دي ميستورا يمهل نفسه حتى نهاية يونيو لتقييم فرص نجاح مشاوراته المرتقبة في جنيف

المعارضة السورية تسيطر على مدينة جســـر الشغور

مقاتلون من المعارضة المسلحة وسط مدينة جسر الشغور بريف إدلب بعد سيطرتهم عليها أمس. رويترز

سيطرت المعارضة السورية المسلحة، أمس، بشكل كامل على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في محافظة إدلب شمال غرب سورية، في ضربة موجعة للنظام، تمهد لتهديد معاقل أخرى أساسية له، في وقت حدّد مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا، نهاية يونيو المقبل، موعداً لتقييم نتيجة مشاورات منفصلة، سيبدأها في الرابع من مايو المقبل بجنيف، مع أطراف النزاع في سورية، لاستطلاع مدى رغبتهم في التوصل لاتفاق سلام، مؤكداً أنه لا يعلق آمالاً كبيرة على فرص نجاحها.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن «جيش الفتح» المؤلف من تحالف يضم «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية مقاتلة، سيطر أمس، بشكل كامل، على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في شمال غرب سورية.

وقال لـ«فرانس برس»، إن «جيش الفتح» سيطر على مدينة جسر الشغور بشكل كامل، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام استمرت منذ الخميس الماضي.

وذكر أن هناك «ما لا يقل عن 60 جثة لعناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ضباط في شوارع المدينة، قتلوا خلال المعارك التي أدت إلى السيطرة على المدينة».

وأشار إلى دخول آلاف المقاتلين إلى المدينة، وانسحاب العدد الأكبر من قوات النظام، وإلى استمرار الاشتباكات في نقاط محددة جنوب جسر الشغور وشرقها.

وكان «جيش الفتح»، أعلن الخميس الماضي، بدء «معركة النصر»، الهادفة إلى «تحرير جسر الشغور».

وتحولت جسر الشغور عملياً إلى مركز إداري للنظام السوري، بعد انسحاب قواته في 28 مارس الماضي، من مدينة إدلب، مركز المحافظة، إثر هجوم لـ«جيش الفتح»، الذي أعلن تأسيسه قبل «غزوة إدلب» كما سمّاها.

ورأى عبدالرحمن ان جسر الشغور «أكثر أهمية من مدينة إدلب، لأنها تقع على تخوم محافظة اللاذقية، ومناطق في ريف حماة الشمالي الشرقي خاضعة لسيطرة النظام».

وبات وجود النظام في محافظة إدلب يقتصر على مدينة أريحا (على بعد نحو 25 كيلومتراً من جسر الشغور)، ومعسكر المسطومة القريب منها، بينما مجمل المحافظة بين أيدي مقاتلي المعارضة، ولاسيما «جبهة النصرة».

وقال الناشط من «تنسيقية الثورة السورية» في إدلب خالد دحنون، لـ«فرانس برس» عبر الإنترنت ان «جسر الشغور محررة بالكامل»، مشيراً إلى أن «مدينة أريحا محاصرة بالكامل، ومعسكري المسطومة والقرميد محاصران».

ونشر أحد الحسابات الرسمية لـ«جبهة النصرة» على موقع «تويتر» صوراً لمقاتلي الجبهة، وهم يتجولون أو يجلسون إلى جانب طريق في «جسر الشغور المحررة»، مع أسلحتهم الخفيفة. كما بدت في الصور أعلام للجبهة مرفوعة على آليات وأبنية. وأقر الإعلام الرسمي السوري بانسحاب القوات السورية من جسر الشغور.

ونقل التلفزيون الرسمي في شريط إخباري عاجل عن مصدر عسكري، قوله إن «وحدات من قواتنا الباسلة تعيد بنجاح انتشارها في محيط جسر الشغور، تجنباً لوقوع ضحايا في صفوف المدنيين الأبرياء». وأشار إلى أن المسلحين «تدفقوا من تركيا» للمشاركة في معركة جسر الشغور.

وأضاف أن «قواتنا الباسلة تعزز مواقعها الدفاعية، وتوجه ضربات مركزة على تجمعات الإرهابيين وخطوط إمدادهم في جسر الشغور».

وخسر النظام خلال الأسابيع الماضية العديد من مواقعه أبرزها مدينة إدلب، ومعبر نصيب الحدودي في الجنوب.

وقال مسؤول سياسي في دمشق، رفض الكشف عن اسمه، لـ«فرانس برس» «انه هجوم كبير يحصل بناء على اتفاق بين السعودية وقطر وتركيا» الداعمة للمعارضة السورية، مضيفاً أن الهدف منها «ان يصل النظام في موقع ضعيف إلى مفاوضات جنيف».

وقال الخبير في الشؤون السورية تشارلز ليستر، لـ«فرانس برس»، إن سقوط جسر الشغور «قد يمهد لهجوم على اللاذقية، وقد يكون ذلك أمراً خطراً جداً بالنسبة إلى النظام». وأضاف أنه «يجب ألا ينظر إلى هذه العملية على انها هجوم بسيط، بل على انها تندرج ضمن استراتيجية أكثر اتساعاً».

سياسياً، حدّد دي ميستورا، نهاية يونيو المقبل موعداً لتقييم نتيجة مشاورات منفصلة سيبدأها في الرابع من مايو المقبل بجنيف مع أطراف النزاع في سورية.

وقال للصحافيين إثر مشاركته في جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي، إن هذه المشاورات ستشمل اضافة إلى مندوبين عن النظام والمعارضة، ممثلين عن المجتمع المدني وأطرافاً إقليمية معنية بالنزاع، كما ستشمل إيران، لأنها «لاعب مهم في المنطقة»، ولكنها لن تشمل الجماعات «الإرهابية» مثل تنظيم «داعش».

وأوضح ان الهدف من هذه المشاورات هو «اختبار» مدى رغبة أطراف النزاع في «تضييق الهوة»، التي تباعد بين مواقفهم.

وقال «بحلول نهاية يونيو المقبل سيكون بمقدورنا ان نقيم ما اذا كان هناك التقاء على المشكلات الأساسية، وان نرفع تقريراً بذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة».

وخلال الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، أبلغ دي ميستورا أعضاء المجلس أنه لا يعلق آمالاً كبيرة على فرص نجاح استراتيجيته الجديدة، بحسب ما افاد دبلوماسيون.

ونقلت مصادر دبلوماسية عن المبعوث الدولي قوله، إن «الفرص والظروف لبدء عملية انتقال سياسي ليست افضل مما كانت عليه قبل ستة أشهر»، وإن النظام السوري والمعارضة لا يبديان «رغبة جديدة في التفاوض». ولكنه شدد على ان الأمم المتحدة «لاتزال مقتنعة بضرورة إعادة تفعيل حل سياسي».

 

 

تويتر