أبواب

مرآة على بحر العرب

أحمد حسن الزعبي

أراه من أهم الاختراعات الإنسانية في القرن الجديد، إذ صمم باحثون مرآة ذكية تجبر مرضى السرطان على الابتسام عند النظر إليها لتصبح سطحاً عاكساً، بينما تبقى شاشة صماء سوداء مغلقة ما لم يبتسم لها المريض.. الكاميرا مرتبطة بإطار المرآة، وثمة برنامج يقرأ الوجه المبتسم، ويحول هذه الشاشة إلى مرآة حقيقية تستطيع أن ترى بها ملامحك وتقاسيمك وتسريحة شعرك، لكنها لا تظهرك إلا مبتسماً، وذلك إيماناً من الباحثين بأن تعبيرات الوجه تؤثر في الشعور، وتعطي انطباعاً جيداً للدماغ: «إنني بخير»!

أتمنى لو أتعرف على مصمم المرآة الذكية لأطلب منه أن يصمم لنا مرآة ضخمة طولها أكثر من 50 كيلومتراً، وعرضها كذلك، نسندها على برج سكني كبير قبالة بحر العرب، وأخرى مثلها نسندها على جبال الأطلس.

مصمم المرآة الذكية مازال يبيع اختراعه بكميات محدودة متمنياً أن تتبنّى إحدى الشركات هذا التصميم ليستطيع توزيعها في المستشفيات التي تعالج مرضى السرطان، إسهاماً منه في تخفيف الألم ورفع الروح الإيجابية عندهم.

*قلت إنني أراه من أهم الاختراعات الإنسانية لأنه يقايض الروح على السعادة، ويعيد الجرأة للمريض لممارسة عادته اليومية التي نمارسها أكثر من مرة في النهار بلا وعي أو تخطيط، أن تصنع الابتسامة ببرنامج كمبيوتر عندما يعجز الجميع عن صناعتها، هذه لفتة إنسانية رائعة.. لكن في الوقت نفسه ليس المرضى وحدهم من يحتاج إلى «مرآة تجبرهم على الابتسام»، أتمنى لو أتعرف على مصمم المرآة الذكية، السيد بيرك الهان، لأطلب منه أن يصمم لنا مرآة ضخمة طولها أكثر من 50 كيلومتراً، وعرضها كذلك، نسندها على برج سكني كبير قبالة بحر العرب، وأخرى مثلها نسندها على جبال الأطلس في المغرب، واحدة لعرب آسيا والثانية لعرب إفريقيا، وتحمل التقنية نفسها، إذ تبقى شاشة صماء سوداء مغلقة ما لم تبتسم لها الشعوب العربية.. وإذا ما ابتسم العرب أصبحت مرآة حقيقية تعكس ملامحهم وأحلامهم وآثار أوجاعهم.. فما مرّ على العرب والعروبة من حروب وانقسام وفقر وقهر أنهك الجسد العربي، وأضعف الوطن الكبير، أخطر بكثير من مرض عابر مثل السرطان يستأصل الورم إذا ما نبت أو يطفأ بعلاج كيماوي.. ما مرّ على الوطن العربي في السنوات الأخيرة أفقدنا القدرة على الابتسام.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر