كل يوم

الدرب واضح!

سامي الريامي

بعيداً عن السياسات الغامضة، وعن المواربة والتخبط، والتناقضات الميدانية والفلسفية، وبعيداً عن المناورات الدبلوماسية، والتدليس الإعلامي، وعن كل الممارسات العدائية في الظلام، والعمليات غير المنطقية التي تدار من تحت الطاولة!

بعيداً عن كل هذه الممارسات القطرية، فإن «الدرب واضح»، والطريق لخروج قطر من أزمتها لا يحتاج إلى كل ذلك التعقيد، فإما الرجوع إلى حُضن دول المجلس حيث الجيرة والأخوة، وإما المزايدة والاستمرار في النهج العدائي المتناقض لتخسر قطر إخوانها وأهلها وجيرانها في دول المجلس!

«الدرب واضح»، قصيدة بليغة الكلمات، غزيرة المعنى، من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لخص فيها الأزمة الحالية التي تمر على دول مجلس التعاون، وعبّر فيها بكل قوة ووضوح عن موقف دولة الإمارات وشعبها، قبل أن يعبّر فيها عن رأيه، فكلامه يمثلنا جميعاً، قيادة وشعباً، ورأيه هو عين العقل، ومفرداته تخاطب القلوب والعقول معاً، واختار سموه الشعر تحديداً ليُخرج ما في خاطره من أحاسيس ومشاعر غلّفها برأيه وتحليله وموقفه من الأزمة، لأن الشعر هو الأقرب لقلوب العرب، وهو أبلغ من التصريحات السياسية، وهو خالد باقٍ سيسجله التاريخ في سجلات الحكمة والبلاغة والأمثال الخالدة.

الموقف في الإمارات واحد، وسياسة الإمارات ثابتة، والشعب جميعاً ملتفون خلف القادة، لأنهم يعرفون جيداً من هم هؤلاء القادة، نعرف أخلاقهم ومبادئهم وحرصهم على الجيرة والأخوة والوحدة الخليجية والعربية، ولا نقبل أي مزايدات على ذلك، وجميع من يحاول اللعب على وتر الاختلاف بين الإمارات فهو خائبٌ وخاسر ومخطئ، لذلك صدح فيها محمد بن راشد، قالها وأكدها مراراً، وأعاد تأكيدها بشكل واضح جلي:

عـونـي وأخـويِـهْ وإنْ أنـاديـهْ جـانـي

                    وإذا يــنــاديـنـي ألَـــبِّـــي عــشــانـهْ

هــــذاكْ بـوخـالـدْ ومـــا عــنـهْ ثــانـي

                  اللهْ رفَـــــعْ قَــــدرَهْ وبـالـعَـقـلْ زانــــهْ

والـوَقـتْ فــي أمــرَهْ وطــوعْ الـبـناني

                  مــنْ هـيـبتهْ تـمـوتْ الـنِّفوسْ الـجَبانِهْ

أنـــــا وهــــوهْ لــدارنــا بـالـضِّـمـاني

                  عَ قــلــبْ واحـــدْ حـافـظـينْ الأمــانِـهْ

بكل إخلاص ومحبة، يخاطب محمد بن راشد القيادة القطرية، ويدعوهم إلى احترام الجيرة والأخوة، واحترام تعهداتهم السابقة، ويذكّرهم بالروابط التاريخية والاجتماعية التي هي أقوى من أي روابط سياسية مرتبطة بمصالح وقتية من أجانب لا تربطهم بهم سوى تلك المصالح، ومتى ما أخذوها تركوا المنطقة، وتركوا قطر، يذكّرهم بذلك فيقول:

والـجارْ قَـبلْ الـدَّارْ جـا فـي الـمعاني

                       وكـنَّـا نـعـينهْ وهــوُ لـنـا فــي الإعـانِهْ

مــنْ مـنـبَتٍ واحــدْ وشَـعـبْ وكِـياني

                      دَمْ ولَــحَـمْ واحدْ وأرضْ وديــــانِــــــهْ

وتَــدري قـطـَرْ أنَّــا لَـهـا ظِــلْ دانــي

                      عــنْ الـغـريبْ وعــنْ ضـعـيفْ الـمكانهْ

       مــا هـي مـصالحْ بـالسياسهْ تـهاني

يـاغـيـرْ خـــوِّهْ جـــارْ والــحَـظْ خـانِـهْ

استجابة قطر لمطالب إخوانها في دول المجلس ليست ضعفاً، ولا ذُل فيها كما يصوّر لها ذلك الأعداء و«الأفاعي» التي تحتضنهم الدوحة، ويريدون تدمير دول المجلس وإشعال الفتنة بين شعوبها، بل هي اتباع لصوت العقل، وهي السبيل لإعادة الأمن والاستقرار لدول وشعوب مجلس التعاون، وهي الطريق الصحيح لوأد الفتنة والشر، وآن الأوان لذلك.

الدرب الذي أوضحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، هو درب العقل، ودرب الهداية، ودرب الأمن والأمان، من دون مزايدات، ولا مبالغات، وعلى النظام القطري اختيار طريقه، طريق الأخوة ودول المجلس أو الابتعاد عنهم، ولا يوجد طريق ثالث.

والـــدَّربْ واضـــحْ مـنـهجهْ بـالـعياني

                  والــبــابْ مــفـتـوحٍ ومــحــدَّدْ مـكـانـهْ

ودربٍ إلــىَ الـرحـمنْ خـيـرْ وجـنـاني

                  أحسَنْ منْ الشِّيطانْ وأهلْ الشِّطانِهْ

وإنْ مـابـغـيـتـوا دربــنــا بـإمـتـنـاني

                   فــكــلْ واحـــدْ لـــهْ طـريـجـهْ وشــانـهْ

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر