الاشتباكات تصل إلى حيين مسيحيين بدمشق

وصلت المواجهات بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين، اليوم، للمرة الأولى منذ بدء الاضطرابات قبل أكثر من 16 شهراً، إلى مشارف حيي باب توما وباب شرقي المسيحيين في وسط دمشق، فيما تستمر المعارك على أشدها في حلب.

وأسفرت أعمال العنف في سورية، البوم، عن مقتل 110 أشخاص على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتواصلت، اليوم، المعارك في حلب (شمال) بين الجيش النظامي و"الجيش السوري الحر"، المكون بشكل أساسي من جنود منشقين، للسيطرة على ثاني كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد، في حين افادت بعثة المراقبين الدوليين أن القوات الحكومية تستخدم الطيران الحربي لقصف المدينة، وأن المعارضة المسلحة "تملك اسلحة ثقيلة بما في ذلك دبابات".

ميدانياً، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان عصر اليوم، أن "اشتباكات عنيفة تدور منذ أكثر من ساعة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في سوق الثلاثاء بحي التضامن بالعاصمة السورية"، موضحاً أن الحي "يتعرض لقصف مدفعي ولم ترد حتى اللحظة معلومات عن خسائر بشرية".

وشهدت دمشق فجر اليوم، لأول مرة اشتباكات في محيط حيي باب توما وباب شرقي المسيحيين بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، بحسب المرصد.

ويقع هذان الحيان بوسط دمشق القديمة ويتميزان بوجود الكثير من الفنادق وبحركة سياحية لافتة.

وقد بلغت حصيلة اليوم 110 قتلى بحسب المرصد الذي أشار إلى أن بين القتلى 67 مدنياً نحو نصفهم في ريف دمشق حيث سقط 30 مدنياً بينهم 28 في عرطوز، بالاضافة إلى 14 مقاتلاً معارضاً.

وقتل ما لا يقل عن 29 من القوات النظامية بينهم ضابط خلال اشتباكات في محافظات دمشق وادلب ودرعا وحمص.

وفي حلب التي تشهد منذ السبت هجوماً واسع النطاق شنه الجيش السوري لاستعادة السيطرة عليها، تدور معارك في الأحياء التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر.

ومنذ أمس، أفاد مصدر أمني سوري عن استقدام تعزيزات اضافية من الطرفين تمهيداً لـ "معركة طويلة الأمد" في حلب، فيما أعلن الجيش الحر الاستيلاء على ثلاثة أقسام للشرطة في المدينة بعد معارك سقط فيها العديد من عناصر قوات الامن والمقاتلين المعارضين.

وأفاد أحد قادة الجيش السوري الحر العميد عبد الناصر فرزات، اليوم، مراسل وكالة فرانس برس قرب حلب، أن المقاتلين المعارضين يسعون إلى السيطرة على مقرات المخابرات في مدينة حلب، بعد استيلائهم على ثلاثة مراكز للشرطة.

في هذا السياق، أفاد مصدر أمني في دمشق فرانس برس أن "هدف المتمردين هو الاستيلاء على مقر المخابرات الجوية في حي الزهراء الذي يقع في الضواحي الغربية لمدينة حلب".

وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن تحقيق ذلك "سيفتح الباب (امام المتمردين) على الاحياء القريبة والثرية في المدينة والتي لا يسيطرون عليها الآن"، مشيراً إلى أن المقاتلين المعارضين "يحاولون منذ خمسة أيام الاستيلاء على هذا المقر من دون أن يحققوا أي نجاح".

وذكرت صحيفة "الوطن" السورية، اليوم، أن "وحدات الجيش العربي السوري ضيقت الخناق على الارهابيين المنتشرين في أحياء شعبية عدة في مدينة حلب ونفذت عمليات نوعية في الأحياء الشرقية التي تشهد وجوداً مكثفاً للمسلحين".

كما أشارت إلى أن الجهات الأمنية "قامت بتمشيط حي باب النيرب" و"أوقعت خسائر بشرية في صفوف المسلحين الذين استهدفوا مقار أمنية ومبنى فرع حزب البعث".

ويسعى الجيش الحر من خلال معركة حلب، بحسب خبراء ومحللين عسكريين، الى الحصول على منطقة آمنة بشمال البلاد، لا سيما بعد أن سيطر المعارضون على مناطق واسعة في ريف حلب قريبة من الحدود التركية.

وعلى الجانب الآخر من الحدود بدأ الجيش التركي تدريبات عسكرية على سرعة دباباته وقدرتها على المناورة في المنطقة الجنوبية الشرقية المحاذية لسورية، بحسب وكالة أنباء الأناضول. وتأتي هذه التدريبات بعد أن أرسلت تركيا قافلة من الدبابات والأسلحة وبطاريات صواريخ أرض جو إلى الحدود مع سورية لتعزيز دفاعاتها مع تصاعد العنف على الجانب الآخر من الحدود.

وأفادت الناطقة باسم بعثة المراقبين الدوليين في سورية، سوسن غوشة، لفرانس برس أن الجيش السوري يستخدم الطيران الحربي في قصف حلب.

ولفتت إلى أن المراقبين الدوليين يملكون كذلك "معلومات مؤكدة عن أن المعارضة (المسلحة) في حلب تملك أسلحة ثقيلة بما في ذلك دبابات".

وأضافت "نحن قلقون جداً من القتال العنيف في حلب"، مشيرة إلى أن هناك تقارير عن "نزوح جماعي من المنطقة"، ومؤكدة وجود "نقص في الاغذية والوقود والغاز".

وأعلن برنامج الأغذية العالمي، اليوم، أنه أرسل مساعدة غذائية إلى حلب، مضيفاً أن "الوضع الانساني يتدهور في حلب والاحتياجات الغذائية في تزايد".

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان "إن الهجوم الجاري على مدينة حلب والذي يعرض حياة المدنيين لمخاطر أكبر، هو تطور متوقع جاء بعد نمط مقلق من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن الحكومية في أرجاء البلاد".

وأفاد مراسل فرانس برس من منطقة في ريف حلب عن قصف استمر معظم الليل على مناطق في شمال غرب المحافظة، مشيراً إلى "سقوط صواريخ غراد في المنطقة".

سياسياً، سجل انقسام جديد في صفوف المعارضة السورية غداة الاعلان في القاهرة، أمس، عن تأسيس "مجلس الأمناء الثوري السوري" من شخصيات غير حزبية، وتكليفه المعارض البارز هيثم المالح تشكيل حكومة انتقالية في المنفى.

ووصف رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا الخطوة بأنها "متسرعة" و"تضعف المعارضة، فيما اعتبرها الجيش السوري الحر في الداخل بأنها فكرة "ولدت ميتة، كونها صدرت عن فصيل واحد لا يمثل أطياف المعارضة ولا يلبي مطالب الشعب".

وفي بغداد أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط ميخائيل ليونيدفيج، خلال لقاء اليوم، على ضرورة ايجاد "حل سلمي يحقن دماء السوريين ويحقق التحول المطلوب" في سورية.

في هذه الأثناء بدأ وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، اليوم، زيارة إلى اربيل بهدف بحث أوضاع الأكراد في سورية، وفقاً لمصادر حكومية في اقليم كردستان العراق.

إلى ذلك أكدت السفارة الروسية في دمشق، اليوم، لفرانس برس أن "لا تغيير في عملها" ولا تعليمات تقضي باجلاء الرعايا الروس من البلاد بعد ادراجها اسم سورية في قائمة البلدان التي "تعيش ظروف طارئة".

وفي موسكو قال المتحدث باسم الرئيس الروسي، إن فلاديمير بوتين، سيدافع بقوة عن موقف روسيا من الأزمة في سورية عندما يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس في لندن.

وصرح المتحدث ديمتري بيسكوف، بحسب ما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية "نتوقع أن تتاح لنا فرصة أخرى لمواصلة حوارنا وأن نوضح للجانب البريطاني موقفنا الواضح والثابت بشأن المسالة السورية".

ورفض المتحدث كذلك تصريحات كاميرون التي تلمح إلى أن بوتين يرى أن على الرئيس السوري بشار الأسد التنحي، وقال "نعتقد إن السبب في هذه التصريحات هو خطأ في الترجمة".

وفي براغ أعلنت الخارجية التشيكية أن سفارتها في دمشق ستمثل المصالح القنصلية للولايات المتحدة التي أغلقت بعثتها الدبلوماسية في العاصمة السورية في فبراير.

تويتر