أدى اليمين الدستورية لولاية ثالثة.. ووعد بتحقيق «المصالحات المحلية»

الأسد يتوعّد الدول الداعمـــة لـ «الإرهاب» بدفــــع «ثمـن غـالٍ»

الأسد أبدى عزمه على السير في مسار «داخلي» لحل الأزمة مستثنياً أي دور للمعارضة في الخارج. رويترز

حذر الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، في خطاب القسم الذي ألقاه في القصر الرئاسي، إثر أدائه اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثالثة من سبع سنوات، من أن الدول التي تدعم «الإرهاب» ستدفع «ثمناً غالياً»، مؤكداً مواصلة «ضرب الإرهاب» والعمل في مسار «متوازٍ» على تحقيق «المصالحات المحلية» التي أنجز البعض منها خلال الأشهر الماضية في مناطق محيطة بدمشق.

وقال الأسد في الخطاب الذي بثه التلفزيون الرسمي، إن «سنوات مرت كان لهم القول وكان لكم الفعل، غرقوا في الوهم فصنعتم الواقع، أرادوها ثورة فكنتم أنتم الثوار الحقيقيين، فهنيئاً لكم ثورتكم وانتصاركم وهنيئاً لسورية».

وأضاف «أليس ما نراه في العراق اليوم وفي لبنان وكل الدول التي أصابها داء (الربيع المزيف)، (في إشارة إلى الاحتجاجات التي عرفت باسم الربيع العربي) من دون استثناء، هو الدليل الحسي الملموس على صدقية ما حذرنا منه مراراً وتكراراً، وقريباً سنرى أن الدول العربية والإقليمية والغربية التي دعمت الإرهاب ستدفع هي الأخرى ثمناً غالياً».

وقال «حذرنا منذ بداية الأحداث من أن ما يحصل هو مخطط لن يقف عند حدود سورية، بل سيتجاوزها منتشراً عبر انتشار الإرهاب الذي لا يعرف حدوداً».

ومنذ اندلاع الاحتجاجات ضده، كرر النظام القول إن ما يجري هو «مؤامرة» تقوم بها «مجموعات إرهابية» تدعمها دول عربية وغربية.

وقال الأسد، أمس، «إن كان الغرب وإمعاته من الحكومات العربية قد فشلوا في ما خططوا له، فهذا لا يعني توقفهم عن استنزاف سورية كهدف بديل».

وأبدى الأسد عزمه على السير في مسار «داخلي» لحل الأزمة، مستثنياً أي دور للمعارضة في الخارج المدعومة من دول عربية وغربية. وأضاف «إذا كان العامل الخارجي واضحاً على لسان المعتدين وأدواتهم، فإن العامل الداخلي يبقى هو الأساس لمعالجة الحالة الراهنة والوقاية من مثيلاتها في المستقبل».

وأوضح أن القرار كان «منذ الأيام الأولى للعدوان السير في مسارين متوازيين، ضرب الإرهاب من دون هوادة والقيام بمصالحات محلية لمن يريد العودة عن الطريق الخاطئ».

إلا أن الرئيس السوري شدد على أن «الحوار لا يشمل القوى التي أثبتت لا وطنيتها، فتهربت من الحوار في البدايات، وراهنت على تغير الموازين، وعندما خسرت الرهان قررت تغيير دفة الاتجاه كي لا يفوتها القطار»، في إشارة إلى المعارضة في الخارج، وأبرز مكوناتها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.

وفشلت جولتان من التفاوض في سويسرا مطلع العام الجاري بين وفدين من النظام والمعارضة، في تحقيق أي تقدم على صعيد التوصل إلى حل سياسي للنزاع.

وقال الأسد «أكرر دعوتي لمن غرر بهم أن يلقوا السلاح، لأننا لن نتوقف عن محاربة الإرهاب وضربه أينما كان حتى نعيد الأمان إلى كل بقعة في سورية».

وتوجه الأسد في خطابه إلى «السوريين الشرفاء»، معتبراً أنه «عادت البوصلة واضحة عند كثير ممن غابت عنهم الرؤية جهلاً أو تضليلاً، وانكشفت الوجوه القبيحة على حقيقتها، بعد أن سقط عنها قناع الحرية والثورة لتعمل أنيابها في الجسد».

ويأتي خطاب القسم وسط انشغال العالم بخطر «الإرهاب» المتنامي في المنطقة، وتصاعد نفوذ «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) التي شنت في الأسابيع الماضية هجوماً كاسحاً في شمال العراق وغربه، وتوسع بقعة انتشارها على حساب المعارضة السورية المسلحة في شمال سورية وشرقها.

ويأتي ذلك مع تراجع الملف السوري في سلم الاهتمامات الدولية، تزامناً مع حملة القصف الجوي الإسرائيلي على قطاع غزة، ورد حركة حماس بإطلاق صواريخ على إسرائيل.

إلى ذلك، قال عضو الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، سمير نشار، لـ«فرانس برس»، إن المنطقة «مضطربة جداً، ولسوء حظ السوريين أن هذا الاضطراب شتت انتباه المجتمع الدولي».

وتساءل «هل يركز (هذا المجتمع) على الدولة الإسلامية أو العراق أو مصر أو فلسطين؟».

وأضاف «يمكننا أن نعترف بأن بشار الأسد نجح إلى حد كبير في أن يضع نفسه في المقارنة مع داعش والتطرف». ويرى الخبراء أن عوامل كثيرة لعبت في مصلحة استعادة الأسد شرعية، ولو عبر انتخابات رئاسية اقتصرت في الثالث من يونيو على المناطق التي يسيطر عليها النظام، وندد بها العالم الغربي والأمم المتحدة.

وقالت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط لينا الخطيب لـ«فرانس برس»، إن «ضعف المعارضة السورية، وغياب الدعم الأميركي والأوروبي القوي للمعارضة، والسياسة الروسية (الداعمة لدمشق) وبعض دول الشرق الأوسط، لعبت كلها لمصلحة الأسد».

وأضافت أنه «في وقت تعاني المعارضة السورية وداعموها التفكك والانقسام، وتفتقر الى استراتيجية سياسية وعسكرية قابلة للحياة، استخدم النظام السوري الدعم المحلي والإقليمي والدولي للاستمرار».

وغابت المطالبة برحيل الأسد من قاموس الدول الغربية التي كانت تعتبر هذا الأمر شرطاً أساسياً لحل الأزمة السورية.

على الصعيد الميداني، قتل اربعة أشخاص وأصيب 22 آخرون، أمس، بسقوط قذائف هاون على حي تجاري وسط العاصمة السورية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، عقب خطاب القسم للأسد.

ونقلت «سانا» عن مصدر في قيادة شرطة دمشق قوله «استشهد أربعة مواطنين وأصيب 22 آخرون جراء اعتداءات إرهابية بقذائف هاون أطلقها إرهابيون على حي الشعلان بدمشق».

من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الانسان، سقوط قذائف هاون عدة على أحياء وسط العاصمة، مشيراً إلى «استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة أكثر من 11 آخرين بجراح».

وأفاد سكان في منطقة الصالحية بسماع دوي انفجار قذيفتي هاون بعد انتهاء الأسد من إلقاء كلمة القسم بالقرب من محافظة دمشق، اعقبها سماع صفارات سيارات الإسعاف التي هرعت إلى المكان لإسعاف الجرحى.

 

 

تويتر