Emarat Alyoum

السوشال ميديا.. اللامبالاة والتشتت الذهني

التاريخ:: 21 ديسمبر 2017
المصدر:
السوشال ميديا.. اللامبالاة والتشتت الذهني

تعقدت صناعة الإعلام بشكل رهيب منذ بداية القرن الجديد، وزادت القنوات التلفازية والصحف، وظهرت المواقع الإخبارية، وولد الإعلام الإلكتروني الجديد، وهو وحده عقد المشهد أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الصناعة.

أصبحت منصات مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«إنستغرام» مصدراً إخبارياً قائماً بحد ذاته، ينقل الإعلام التقليدي منه، مثلاً تصريحات سياسي أو وزير ما عبر «تويتر» صارت أخباراً، بمعايير الإعلام التقليدي، تطبع في اليوم التالي.

عالمياً، السياسيون والاقتصاديون وأصحاب المراكز انتقلوا من الإعلام التقليدي إلى الجديد، ودخل معهم كل فرد يمتلك حساباً في منصات الإعلام الجديد (سوشال ميديا)، كل هؤلاء تحولوا إلى ناشرين، وهو ما سبّب حالة التشتت الإعلامي التي نعيشها، وعندما اختلطت الحقائق والشائعات، وتداخل الثقيل مع من لا وزن له، بات المتابع مشوشاً، وفقد الخبر زخمه وتأثيره.

أربعة أخبار مهمة من العيار الثقيل، لو وقعت منذ 10 أعوام لحازت اهتماماً أكبر من اليوم:1- اغتيال الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، على يد ميليشيات الحوثي الإيرانية.2- قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

3- قرار تطبيق «القيمة المضافة» في الإمارات بداية العام المقبل.

4- انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت بأقل تمثيل دبلوماسي من السعودية والإمارات والبحرين، بسبب الأزمة مع دوحة تنظيم الحمدين الإرهابي.

في العقود الماضية كنا نعيش مع الخبر وتطوراته أسابيع وشهوراً بسبب اقتصار مصدر الخبر على الصحف والإذاعة والتلفزيون، بينما اليوم عمر الخبر ست ساعات قبل أن يتلاشى حتى من الذاكرة، بسبب العدد الكبير من المنصات والعدد الأكبر واللامحدود من الناشرين على كل منصة، ما أسهم في تشتت الذهن أكثر من تثبيت المعلومة فيه.

أسهم تكاثر المنصات أيضاً في تخفيف وقع الخبر، فما كان مفترضاً أن يكون صادماً منذ 10 أعوام أصبح اليوم لا تأثير له، ناهيك عن الوضع العام في المنطقة واعتياد شعوبها على الأخبار السيئة إلى درجة اللامبالاة.

نضيف إلى ذلك حداثة سن أغلب مستخدمي تلك المنصات، من مواليد آخر التسعينات أو القرن الجديد، ممن لا يمتلكون ذاكرة سياسية للمنطقة، وأكاد أجزم بأن معظمهم لا يعلم من هو الرئيس صالح مثلاً، ولو كان يعلم فهو غير مهتم.

فيضان الأخبار الواردة من كل حدب وصوب على مئات المنصات التقليدية والجديدة، خلق حالة تشبع، وهي قاعدة في الحياة؛ إذ كلما زاد الشيء على حاجتنا وتكرر بشكل جنوني في يوم واحد، فإن عقولنا تعجز عن استيعابه، وبالتالي نضجر ونتركه ولا نهتم به ثم ننساه.

ختاماً: عندما غزا نظام الرئيس الراحل، صدام حسين، دولة الكويت الشقيقة عام 1990، انقسم العالم العربي في مظاهرات بين مؤيد ومعارض، آنذاك ركزت وسائل الإعلام التقليدي على الحرب فقط، التي تابعناها وحفظنا تفاصيلها رغم مرور 27 عاماً. اليوم لدينا عالم عربي غارق في نزاعات وحروب ومنقسم على نفسه أكثر وأسوأ من أي وقت مضى، ومئات المنصات الإعلامية التي لا تتوقف عن التغطية.. النتيجة تزايد اهتمام الجمهور بمباريات برشلونة وريال مدريد أو دخول السينما.. إنه التشتت واللامبالاة في أقوى صورهما.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .