كل يوم

زيادة أعداد السيارات هي المعضلة الحقيقية

سامي الريامي

عدد السيارات المسجلة في دبي تضاعف بشكل مخيف، خلال السنوات الثماني الماضية، ووصل إلى الحد الذي فاقت فيه أعداد المركبات في المدينة مدناً عالمية ضخمة مثل لندن ونيويورك وهونغ كونغ، مقارنة مع عدد السكان، ما يجعل انتشار السيارات في دبي ضمن الأكثر كثافة عالمياً!

التوقعات تشير إلى استمرار زيادة أعداد السيارات بشكل مستمر سنوياً، ووفقاً للمعطيات الحالية، من المتوقع أن يبلغ عدد المركبات في المدينة 2.2 مليون في عام 2020، إذا ما تواصلت نسبة النمو هذه، ما يجعل مؤشرات الازدحام المروري تبقى مرتفعة.

هذه المشكلة هي أساس الاختناقات المرورية، ولا يمكن مواجهتها إلا باستصدار قوانين للحد من المركبات أولاً، وإيجاد بدائل مناسبة للنقل الجماعي ثانياً، وهيئة الطرق والمواصلات في دبي تقوم بدور كبير في المحور الثاني، وهو الخاص بالنقل الجماعي، فالمترو وحده استطاع أن ينقل مليار راكب منذ تأسيسه، إضافة إلى قطاعات الحافلات والمواصلات العامة، والمواصلات البحرية أيضاً، لذا فإن التركيز في المرحلة التالية يجب أن يكون في المحور الأول وهو محور تقليص أعداد المركبات.

وهذا المحور تحديداً لا تملك هيئة الطرق الصلاحية لتنفيذه، فالقوانين المعنية بهذا الشأن يجب أن تكون على الصعيد الاتحادي، ولا فائدة من استصدار قانون محلي لمنع تسجيل المركبات ذات الموديلات القديمة مثلاً، في حين يمكن تسجيلها في إمارة ثانية، والسير بها بشكل قانوني في إمارات الدولة كافة، والأمر ذاته ينطبق على تقييد حصول رخص قيادة السيارات على مهن معينة، ومنع حصول بعض المهن التي لا تحتاج إلى سيارة من الرخصة، لذلك فالأمر يجب أن تدرسه الجهات المختصة المعنية بسن هذه التشريعات، ومن ضمنها مجلس المرور الاتحادي على سبيل المثال!

مثل هذه القوانين ليست بدعة، بل هي ضرورية ومعمول بها في معظم مدن العالم المتطورة، فالبيئة والضرر على الفرد والمجتمع والاقتصاد بسبب الازدحامات المرورية، أهم بكثير من مصلحة فرد أو شركة أو فئة معينة من المجتمع!

ما لم تصل الجهات الاتحادية إلى صيغة مناسبة للحد من زيادة المركبات، وتقييد الاستسهال الشديد في إصدار رخص القيادة، الأمر سيزداد صعوبة، خصوصاً إذا علمنا أن عدد السيارات في دبي قبل سنوات ليست طويلة، كان يقارب 700 ألف سيارة، ووصل حالياً إلى مليون و600 ألف سيارة، فهل يتخيل أحد كيفية شكل المدينة اليوم، لو أن هيئة الطرق والمواصلات لم تقم بإنشاء وتحديث وتطوير وتشييد البنية التحتية الصلبة والمتميزة من مختلف التقاطعات والجسور والأنفاق، والمسارات السريعة وغير السريعة في المدينة؟!

إنه بالفعل تحدٍ ضخم، ذلك الذي تواجهه الهيئة، فعلاوة على ذلك هناك مليون ونصف المليون سيارة تتحرك في توقيت واحد، على طرق محددة، للوصول إلى مكان واحد، إلى دبي في كل يوم تشرق فيه الشمس مرة، ومن دبي إلى الشارقة قبل غروبها، فهل يستطيع أحد تخيل حجم هذه الحركة؟ وهل تستطيع هيئة الطرق في دبي مواجهة هذه المعضلة الضخمة وحدها، إذا لم تجد مساعدة وتعاوناً وتنسيقاً ومبادرات من وزارة الأشغال والجهات المحلية في الشارقة؟

إنها مشكلة معقدة، لذلك الحل لن يأتي إلا بالتنسيق والتعاون والمساعدة من جهات محلية عدة، في حكومتي دبي والشارقة، وجهات اتحادية في وزارتي الداخلية والأشغال، والشركات العقارية شبه الحكومية والخاصة أيضاً، وما لم يتم هذا التعاون والتنسيق، فإن الحلول المطروحة ستبقى مقيّدة وغير مكتملة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر