كـل يــوم

«صندوق الفرج» في «عام زايد»

سامي الريامي

من القصص الرائعة التي ستبقى في الذاكرة، والتي تعبِّر عن إنسانية أهل الإمارات وقادتها، حفظهم الله جميعاً، قصة تلك الفتاة المواطنة، التي اقترضت مبلغاً كبيراً من المال لمساعدة والدها في ترميم وصيانة البيت الذي يملكونه، وبناء إضافات عليه، ولأنها كانت الوحيدة التي تعمل في تلك العائلة المحدودة الدخل، تحمّلت هي عناء الاقتراض، لكنها ــ للأسف الشديد ــ تعثرت في السداد، نظراً للالتزامات الأخرى، وأثناء وجودها في دبي أواخر شهر رمضان اصطدمت بسيارة أخرى، وعند وصول الشرطة اكتشفوا أن عليها تعميماً بسبب ذلك القرض، فاضطروا لتوقيفها.

وصلت القصة إلى الخط الساخن في «الإمارات اليوم»، عن طريق «صندوق الفرج» التابع لوزارة الداخلية، الذي يعمل لمساعدة المسجونين المعسرين في قضايا مالية غير جنائية، وبمجرد نشر القصة، جاءت الاستجابة سريعة جداً في صباح اليوم التالي، وصادف أنه اليوم الأخير قبل عطلة عيد الفطر.. الاستجابة كانت مشروطة بشرط صعب، لكنه تحقق، هذا الشرط كان من صاحب الاستجابة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، حفظه الله، حيث تكفل سموه بتسديد مبلغ القرض كاملاً، فور قراءته قصة هذه الفتاة، لكنه أصر على أن تُنهي وزارة الداخلية كل إجراءات الإفراج عن الفتاة في اليوم نفسه كي تحتفل بعيد الفطر السعيد في بيتها وبين عائلتها، ورغم صعوبة ذلك، لتعدد الجهات المسؤولة وتنوعها، إلا أن الإفراج تم في يوم واحد، وقضت هذه الفتاة ذلك العيد بين أفراد عائلتها!

هذه واحدة من مئات الحالات التي استفادت من الشراكة الاستراتيجية التي تربط «صندوق الفرج» بصحيفة «الإمارات اليوم»، ومنذ أن وقّع الطرفان مذكرة تفاهم لمساعدة السجناء المعسرين، استطاعا أن يفرجا عن 1112 سجيناً تورطوا في قضايا مالية، مثل الديات الشرعية، وغيرها، ووصل إجمالي المبالغ التي تم توفيرها للإفراج عنهم إلى 97.6 مليون درهم.

هذه الشراكة، وهذا الإنجاز، وهذا الرقم المالي الكبير، كل هذا لم يكن ليتحقق لولا انتشار حب الخير في قلوب الإماراتيين، ولولا الطيبة والإنسانية وحب مساعدة الغير، التي تعتبر صفات متأصلة في الشخصية الإماراتية، فـ«الخط الساخن» يتلقى مئات المكالمات من محسنين ورجال أعمال محبين للخير، يعرضون فيها خدماتهم لمساعدة المحتاج، ونجدة المريض، والتكفل بتحمل حالات صعبة ومعقدة، ولأن شيوخنا وقادتنا هم مضرب الأمثال دائماً، فلا ننسى أبداً في «الخط الساخن» إسهاماتهم الكريمة، ومساعداتهم السخية، لعدد كبير جداً من الحالات المستعصية!

«صندوق الفرج» هو نموذج رائع للعمل المجتمعي، أسس فكرته ودعمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، فهو أول من بدأ في مساعدة السجناء المعسرين، وهو أول من فكّر في إنشاء صندوق لدعمهم، وبفضله تطور العمل في الصندوق، واستمر يؤدي تلك الرسالة سنوات طويلة، لذا فإن عطاء الشيخ زايد مستمر في هذا الصندوق، وثواب جميع المعسرين الذين اضطروا للدخول إلى السجن، بسبب قضايا مالية غير جنائية، يعود في الأساس إلى الشيخ زايد، رحمه الله، وهذا لاشك يحمِّلنا جميعاً مسؤولية مضاعفة لبذل الجهد المضاعف، لضمان استمرارية عمل الصندوق، خصوصاً ونحن في «عام زايد الخير».

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر