دمشق تتهم أنقرة بالقيام بـ «عدوان سافر» على أراضيها.. والأكراد يطردون «داعش» من 20 قرية بالحـسكة

توغل عسكري تركي في سوريــة لإعادة رفات جد مؤسس السلطنة العـثمانية

صورة

أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس، أن تركيا قامت بعملية عسكرية واسعة ليلاً لإعادة رفات سليمان شاه، جد مؤسس السلطنة العثمانية، وإجلاء 40 جندياً يتولون حراسة ضريحه في منطقة يسيطر عليها تنظيم «داعش»، فيما وصفت دمشق العملية التركية داخل الأراضي السورية بأنها «عدوان سافر»، محمّلة سلطات أنقرة «المسؤولية المترتبة على تداعيات» هذا الأمر، بينما سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية على نحو 20 قرية وتجمعاً سكنياً في محافظة الحسكة في شمال شرق سورية بعد معارك عنيفة مع تنظيم «داعش»، وحصلت العملية بتنسيق مع قوات التحالف الدولي الذي ينفذ ضربات جوية على مواقع التنظيم.

وتفصيلاً، قال داود أوغلو إن هذه العملية العسكرية تقررت بسبب تدهور الوضع حول الجيب التركي الصغير الذي تبلغ مساحته بضع مئات من الأمتار المربعة في قلب البادية السورية، ويضم ضريح سليمان شاه، جد مؤسس السلطنة، عثمان الأول. وأكد في مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة الجيش، وإلى جانبه وزير الدفاع عصمت يلماظ، وقائد الجيش الجنرال نجدت اوزل، أن «العملية بدأت بعبور 572 جندياً عبر مركز مرشدبينار الحدودي» جنوب شرق البلاد.

ووصفت دمشق العملية العسكرية التركية داخل الأراضي السورية بأنها «عدوان سافر»، محمّلة سلطات أنقرة «المسؤولية المترتبة على تداعيات» هذا الأمر. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر في وزارة الخارجية قوله إن «تركيا لم تكتف بتقديم كل أشكال الدعم لأدواتها من عصابات داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، بل قامت فجر اليوم بعدوان سافر على الأراضي السورية».

وتابع المصدر أن «ما يثير الريبة حول حقيقة النوايا التركية أن هذا الضريح يقع في منطقة يوجد فيها تنظيم داعش الإرهابي في محافظة الرقة (شمال)، الذي قام بتدمير المساجد والكنائس والأضرحة، لكنه لم يتعرض لهذا الضريح». واعتبر أن هذا الأمر «يؤكد عمق الروابط القائمة بين الحكومة التركية وهذا التنظيم الإرهابي». واعتبرت الخارجية السورية أن انتهاك تركيا للاتفاقية «يحمل السلطات التركية المسؤولية المترتبة على تداعيات هذا العدوان».

وقال داود اوغلو إن نحو 40 دبابة دخلت الأراضي السورية، ترافقها عشرات الآليات المدرعة الأخرى بمؤازرة الطيران، في إطار العملية التي أطلق عليها اسم «شاه فرات»، مؤكداً أن العملية انتهت من دون معارك.

وأكد رئيس الوزراء نقل الرفات «مؤقتاً إلى تركيا لتدفن لاحقاً في سورية»، مؤكداً ضمان أمن منطقة في الأراضي السورية في بلدة آشمة التي تبعد بضعة كيلومترات فقط عن الحدود لإعادة نقل رفات سليمان شاه إليها في الأيام المقبلة. وعبر عن ارتياحه «لحسن سير» العملية العسكرية التي كانت «تنطوي على مخاطر كبيرة»، وجرت في عمق نحو 35 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.

وأكد داود أوغلو أن كل القوات التركية والقوة التي تتولى حراسة الضريح عادت سالمة في وقت مبكر صباح الأحد إلى تركيا، وقد تم تدمير كل ما تبقى من بناء في المكان.

لكن المعارضة التركية انتقدت بشدة ما اعتبرته «انسحاباً قدم على أنه نصر عسكري من قبل الحكومة» الإسلامية المحافظة. وقال غورسيل تكين، الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان «للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية نخسر أراضينا من دون قتال، إنه أمر غير مقبول».

من جهته، كتب المسؤول في حزب الحركة القومية (يميني) سنان اوغان، على حسابه على موقع «تويتر» «إنها فضيحة»، مضيفاً «لقد أخفقتم في حماية ضريح جدنا الأول، وجنودنا الذين أرغموا على الانسحاب. عار عليكم».

وبثت محطات التلفزة التركية صوراً لجنود يغرسون خلال الليل العلم التركي في الموقع الجديد الذي سيضم ضريح جد مؤسس السلطنة العثمانية الذي قتل في البادية السورية في القرن الثالث عشر، فيما كان يهرب أمام زحف المغول. ونقل موقع هذا الضريح إلى مكان آخر على الأرض السورية يكتسي أهمية سياسية ودبلوماسية بالنسبة لأنقرة التي ترغب في إظهار أنها «لم تخسر» أمام المتطرفين، كما علق المراقبون. إلى ذلك، لفت داود أوغلو إلى أن «تركيا لم تحرم من أي من حقوقها في ما يتعلق بالقانون الدولي» الذي يمنح قطعة من الأرض السورية للضريح. وشدد على القول «كنا مستعدين للرد بأقوى طريقة على أي هجوم يمكن أن يستهدف قواتنا». وقد قتل جندي تركي «في حادث» أثناء عملية التوغل التركية، كما أعلنت هيئة أركان الجيش في بيان. ويقع الضريح على ضفة نهر الفرات، ويعتبر أرضاً تركية منذ التوقيع على معاهدة بين فرنسا التي كانت تحتل هذه الأراضي وتركيا في 1921. وفي عام 1973 نقل الضريح شمالاً، بسبب بناء سد، لكن الملكية بقيت على وضعها.

في سياق آخر، أعلن الإعلام السويدي، أمس، الافراج عن صحافي سويدي اعتقلته القوات الحكومية في سورية لمدة أسبوع. وكان يواكيم ميدين الصحافي المستقل (30 عاماً) اعتقل مع مترجمه الكردي الذي افرج عنه أيضاً، عند حاجز في مدينة القامشلي قرب الحدود مع تركيا. وذكر لصحيفة «اكسبرسن» أنه لم يتعرض للعنف، وسجن وحده في زنزانة «قذرة تحمل آثار دماء»، واستجوب حول علاقاته بالأكراد وتركيا وإسرائيل. وكان ميدين الذي أقر بدخوله سورية بطريقة غير مشروعة، يعمل منذ العام الماضي في المناطق الكردية في سورية، بما فيها مدينة كوباني التي استولى عليها تنظيم «داعش»، ثم استعادتها الشهر الماضي القوات الكردية، بعد معارك دامت أربعة أشهر. وفي ديسمبر اعتقل من قبل عناصر من حرس الحدود الأتراك، لدخوله بصورة غير مشروعة إلى البلاد، من مدينة عين العرب «كوباني».

 

 

تويتر