أبواب

زفّة في ألمانيا

أحمد حسن الزعبي

أزاح «ماثيوس» ستارة غرفته، مساء الجمعة، فشاهد قافلة من السيارات الطويلة التي تطلق أبواق التزمير عالياً وهي تشغّل الأضواء الرباعية وتمشي ببطء شديد، فشعر بفزع كبير، ثم لاحظ خروج أحدهم من سقف السيارة وأطلق النار في الهواء بشكل متتابع، فلم يكن من المواطن الألماني إلا أن اتصل بالشرطة وبالقيادة العامة للقوات المسلّحة يخبرهم بما يجري، معتقداً أن مدينته قد سقطت بيد العرب.

حضرت الشرطة وأوقفت قافلة السيارات، وبدأت تدقق بالأوراق الثبوتية للأشخاص، طبعاً بعد أن هرب مطلقو النار وفرّ أصحاب الأسبقيات. وعندما سألت الشرطة عما يقوم به أصحاب السيارات قالوا لهم إن هذه «زفّة عرس» على الطريقة العربية، وإن إطلاق النار ليس حادثاً إرهابياً ولا شروعاً بارتكاب الجريمة، وإنما ابتهاج بزفاف أحد أبناء الجالية، وأشاروا إلى العروسين ليتأكدوا من صحة الادعاء، فتركتهم الشرطة يكملوا طريقهم مع تحذير إلى شرطة المدينة التالية أن ثمة قافلة تطلق الأبواق والرصاص اتركوهم، إنهم عرب يحتفلون بالزفاف. هذه الحادثة حصلت فعلاً قبل أيام في إحدى المدن الألمانية.

**

طبعاً قبِلَ الألمان الفكرة على مضض، وهم لا يستطيعون تفسير علاقة الفرح بإطلاق مزامير السيارات، وما علاقة الفرح بإخراج الأسلحة الخفيفة وإطلاق النار في الهواء، وما علاقة الفرح بإغلاق الطرق الرئيسة بالمركبات التي تجبر الآخرين على المشي بالسرعة البطيئة نفسها، ثم لم يتمكنوا من تفسير علاقتهم بأصحاب الفرح ليتم إشراكهم قسراً بهذه المناسبة، لكنهم احترموا الطقوس، وتركوا الناس يعبّرون عن فرحهم كما يريدون.

الحمد لله أنهم شاهدوا القشرة الخارجية لأعراسنا، أناس متأنقون يقودون سياراتهم على شكل قافلة والقليل من إطلاق الرصاص، ماذا لو شافوهم قبل الزفاف بليلة، عند الغروب وهم يرتكبون مجزرة من ذبح الخراف، حيث تسنّ السكاكين ويحتفي العريس نفسه بذبح الكبش ورفع رأس الكبش وهو يقطر دماً أمام الحضور مع الزغاريد والتصفيق، كما أنهم لم يشاهدوا كيف تُدعى العروس في الصباحية الأولى لزفافها لأكل «معلاق» أحد الخراف، وكيف تشارك طواعية في اليوم الثالث من عرسها في حشو الكوارع والكروش بالأرز المفلفل.. لو شاف الألمان كيف «تدحش» العروس الأرز في مصران الخروف الضحية بطريقة «ديناميتية» احترافية، لوقّعوها فوراً على معاهدة حظر استخدام الأسلحة النووية.

يا أخي حتى أفراحنا عنيفة والله.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر