5 دقائق

فَنَش بالاستخارة

خالد السويدي

يقول الكاتب جورج برنادر شو: «السُلطة لا تُفسد الرجال، إنما الأغبياء إن وضعوا في السُلطة فإنهم يفسدونها»، لذا لا تستغرب عندما تصادف مديراً تنفيذياً يعتقد أن الهيئة أو المؤسسة المسؤول عنها من أملاكه الخاصة التي ورثها أباً عن جد، فيقوم بأفعال غريبة، وقرارات دكتاتورية، وتسلّط ما أنزل الله به من سلطان.

• لقد أديت صلاة الاستخارة، وأرى أنه من المناسب جداً أن تقدم استقالتك.

هناك مؤشرات واضحة لهذه النوعية في المؤسسات والهيئات الحكومية، سيرتبط اسم المؤسسة باسمه ليثبت أنه كل شيء، سيظهر في كل شاردة وواردة ليلفت الانتباه، لن يسمح لغيره بأي ظهور إعلامي، فكل همّه أن يبقى البطل الأوحد في المؤسسة، وفي بعض الحالات ستجده زير نساء يطارد الموظفات ليتزوج الواحدة تلو الأخرى مطبقاً مثنى وثلاث ورباع!

أعرف مديراً تنفيذياً يمارس التسلط بطريقته الخاصة، يجيد التخلص من المواطنين الذين يمكن أن يشكلوا بالنسبة له مصدر قلق على مستقبله الوظيفي، يجردهم من الصلاحيات كافة ليكونوا بلا مسؤوليات أو واجبات، يوظف الوافدين العرب وغيرهم دون أي اعتبار لموضوع التوطين، لما لا فهو يستغلهم إعلامياً لإنجاز مصالح شخصية.

نحو خمسة مديرين في هذه المؤسسة هربوا منها بعدما ضاقوا ذرعاً بما يفعله المدير التنفيذي، وكل هؤلاء الخمسة فُتحت لهم الأبواب فباتوا أشخاصاً معروفين ومشهورين وملهمين في الدولة.

أحد هؤلاء المستقيلين حاول أن يعمل بمبدأ «اصبر على مجنونك كي لا يأتيك الأكثر جنوناً منه»، اعتقد أنه سينال التقدير المناسب، لكن هيهات أن يكون ذلك على يد المدير التنفيذي، في نهاية أحد الاجتماعات قال له بالحرف الواحد: «لقد أديت صلاة الاستخارة، وأرى أنه من المناسب جداً أن تقدم استقالتك». ذُهل صاحبي من هذه العبارة، فتقدم باستقالته حفاظاً على ماء وجهه، وحصل بعد ذلك على وظيفة جديدة في مكان آخر بامتيازات أفضل ومدير تنفيذي محترم!

هذا المدير التنفيذي ليس إلا عينة من تلك العينات الكريهة التي تمارس التسلط، ليس لمصلحة العمل بل من أجل مصالح شخصية في المقام الأول، ونحمد الله أنّها نوعية مهددة بالانقراض، ولا يمكن أن تستمر طويلاً في عالمنا الذي تظهر فيه كل الخبايا والأسرار.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر