كل يوم

القمة ليست لحل الأزمة!

سامي الريامي

انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في الكويت، هو تتويج للدبلوماسية الكويتية، ونجاح لسمو أمير الإنسانية، صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، وحضور المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين للقمة، في ظل وجود الأزمة مع قطر، كان من أجل أمير الكويت، ومن أجل صيانة الكيان الخليجي والحرص على استمراريته.

من الطبيعي جداً أن تخفّض دول المقاطعة تمثيلها الدبلوماسي في القمة، فقادة تلك الدول غير راغبين في الجلوس بجانب من يضمر الشر لهم، ومن يحقد عليهم، ويعمل ليل نهار من أجل زعزعة استقرارهم وأمنهم وتقويض دولهم، ولم يبادر إلى اليوم بأي خطوة إيجابية صادقة للتوقف عن هذه الأعمال العدائية، لذا فلا غرابة أن تحضر دول المقاطعة القمة الخليجية تقديراً لأمير الكويت، وأن يغيب قادتها لوجود أمير قطر!

وإذا كانت دول المقاطعة حريصة على بقاء البيت الخليجي محصناً وقوياً، وراغبة في الحفاظ على مصالح شعوبها، فهي في الوقت نفسه لن تقبل بوجود عضو في المجلس يبدد كل مكتسبات المنظومة الخليجية، وعندما يُطلب منه الكف عن العبث بمقدرات ومصائر دول وشعوب المنطقة، يحتج ويرفع شعار المظلومية، ويتذرع بأن المطالب غير قابلة للتطبيق وتنتقص من سيادته، غير مدرك للأخطار المتزايدة التي تعصف بالمنطقة وتهدد مستقبلها، علماً بأنه لا أحد سيسمح بأن تضيع المكتسبات وتعيش المنطقة فوق صفيح ساخن، بسبب طيش ومغامرات عضو - غير فاعل - في المجلس.

القمة كانت روتينية عادية، وعملياً فإن جدول الأعمال لا جديد فيه، لأن بكل بساطة جميع أجهزة مجلس التعاون الخليجي معطلة تقريباً بسبب الأزمة والخلاف مع قطر، لذلك فإن مجرد انعقادها في توقيتها المحدد، هو بحد ذاته إنجاز جيد للحفاظ على الكيان الخليجي بشكله الحالي، وهذا من دون شك كان هدفاً رئيساً، لأن الخلاف والأزمة مع قطر لم يكونا أصلاً ضمن جدول أعمال القمة، ولم يكونا أصلاً محل نقاش!

من الخطأ الكبير لدولة قطر ألا تغتنم هذه اللحظة، وألا تقدر أن انعقاد القمة في حد ذاته دليل حرص من دول المقاطعة على البيت الخليجي، وألا تبادر بقبول المبادئ الستة والمطالب التي طرحت عليها من قبل دول المقاطعة، والبدء في العمل مع بقية دول المنظومة الخليجية لوضع استراتيجية لمواجهة الخطرين الإيراني والحوثي اللذين يتهددان المنطقة، ووضع خطط لنزع فتيل الأزمات وإطفاء الحرائق المشتعلة في غير مكان بالوطن العربي، كما أن إصرار الدوحة على العناد واتباع أسلوب التحدي لا يُجدي نفعاً، فالعالم اليوم يتبع نظرية «الاعتمادية» بين دوله، وليس «الانفرادية»، ومَن يختار هذا الطريق سيذبل ويموت وحيداً في نهاية المطاف.

الأزمة مع قطر لن تُحلّ في القمم الخليجية، حلها بسيط، ولا يوجد حل غيره، ويتمثل في توقف قطر عن ممارساتها العدائية، وكفها عن دعم وتمويل الإرهاب والجماعات المتطرفة، ورفع يدها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية القريبة والبعيدة، ولن يطلب منها أحد أكثر من ذلك، أما زمن الجلوس معاً، والتحدث معاً، والتقاط الصور التذكارية بابتسامة عريضة، ثم ضرب الجميع بخناجر الغدر والخديعة، وإضمار الشر المدمر للدول، فإنه انتهى إلى غير رجعة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر