مزاح.. ورماح

NDA

عبدالله الشويخ

إذا كنت مثلي «كثير الفنشان» فستلاحظ أن أغلب المؤسسات التي ستتقدم لها بوظيفة هذه الأيام تطلب منك، قبل كل شيء وقبل حتى الدخول في أي تفاصيل تتعلق بوظيفتك الجديدة التي ستكون سطراً إضافياً في سيرتك اللعوب؛ ستطلب منك التوقيع على وثيقة مكتوب عليها من الأعلى NDA، وهي وإن كان إيقاعها الموسيقي يشي برياضة أميركية حمقاء أخرى، إلا أنها اختصار للجملة الشهيرة إدارياً وتجارياً non-disclosure agreement أو «اتفاقية عدم الإفصاح»، التي يعتقد صاحب العمل (طيب القلب) أن توقيعها من قِبَلنا سيعني أنه سيضع في بطنه بطيخة صيفي، وأننا سنحترم أسرار العمل!

ألم أقل لكم إنهم طيبون! يحتاج أرباب العمل إلى أن يعرفوا نقطتين من واقع طبيعة المجتمع، الأولى أن جلسات المقاهي بطريقة ما تستلهم تجربة شركة «أبل» في عام 2008، حين أعلنت رسمياً عن إسقاط كل اتفاقات الـNDA الموقعة بينها وبين المبرمجين، لتشجع صناعة مجموعات برمجية يستفيد كل منها من خبرة الأخرى في تطوير برمجيات تعمل على بيئة «أبل»، لذا بمجرد دخولك لأي مقهى ستستمتع بمعرفة كل ما يدور في جميع المؤسسات والدوائر بناء على اتفاقية اجتماعية وعُرف بإسقاط كل الـNDA بمجرد الجلوس على الطاولة، النقطة الأخرى أن أإواننا العرب قد ضحكوا علينا بمثل «البطيخة الصيفي» إياه؛ فالمثل لا معنى له، وحاولت أن أفك شيفرته لماذا في البطن؟ وما علاقة الاطمئنان بنوع الفاكهة؟ ولماذا صيفاً؟ ولا يوجد جواب موثق!

آخر صرعات الاستهزاء بوثائق الـNDA ما تنشره مؤسسات تسويقية عدة، محلياً، عن استعدادها لبيع «قاعدة بيانات» لمن يرغب في الاستفادة منها، وتشمل: 200 ألف اسم لملاك العقارات في دبي، أعضاء فنادق ماريوت في جميع إمارات الدولة، أهم عملاء بنكَي دبي الوطني ورأس الخيمة، ملاك سيارات اللامبورغيني، أعضاء أندية الغولف، عملاء بنك أبوظبي الإسلامي وبنك الخليج الأول، عملاء شركتَي «اتصالات» و«دو»، وغيرهم الكثير، مفصلة ومنقحة، ومع معلومات أرقام الهواتف، بحيث يمكنك الاتصال بهم وعرض بضاعتك، من جهاز التنظيف السحري إلى الأواني غير القابلة للصدأ وماكينة ترشيح المياه، وبقية الاتصالات التي تعرفونها.

رسائل بيع قاعدة البيانات تصل لإيميلات مختلفة، ومن المؤكد أن البائعين ليسوا «هكرز» محترفين حصلوا عليها بطرق غير قانونية، وإنما هي نتاج علاقة مع موظف هنا وموظف هناك، يرسل ملف «إكسل» بسيطاً، والنتيجة عالم كامل من الإزعاج وانتهاك الخصوصية.

ونصيحتي للمديرين الحاذقين أن يضعوا وثيقة الـNDA مع البطيخة الصيفي سوياً في بطونهم!

Twitter:@shwaikh_UAE

#عبدالله_الشويخ

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر