لم يعد للقوات الحكومية السورية وجود يُذكر في المنطقة منذ بدء الأزمة

وجود «داعش» في الجولان يثـــير تساؤلات حول علاقته الملتبسة مع نظــام الأسد

مسلّحو «داعش» ارتكبوا فظائع وأعمالاً وحشية. أرشيفية

يثير وجود مسلّحي تنظيم «داعش» المتطرف في مرتفعات الجولان تساؤلات عديدة بشأن العلاقة الملتبسة بينه وبين كل من نظام الرئيس السوري بشار الأسد وإسرائيل، ويقول أحد الكتاب ساخراً إن هذا الأمر يزيد من اقتراب «داعش» من القتال من الباب الخلفي لإسرائيل، ويعزز قدرته على رؤية انفجار قذيفة هاون أو مدفعية كل دقيقة تقريباً في القرى السورية المتناثرة على امتداد السهل في الجولان. كما أن وجود هذه النقطة لـ«داعش» في الجولان يوفر للجانب الإسرائيلي موقعاً في غاية الأهمية للرقابة، ورؤية ما يجري من قتال في الجانب السوري. ويعتبر السهل ساحة لمعركة كبيرة وتنتشر فيه ميليشيات متطرفة من حزب الله اللبناني حتى جبهة النصرة التابعة لتنظيم «القاعدة».

وحشية «داعش»

يتفق كثير من المراقبين، في المنطقة وفي الغرب، على أن وحشية «داعش» أخطر بكثير من قسوة الرئيس السوري بشار الأسد وقواته وأجهزته إلى حد دفع أصواتاً دولية إلى الارتفاع مطالبة برفع قائمة بالجرائم الوحشية التي قام بها مسلحو «داعش» خلال الأشهر الأخيرة إلى المحكمة الجنائية الدولية، لملاحقة عدد من قادة ذلك التنظيم ومحاكمتهم.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/284517.jpg

وطبقاً لذلك الكاتب الصحافي فإن هذا الوجود لتنظيمات متطرفة وميليشيات متشددة قرب الحدود الإسرائيلية يفسر مفهوم الناخبين الإسرائيليين في إعادة انتخاب رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي. ويضيف أن عناصر جبهة النصرة التابعة لـ«القاعدة» يسيطرون على المساحة الملاصقة لنقطة المراقبة الإسرائيلية بشكل مباشر، وهو ما يوضح ويفسر القلق الإسرائيلي بشأن هذا الموقع أكثر من أي موقع آخر.
ومنذ بدء أحداث الأزمة في سورية لم يعد للقوات الحكومية السورية وجود في المنطقة، إلا في أحد المباني الحكومية، حيث يتحصن الجنود، ويحصلون على طعامهم وشرابهم من الإمدادات التي تجلبها لهم المروحيات أسبوعياً. واستناداً إلى محللين فإن هناك شكوكاً كبيرة بشأن العلاقة بين تنظيم «داعش» ونظام الرئيس الأسد الذي تتهمه بعض التقارير بتشجيع ظهور «داعش»، ومساعدته في تنظيم صفوفه. ويشير هؤلاء إلى أن تنظيم «داعش» مستمر طالما ظل أعداؤه متفرقين. وربما يكون التنظيم قد توقف، أخيراً، عن التمدد والسيطرة على مزيد من الأراضي، لكن في الوقت نفسه لم تُفلح الضربات الجوية، التي استمرت أشهراً عدة، في تقليص الأراضي التي سيطر عليها «داعش» في العراق وسورية العام الماضي.
وقد تم توجيه 2500 ضربة جوية للتنظيم، حتى الآن، أثرت في البنية التحتية في الأراضي التي يحكمها، وفي مواقعه العسكرية وإمكاناته الاقتصادية، حيث تحدثت تقارير ومعلومات في الأسابيع القليلة الماضية عن أن «داعش» يعاني أزمة مالية ونقصاً واضحاً في الموارد.
ويتحدث فريق من المحللين عما يجري في مدينة تكريت العراقية، حيث يشن أكثر من 25 ألف جندي عراقي، مدعومين بمقاتلي ميليشيات شيعية متشددة، هجوماً مستمراً على المدينة دون أن ينجحوا في السيطرة عليها حتى الآن، رغم أن المعلومات الاستخباراتية الأميركية تؤكد أن عدد مقاتلي تنظيم «داعش» في هذه المدينة الصغيرة لا يتعدى بضع مئات. ويشير هؤلاء إلى أن معركة تكريت توضح بجلاء أن أهم أسباب قوة تنظيم «داعش» هو تفرّق أعدائه وتشرذمهم.
وتدور تفاصيل المعركة في تكريت بدعم وإشراف وقيادة إيرانية خالصة، بينما يطالب الجنود العراقيون النظاميون بدعم جوي أميركي تقول واشنطن إنها لم تتلقَّ طلباً بذلك، وإنها لا تشن غارات جوية حالياً لدعم التقدم البري نحو تكريت.
وتخشى واشنطن من أن تتحول طائراتها إلى مدفعية جوية تدعم «التطهير العرقي» الذي تقوم به الميليشيات الشيعية ضد السنة في العراق. وباستطاعة تنظيم «داعش» أن يجند ويدرب ويسلح الآلاف، لكن استمراره يتوقف فقط على مدى وحدة أو فرقة أعدائه، وإمكانية أن يقوموا بشن حرب يقتطعون فيها أجزاءً من أراضيه. وما يعزز موقف «داعش» ما يتردد هذه الأيام من تصريحات لوزير الخارجية الأميركية جون كيري، وغيره من المسؤولين الغربيين، بضرورة العمل مع الأسد والتحاور معه باعتباره الخيار الوحيد. وحينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في مايو 2013 عن نيته مضاعفة دعمه العسكري للمعارضة السورية، كان يأمل أن يسهم ذلك الدعم العسكري في دحر نظام الأسد.
وكان كاميرون صرح بعد لقائه بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، في البيت الأبيض بأن «بريطانيا ستزود الجيش السوري الحر بمعدات غير فتاكة، مثل الدروع ومعدات الاتصالات والمولدات الكهربائية، في محاولة لوضع ضغوط على الأسد ليعلم أنه ليس هناك أي تحقيق لنصر عسكري».
وكان الجيش السوري الحر، آنذاك، عبارة عن خليط انتقائي من ناشطي المعارضة السورية المعتدلة، الذين أراد الغرب إلقاء الضوء عليهم رغم أنهم في حقيقة الأمر كانوا يفتقرون الى الوسائل اللازمة لدحر تنظيم «داعش» وجبهة النصرة، وبعد أشهر قلائل من ظهوره تجلى للجميع ضعفه واحتياجه للسلاح والعتاد، لكن تلكؤ الدول الغربية في تلبية احتياجاته أتاح ظهور التنظيمات المتشددة والجماعات المتطرفة التي غرقت في نزاعات داخلية في ما بينها وفي قتال الجيش السوري الحر، حيث سلبته زمام المبادرة والقيادة، لتبدو جبهة معارضي الأسد متصدعة ممزقة.
ولم يعد التخلص من نظام الأسد أولوية بالنسبة للغرب الآن، بالرغم من دعوتهم السابقة لتنحي ذلك النظام، وفتح المجال لانتخاب نظام آخر بطريقة ديمقراطية، ووجد الغرب نفسه، اليوم، يحاول منع سقوط سورية بأيدي المتطرفين السوريين، وهو الهدف نفسه الذي يسعى إليه الأسد الذي قيل على نطاق واسع إنه شجع على انتشار تنظيم «داعش» في شمال سورية في محاولة لشد الانتباه بعيداً عن الجرائم التي يرتكبها بحق شعبه، بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة.

تويتر