كل يـوم

لا تستعجلوا الحصول على المناصب..

سامي الريامي

شباب الإمارات لديهم اليوم فرصة تاريخية غير مسبوقة ولا تُعوض ليثبتوا جدارتهم، ويُظهروا مهاراتهم، ويثبتوا كفاءتهم، فقادتنا يراهنون عليهم، وتوجيهاتهم تحولت إلى خطط تنفيذية لتطوير الشباب، وإتاحة الفرصة لهم في شتى المجالات ليعملوا وينتجوا ويبدعوا ويبتكروا، وهذه الخطط ليست دعائية، ولا تهدف إلى الترويج الإعلامي، بقدر ما هي خطوات عملية ميدانية لدعم الشباب وتذليل العقبات كافة التي تواجههم.

في مقابل ذلك كانت النتيجة واضحة، وهي بروز أعداد كبيرة من الشباب الإماراتي المتعلم المبدع النشيط المتحمس، هؤلاء استفادوا من توجه الحكومة ودعمها، وكانوا على قدر المسؤولية، وأثبتوا جدارتهم، لذا لم تبخل الحكومة عليهم بإعطائهم المسؤوليات والمناصب، دعماً لهم على تميزهم، وتحفيزاً للبقية حتى يسلكوا السلوك ذاته، ويمشوا في الطريق ذاته بخطوات واثقة!

وكما ظهرت هذه الفئة، في المقابل هناك فئة أخرى من الشباب، يبدو أنهم لم يفهموا الرسالة بشكل صحيح، فهم يعتقدون أن العُمر وحده هو الطريق للوظيفة والمنصب، ولمجرد كوّن الشاب أو الشابة في قسم ما أو إدارة ما، يسبقه فيها عشرات الموظفين، فإنه يعتقد أنه الأحق بالمنصب من غيره، ويرى أن الإدارة مجبرة على أن تضعه مسؤولاً عليهم، وأن يشغل منصباً قيادياً دون أن يكون مؤهلاً لشغله، فقط لأنه شاب، والحكومة تدعم الشباب وتهتم بهم، هكذا يتصورون، وهكذا يرون الأمر بهذه السهولة!

هذه أمور واقعية للأسف، ولاحظها عدد من المديرين العامين في دوائر وجهات مختلفة، أحدهم دخل في نقاشات حادة مع شباب من هذه النوعية، فكان رده واضحاً: «نحن لن نبقى هنا على كراسينا مدى الحياة، المستقبل لكم، وأنتم من ستديرون هذا المكان، لا نقاش ولا جدال في ذلك، ولكن واجبي الآن أن أجعلكم مؤهلين للجلوس على هذه الكراسي، وعليكم أن تعملوا بجهد مضاعف، وتكسبوا خبرات عدة، وتصقلوا مهاراتكم أكثر وأكثر، عندها ستجدون المناصب في انتظاركم، فلا تستعجلوا الحصول عليها!».

لا يمكن لأحد أن يختلف مع هذا المدير، فهذه هي الحقيقة التي يجب أن يقتنع بها كل شاب، فعلى الشباب أن يتعرفوا من الآن إلى مهارات المستقبل فهي مختلفة وكثيرة، والحصول عليها يحتاج إلى جهد مضاعف، وهي ليست محصورة فقط في الجوانب العلمية والتقنية، صحيح أنها في غاية الأهمية للحصول على وظيفة ومنصب، إلا أنها وحدها لا تكفي للقيادة، فالقيادة تحتاج إلى مهارات أخرى غير علمية، فهي تحتاج إلى روح المبادرة، والجرأة، والطموح، وتحتاج إلى قوة الشخصية، والذكاء الطبيعي. كما تحتاج إلى القدرة على التحدث والإقناع وإتقان الخطابة، وتحتاج أيضاً إلى القدرة على العمل بروح الفريق، وتطوير هذا الفريق، وهي تحتاج إلى صفات شخصية تؤهل صاحبها لإدارة المهارات العلمية، وهذه جميعها أمور تحتاج إلى تراكم خبرات وتأهيل وصقل، وقد تستغرق سنوات عدة، لذا فالاستعجال في الحصول على منصب، قد يؤدي إلى عدم استمرارية الشاب في هذا المنصب حال حصوله عليه، لأنه سينكشف سريعاً إن لم يكن مؤهلاً بما فيه الكفاية للوصول إلى سدة المسؤولية.

تجربة الإمارات ناجحة جداً في مجال الاهتمام بالشباب ودعمهم، فلا تستعجلوا الحصول على المناصب. فهي الدولة الوحيدة ربما التي لم تبخل بأي منصب كان أمام الشباب، لذا فالباب مفتوح على مصراعيه أمام جميع الشباب كي يطوروا مهاراتهم، ويصقلوا خبراتهم، ويعملوا بجد واجتهاد على استكمال الجوانب كافة المؤهلة للقيادة، عندها لن يجدوا من يستطيع منعهم من الوصول إلى أعلى المناصب.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر