر الهاتف، أن هذا النقص في الوقود مرتبط «بالمعارك الدائرة بين المجموعات المسلحة في شمال سورية»، في إشارة إلى الاشتباكات بين «داعش» من جهة وتحالف «جبهة النصرة» وفصائل مسلحة أخرى.

وقالت دخيلي إنه من المحتمل أن تغلق مستشفيات عدة أبوابها، مضيفة أن «حياة العديد من السوريين باتت أكثر عرضة للخطر، ولا غنى عن الوقود لتشغيل مضخات مياه الشفة والحاضنات المخصصة للمواليد الجدد، وعمليات الإغاثة عبر سيارات الإسعاف».

تويتر