كل يوم

هل يشهد 2018 انفراجاً في أزمات عربية!

سامي الريامي

لا أعتقد أنه يوجد خليجي مخلص لا يود أن يعود مجلس التعاون مترابطاً كما كان، ولا يتمنى أن يشهد العام المقبل 2018 انفراجاً في الأزمة الخليجية، ولا يتمنى أن تعيد قطر مراجعتها لسياساتها العدائية لتتقارب مع أشقائها، وتعود إلى محيطها الخليجي، لكن الأمنيات شيء والواقع بمؤشراته ودلالاته شيء آخر، ووفقاً لكل المؤشرات الميدانية وغير الميدانية، فإن الأزمة مع قطر ستستمر لفترات مقبلة، ولا يبدو إلى الآن أن العام المقبل سيشهد الفصل الأخير منها!

هذا ما يراه معظم المحللين والخبراء السياسيين، الذين شاركوا في المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي عقد، أمس، في دبي، ذلك المنتدى الذي يكتسب أهمية كبيرة عاماً بعد عام، فهو يستشرف المستقبل السياسي والاقتصادي للمنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام، ويستعرض الحالة العربية بشيء من التمحيص والتحليل، ومعظم تحليلاته ومناقشاته يحالفها الصواب، حدث ذلك بوضوح في الأعوام الماضية، ليصبح بذلك علامة فكرية مهمة في المنطقة العربية.

صحيح أن بعض المفكرين يرون أن العام المقبل قد يشهد تراجع قطر عن مواقفها، نظراً إلى صعوبة تعايشها مع المحيط الخليجي بوضعها الحالي، لكن الأغلبية ترى أن التعنت القطري سيستمر، والعناد الفكري سيتعاظم، وذلك لشعور قطر بأنها تستطيع الاستعاضة عن أشقائها الخليجيين بتوطيد علاقاتها الاقتصادية والتجارية بتركيا وإيران، وحصولها على دعم وتعاطف أوروبيين، بسبب استثمار صفقات الأسلحة التي تقدر بعشرات المليارات من الريالات لمصلحة خدمة قضيتها السياسية مع جيرانها، وهذا الشعور الوهمي بالانتصار سيزيد من مكابرة قطر وتلونها، وسيؤدي إلى استمرارية سياساتها الخارجية الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار جيرانها!

لا توجد أي مؤشرات حالية إلى إمكانية نجاح أي وساطة، ورغم أن قطر متأثرة ومتضررة بشكل كبير من المقاطعة، إلا أنها لا تريد تغيير جلدتها، ولا تنوي تغيير رؤيتها ومشروعها التخريبي، لأنها لا تراه كذلك، وأنفقت عليه مليارات لا حصر لها، لذلك فهي ترى التراجع غير ممكن، وتراهن على صغر حجمها للتقليل من تأثيرات المقاطعة في اقتصادها واحتياجاتها.

أما بالنسبة لحالة العالم العربي فلا جديد يذكر في توقعات العام المقبل، والأزمات الرئيسة ستبقى، والتحديات ستزيد، لكن مع ذلك هناك تفاؤل بانفراج عدد من الأزمات العربية، وإن كانت نسب هذا الانفراج ليست عالية، وهي كالتالي: الأزمة اليمنية مرشحة للانفراج بنسبة 42%، والأزمة السورية بنسبة 39%، والليبية بنسبة 19%، ما يجعل التفاؤل بالوضع العام العربي في أضعف حالاته للعام المقبل!

النظرة البانورامية للوطن العربي تشير إلى كثير من التحديات في مناطق مختلفة، أهمها المشهد اليمني، وتغيير في قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ما يعني تقويض حل الدولتين، ورفض إسرائيل وجود دولة فلسطينية مستقلة، إضافة إلى تحديات استمرار وجود التكفيريين، الذين لن ينتهوا بانتهاء «داعش»، بل القضاء على «داعش» زاد إمكانية انتشارهم في اليمن وليبيا وسيناء، هذا بالإضافة إلى سياسة الانكفاء الأميركية التي يقودها ترامب، والتي ستؤدي إلى تراجع أميركا عن الاهتمام بالمنطقة، والتركيز بشكل كامل على الداخل، ما يعني طمع دول إقليمية في ملء هذا الفراغ، عن طريق سياسات التمدد والتدخل في الدول العربية!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر